منذ فترة ليست بالقصيرة تشهد نقابة الأطباء أزمات متتالية، آخرها تلك التي ارتبطت بشهادة "البورد المصرى"، التى اعُتمدت كشهادة إكلينيكية للتخصصات الطبية، ويعتمد إصدارها على التدريب أثناء العمل.. وتكمن المشكلة التي تؤرق شباب الأطباء في الرسوم الإلزامية التى جعلت حصول الطبيب الشاب على الدراسات العليا اللازمة لاستكمال تطوره المهنى والوظيفى مستحيلاً، نظرا لأن الهيئة المسئولة عن الشهادة ألزمت كل طبيب بسداد 6 آلاف جنيه قبل أن يبدأ فى دراستها وهو أمر يفوق مقدرة الطبيب الشاب. وأشار الأطباء إلى أن هذه الشروط تخالف نص القانون 14 لسنة 2014، الذى يؤكد التزام وزارة الصحة بتحمل تكلفة الدراسات العليا للأطباء، ورغم ذلك لم تقم بسداد رسوم الماجستير أو الدكتوراه لأى طبيب منذ صدور قانون 14 من 4 سنوات وحتى الآن، علما أن شهادة "البورد" جاءت لتحل محل شهادة الزمالة المصرية، فهى شهادة إكلينيكية للتخصصات الطبية تعتمد على التدريب أثناء العمل، ولكن الفارق أنها كانت تضمن صرف مرتب الطبيب من جهة عمله الأصلية، وتتحمل وزارة الصحة رسوم الدراسة والتدريب، مع تحمل الطبيب رسوم رمزية 600 جنيه فقط فى العام . وقد هدد عدد من الأطباء بتقديم استقالات جماعية، خلال الجمعية العمومية الطارئة التي طلب عقدها عدد من أعضاء النقابة، يوم 22 يونيو الجاري؛ ردًا على ما وصفوه بتجاهل الحكومة المتعمد لتلبية مطالبهم، حيث يطالب الأطباء بضرورة النظر فى الشروط الجديدة لشهادة "البورد"، وإصدار قرارات حكومية "واضحة" بتوفير الحماية للأطباء أثناء تأدية عملهم، على خلفية الاعتداءات التي تعرض لها عدد من الأطباء مؤخرًا. كما يطالب الأطباء بالتزام السلطات التنفيذية بتفعيل قوانين الدولة وتنفيذ الأحكام القضائية خاصة رفع بدل العدوى من 19 جنيهًا إلى ألف جنيه، إضافة إلى اتخاذ إجراءات فعلية لتحسين أوضاع الأطباء ومنحهم حقوقهم العادلة تنفيذًا للدستور. ويقول الدكتور أسامة عبد الحي وكيل النقابة العامة للأطباء إن أزمة شباب الأطباء تتمثل فى قبول 857 طبيب فقط من آلاف الأطباء المتقدمين، وهو أمر خطير خاصة بعد طلب الهيئة منهم سداد 6000 جنيه مصاريف "البورد" للسنة الواحدة لكل الأطباء المقبولين، وما زاد الأمر سوءً هو رفض الهيئة الحديث حول تقليل نسبة الرسوم، باعتبار أنها هيئة مستقلة عن وزارة الصحة، وليس لها علاقة أيضاً بصرف مرتبات الأطباء بعد إخلاء طرفهم من المستشفيات التى كانوا بها، وبالتالى لا يوجد أى وضوح للجهة التى ستقوم بصرف راتب الطبيب أثناء الدراسة والتدريب، خاصة بعد اشتراطها ضرورة إخلاء طرف الطبيب من جهة عمله الأصلية، ليبدأ فى التدريب لخمس سنوات للحصول على شهادة "البورد"، وهو الأمر الذى لا يقبله معظم الأطباء. وأشار إلى أن مجلس النقابة يسعى بكل جهده لحل الأزمة من خلال إرسال خطاب للدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة، يطالبه فيه بضرورة أن تتحمل الوزارة تكاليف الدراسة في برنامج الحصول على شهادة "البورد" المصري أسوة بشهادة الزمالة المصرية. وأضاف أنه جارى حالياً التفاوض مع الوزارة من أجل تفعيل قانون 137 الذي صدر منذ ثلاثة أعوام والخاص بتحمل جهة العمل مصروفات الدراسات العليا، لافتاً إلى أن الهدف من هذه الشهادات تخريج طبيب ماهر وكفء يصب في مصلحة المريض، ويحسن من مستوى الخدمة الطبية المقدمة في المستشفيات. ومن جانبه، أكد الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب بجامعة عين شمس، وأمين الصندوق الأسبق بنقابة الأطباء، أن شهادة البورد هى شهادة مهنية، يأخذها الطبيب لضمان التدريب العملي له إلى الجانب الأكاديمي، والتى تشبه درجة الزمالة في مجال الطب للخريجين من كليات الطب المختلفة. وأشار إلى أن الشروط التى وضعت مؤخرا للحصول على شهادة البورد، مبالغ فيها خاصة أن قانون 14 ينص على أن تتحمل وزارة الصحة كافة التكاليف، ورغم تأكيد أمين عام هيئة التدريب الإلزامي المشرفة على البورد أن هذا المبلغ رمزي لضمان جدية المتقدم للدراسة، إلا أن الكثيرين من الأطباء يرفضونه لأنه سيتسبب فى زيادته فى المستقبل، فضلا عن تدنى مرتباتهم التى لن تجعلهم يسددون هذا المبلغ الضخم كل سنة.