يبدو أن الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري يصر على تكرار أخطاء سابقيه فى ملف سد النهضة الإثيوبى، وهذا ما ظهر بشكل واضح في التصريحات المغلوطة وغير الدقيقة التى يصدرها بين الوقت والآخر، إضافة إلى انعدام الشفافية والتي خلقت حالة من عدم الثقة في إدارة الوزارة لهذا الملف الحيوي ومن ثم كانت النتيجة هي فشل الدولة في تحقيق أى خطوة إيجابية فى قضية السد الذى أوشك الإثيوبيون على الانتهاء من بنائه، بينما أضاع المصريون الوقت فى رحلات ومباحثات واجتماعات لم تأت بأى ثمار. ففي الوقت الذى كانت تنفى فيه وزارة الرى، أى تصريحات على لسان الوزير يتضمن تحديد موعد نهائى لتوقيع عقود المكتب الاستشاري لدراسات سد النهضة الإثيوبى، خرج الجانب السودانى ليؤكد أنه هو صاحب القرار فى عقد الاجتماع وتحديد الموعد دون علم "عبد العاطى" وفى غياب تام للجانب المصرى، الذى لم يحرك ساكنًا، حيث أعلنت السودان بشكل رسمى أن غدًا الثلاثاء هو الموعد المحدد للتعاقد مع المكاتب الاستشارية المنفذة للدراسات الفنية لسد النهضة الاثيوبى بحضور 12 عضوًا من أعضاء اللجنة الوطنية الثلاثية التى تضم مصر والسودان وإثيوبيا فى الخرطوم، وذلك فى احتفالية سيشهدها وزراء الموارد المائية والرى بالدول الثلاث. وقال سيف الدين حمد عبد الله رئيس اللجنة الوطنية الثلاثية السودانية لسد النهضة فى بيان صحفى إن شركتين استشاريتين فرنسيتين الأولى الرئيسية وهى شركة BRL والثانية وهى شركة Artelia حازتا على عقد الدراسات الإضافية لدراسة آثار سد النهضة على دولتي المصب (مصر والسودان). الغريب أنه رغم هذه التأكيدات الرسمية السودانية ، قابلها تجاهل ونفى تام من قبل وزير الرى المصرى، علمًا أن اجتماع التوقيع على العقود كان محدداً له يومى 5 و 6 سبتمبر الجارى. وبعد تولى الدكتور محمد عبد العاطى وزارة الرى فى مارس الماضى، خلفًا للدكتور حسام مغازى الذى اعتبره البعض الأسوأ فى تاريخ الوزارة، استبشر الخبراء والمهتمون بالملف خيرًا بتوليه لهذا المنصب، وبمرور الوقت اتسمت المفاوضات بالجمود والتزم "عبد العاطى" الصمت ولم يدل بأى تصريحات علن الملف واكتفى بتأكيده على انه سيعمل على السيناريوهات المختلفة لإدارة أزمة سد النهضة، إضافة إلى عقد اجتماعات دورية مع المسئولين عن الملف فى الوزارة السابقة للاستفادة من خبراتهم، وأكد بحثه التام ومعرفته الجيدة بالملف منذ أكثر من 5 سنوات، وأن لديه كل المعلومات والتفاصيل عنه بحكم منصبه السابق كرئيس لقطاع مياه النيل. وفى ابريل الماضي وبعد توليه الوزارة بأقل من شهر قام "عبد العاطى" بزيارة مفاجئة للسودان استغرقت يومين، ثم توجه منها إلى إثيوبيا ليشارك فى القمة الإفريقية الثانية للبنية التحتية التى تتحمل المناخ والتى عقدت فى أديس أبابابأثيوبيا يومى 20 و21 أبريل الماضي والتي ناقشت موضوع تطوير البنية التحتية القادرة على تحمل المناخ فى افريقيا، وانتظر الكثيرون نتيجة الاجتماعات المغلقة التى جمعت "عبد العاطى" ونظيرة الإثيوبي، إلا أن الوزير لم يفصح عن نتائج الزيارة . وفى أول مايو الماضي، تم عقد اجتماع للجنة الثلاثية الوطنية المعنية بسد النهضة الإثيوبى التى تضم خبراء من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، بأديس أبابا بهدف التوصل إلى توافق حول النقاط العالقة بشأن الدراسات الخاصة بسد النهضة، ولم يصرح الوزير عن أى جديد فى سير المفاوضات واكتفى بالقول إن الدراسات الفنية فى سد النهضة ستكون بمبدأ "لا ضرر ولا ضرار"، حتى ولو كانت هناك بعض المشاكل فسيتم العمل على تخفيف حدتها أو القضاء عليها إذا أمكن. وفى يونيو الماضي أعلنت وزارة الموارد المائية والري الانتهاء من صياغة عقد الاستشاري الخاص بسد النهضة، وبدأت المشاورات بين البلدان الثلاثة لتحديد موعد للتوقيع على العقد مع الشركة المنفذة للدارسة لكى تبدأ عملها، وجاء تحديد الموعد عن طريق السودان. من جانبه قال المهندس وليد حقيقي المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية والري، إن الاجتماع المزمع عقده غدًا بالخرطوم، سيشهد التوقيع على العقد الخاص بدراسات سد النهضة مع المكاتب الاستشارية الفرنسية وذلك في إطار تنفيذ توصيات اللجنة الدولية للخبراء والتي أوصت بعمل دراستين وهما دراسة محاكاة الموارد المائية ونظام التوليد الكهرومائي وتقييم الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي العابر للحدود. وأوضح أن عدم التصريح بالموعد المحدد لتوقيع العقود، جاء حرصًا من الوزارة على عدم الإعلان عن موعد غير واضح ومحدد، مشيرًا إلى أن الاجتماع كان مقرر له يومى 5 و6 من الشهر الجارى، ولكن نظرًا لعدم حصول مندوبى المكتب الاستشاري على تأشيرة دخول السودان تم تأجيل الموعد. وقال حقيقى إنه بعد توقيع العقود سيتم عقد الاجتماع الثاني للدورة السادسة والخمسين للهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان في مدينة الدمازين بجنوب شرق السودان خلال الفترة من 22إلى 28 سبتمبر الجاري وسيتخلل الاجتماع زيارات ميدانية لسد الروصيرص وبعض المشروعات الزراعية الكبرى علي النيل الأزرق.