ساهمت الثورة الصناعية في وضع ابتكارات للعديد من الممارسات التي تساهم في تغير المناخ، وفى المقابل يساهم الأن التحول الرقمي في تقديم حلول لخلق عالم أكثر استدامة، واستطاع التحول الرقمي حل العديد من المشاكل التي يواجهها عالمنا مع محدودية الموارد الطبيعية. فالثورة الرقمية التي يشهدها عالم اليوم تصحح العديد من المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالاستدامة ونمو الأعمال. فغالبية الكيانات الاقتصادية الكبرى تتبع نهجا تكنولوجيا من أجل تحقيق معدلات مرتفعة من الاستدامة، وتساهم الحلول الرقمية اليوم على تحويل كميات لا نهائية من البيانات إلى معلومات ذات قيمة ويمكن استيعابها من أجل زيادة معدلات الاستدامة للشركات. ووفقا لدراسة حديثة أجرتها شركة شنايدر إليكتريك، الرائدة عالميا في مجال التحول الرقمي لإدارة الطاقة والتحكم الآلي، فإن 80 % من الشركات تقوم بجمع البيانات على الرغم من أن 55 % فقط من تلك الشركات لديهم الأجهزة والبرمجيات اللازمة لجمع الطاقة وفرص توفير الكربون بكفاءة. وفي مجال التصنيع، الجيل الجديد من برمجيات الشركات أكثر تطورا، كما أن الأجهزة المتصلة مثل أجهزة الاستشعار أبسط وأصغر وفي الوقت ذاته أكثر ذكاءً. وفيما يخص السحابة، تعمل التحليلات والتعلم الآلي بشكل متوازي لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بدءًا من العمليات على مستوى الشركة ووصولاً إلى العمليات الفردية. وقد عمل فريق الاستدامة التابع لشركة شنايدر إليكتريك مع مؤسسة Whirlpool لتحديد مسارات البيانات الرئيسية ونشر نظام إدارة الطاقة والاستدامة والذي يطلق عليه EcoStruxure Resource Advisor لتتبع وتقييم الأداء عبر مرافق الشركة في جميع أنحاء العالم. وتستطيع مؤسسة Whirlpool الآن تحويل جهود الاستدامة إلى قيمة أعمال ملموسة، على سبيل المثال، من خلال معرفتهم أن لديهم 20 مليون رطل من نفايات الكرتون المموج في مصانع أوهايو وحدها، فإنهم يتوقعون توفير أكثر من مليون دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة وذلك في ولاية واحدة فقط داخل منطقة واحدة. - معادلة نمو الأعمال وتدعيم القيم البيئية لتحقيق النمو الاقتصادي هناك تأثيرات بيئية متوقعة، وهذا يتطلب اعتماد نماذج أعمال تعتمد على اقتصاد دائري يتعدى حدود الدائرة الثلاثية التي تشمل: الحد من الاستهلاك، إعادة التدوير، وإعادة الاستخدام وتبني نهج بديل يعتمد على خمس محاور: (الإصلاح وإعادة الاستخدام، التجديد، إعادة التصنيع، وإعادة التدوير). وبالاعتماد على الاقتصاد الدائري نوفر للأعمال القائمة آفاقا جديدة لزيادة الكفاءة والنمو، ومن أبرز الأمثلة على ذلك، قيام شركة تصنيع السيارات الأوروبية "رينو" بإعادة تصنيع قطع غيار السيارات الخاصة بها مثل مضخات حقن وعلب تروس وحاقنات وضواغط هواء تربو. وهذه الأجزاء أقل تكلفة بنسبة 30٪ -50٪ من الأجزاء المصنّعة حديثًا كما لا تخلف مصانعها أي مواد إلى مدافن النفايات وتستخدم العملية موارد أقل بكثير مقارنة بالإنتاج الجديد، مما يعني طاقة أقل بنسبة 80٪ واستهلاك مياه أقل بنسبة 88٪ ومنتجات كيميائية أقل بنسبة 92٪. وتضمن عملية التحول الرقمي تحقيق نموذجًا اقتصاديًا دائريًا للعديد من الأنشطة التجارية من خلال الاتصال والتواصل الأفضل مع العملاء. ويصاحب هذا قدرة غير مسبوقة على تتبع المنتج عبر جميع المراحل بداية من المواد الخام ووصولا بمرحلة إعادة التدوير. كما يمكّن التحول الرقمي من تحسين عمليات التصنيع التي تعتمد على البيانات، حيث تساعد الردود والتنبيهات الفورية على تقليل النفايات وخفض التكاليف وتحقيق الكفاءة. كما يمكن تحقيق مستويات أفضل من الكفاءة من دورات الاستخدام الموسعة التي توفرها أنظمة المراقبة المتصلة التي تدعمها تقنية إنترنت الأشياء الصناعي، كما يعمل التحول الرقمي على إعادة تطوير خدمات جديدة مبتكرة وتعديل العروض وبرامج الاستعادة وغير ذلك. - الاستدامة ونمو الأعمال وفقًا لتقرير حديث لشركة شنايدر إليكتريك، بدأ صانعو القرار يشهدون معدلات عائد ملحوظة خلال 12 شهرًا فقط من تطبيق التكنولوجيات الحديثة. وحوالي 75 ٪ من بين الذين شملهم الاستطلاع يتوقع أن يكون لديهم القدرة على ربط الأشخاص والعمليات والبيانات بذكاء من خلال الأجهزة وأجهزة الاستشعار خلال عام واحد. وعندما يتعلق الأمر باستدامة الشركات والأعمال الصناعية، فالحلول أصبحت متاحة، وتتوافر الأدوات لذلك الأن، وعلى الكيانات الصناعية الاستفادة من الفرص المتاحة لخلق أكثر من مجرد عالم مستدام صحي، بل وخلق اقتصاديات قوية مترابطة وأعمال مزدهرة ومرنة جاهزة للمستقبل.