أكد مراد يتكين، المحلل السياسي بصحيفة حريت التركية، أنه قبل بضعة أسابيع، دأب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على مطالبة نواب الحزب الحاكم، العدالة والتنمية( آ كي بارتي) في البرلمان التركي، بالعمل على صياغة دستور جديد بهدف تحويل تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي. ولكن، يبدو أن تلك المساعي تراجعت حالياً، وخاصة بعد تسرب معلومات إلى وسائل الإعلام من داخل أوساط نواب حزب أردوغان، عن أن مشروع تغيير النظام قد يتأخر عرضه على البرلمان إلى الخريف المقبل، أي بعد انتهاء العطلة الصيفية. من جهة أخرى، يلفت يتكين إلى بيان صدر عن أردوغان قبل أيام، يحض فيه النواب من آي كي بي، على الاستعجال بتعديل اللائحة الداخلية في البرلمان، على أن يتم ذلك قبل بدء العطلة الصيفية في يوليو،المقبل. ولا يحتاج هذا التعديل سوى لموافقة غالبية بسيطة في البرلمان، ويكفي لتأمينها موافقة أعضاء آ كي بي. ويقول الكاتب إن تعديل اللائحة الداخلية الذي يطالب به أردوغان، سيؤدي لتقييد تحركات أحزاب معارضة للحكومة، ويقلل المدة الممنوحة لتلك الأحزاب لمناقشة مشاريع ومسودات قوانين معروضة على البرلمان. ويعتبر الرئيس التركي مسألة مناقشة القوانين والمسودات مضيعة للوقت وتعرقل التنفيذ السريع لبرامج الحكومة، متجاهلاً مطالب بشأن وجوب مشاركة البرلمان في فرض نظام الضوابط والتوازنات. ويقول يتكين، عند الإجابة على سؤال حيال "توقيت وسبب تعديل اللائحة الداخلية الآن": "يتضح أنه عندما يحين موعد إجراء التعديل الدستوري، يرغب أردوغان بأن يتم ذلك بسرعة، ودون إبطاء ناجم عن تحركات واستفسارات، أو مناقشات تفصيلية تجريها المعارضة. وقد تمت مثل تلك المحاولات عدة مرات، وليس في تركيا لوحدها". ويرى الكاتب أن خطة الحكومة لإجراء تعديل شامل في المحاكم العليا في تركيا، ليست معزولة عن محاولات لدعم دور الجناح التنفيذي في الدولة. وقد لقيت خطوات لإعادة هيكلة محكمة الاستئناف العليا، ومجلس الدولة انتقادات شديدة لأنها تقضي بإعلاء كلمة الجهة التنفيذية على القضاء. وتدعي أحزاب تركية معارضة أن التعديلات غير دستورية، ولكن وزير العدل بكري بوزداغ ينفي تلك المزاعم، ويصر على أن البرلمان هو الجهة الوحيدة القادرة على تعديل القوانين والدستور. ولكن من منظور حزب العدالة والتنمية، يشير ذلك لأهمية تعديل اللائحة الداخلية للبرلمان من أجل تسريع مجريات سن القوانين أو تغييرها. ولكن، وبحسب يتكين، تشير ملاحظات رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، عند مخاطبته، في 14 يونيو مجموعة النواب عن حزب العدالة والتنمية، بأن مشروع الرئاسة حسب تصور أردوغان ما زال بحاجة إلى توضيح. وقد تحدى يلدريم رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليجدار أوغلو، بدعوته لمناقشة مسألة التحول نحو نظام رئاسي على الطراز الأمريكي. وقد قبل كليجدار أوغلو التحدي. ولكن، مسألة الصلاحيات المستقلة لكل ولاية على النموذج الأمريكي، ليست تلك هي القضية الوحيدة المطروحة على بساط البحث. فقد أشار أردوغان في عدة مناسبات إلى أن سلطة الكونغرس والمحكمة العليا تحد من سلطات الرئيس المنتخب عبر الإرادة الشعبية في الولاياتالمتحدة. كما عرف عن الرئيس التركي رغبته بتطبيق نظام تقل فيه المراقبة والتوازنات، وبحسب تعبيره "نظام لا يبطئ من سرعة عمل الجهة التنفيذية في خدمة الشعب". ولهذا السبب، يلفت يتكين إلى صعوبة فهم تعليقات يلدريم التي أطلقها قبل يومين، ما لم تعتبر بمثابة محاولة لاختبار ردود الأفعال، وطرح أفكار تلهي كل من المعارضة والرأي العام. في المقابل، ربما تشير تلك التطورات لاحتمال بدء تشكيك أردوغان بجدوى واستدامة النظام الرئاسي في تركيا.