أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ان أمريكا لن تصمت على الاعتداءات التركية ضد الأكراد , مشيرة إلى أن عداء الحكومة التركية تجاه الأكراد يجر البلاد بقوة نحو الحرب السورية، بما يعقّد ساحة المعركة ويشعل توترات جديدة بين أنقرةوالولاياتالمتحدة، كما أن الصراع مع الأكراد يعرض تركيا لمخاطر الدخول في صراع مباشر مع روسيا، وهو ما يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار بالمنطقة. وأكدت الصحيفة أن تركيا خشيت التطلعات الكردية لإقامة دولة مستقلة طويلاً. والأكراد مجموعة عرقية من 35 مليون نسمة موزعين في سورياوالعراق وإيران وتركيا التي تضم حوالي 15 مليون نسمة. في الخريف الماضي، في خطوة محسوبة سياسياً قبل انتخابات هامة، استأنف الرئيس رجب طيب أردوغان الحرب ضد حزب العمال الكردستاني الانفصالي في جنوب البلاد. وفي الآونة الأخيرة، بدأت قواته مهاجمة المسلحين الأكراد في سوريا. وترى الصحيفة إن جزءاً كبيراً من المشكلة يرجع إلى رفض أردوغان الاعتراف بفروق مهمة بين الجماعتين الكرديتين. وتعتبر الولاياتالمتحدةوتركيا "حزب العمال الكردستاني" جماعة إرهابية؛ فقد أعلن الحزب مسؤوليته عن تفجيرات وهجمات هزت تركيا. على النقيض من ذلك، ترى الولاياتالمتحدة أن أكراد سوريا ليسوا إرهابيين، وإنما خصم فعال ضد داعش، ويركزون على حماية المناطق الكردية في سوريا من الحرب الأهلية، وتمدهم واشنطن بالاستخبارات والمساعدات. وأثارت تركيا مزيداً من التوتر في الأسبوع الماضي، كما تبين الصحيفة، من خلال إلقائها اللوم على الأكراد السوريين في تفجير أنقرة الذي أسفر عن مقتل 28 شخصاً، ونفى الأكراد السوريين مسؤوليتهم عن الحادث. وصرح مسؤولون أمريكيون أن الجناة على الأرجح مجموعة منشقة من حزب العمال الكردستاني، وذهب أردوغان إلى حد مطالبته الأمريكيين بين الاختيار بينه وبين الأكراد السوريين، وهو الطلب الذي رفضت واشنطن الرد عليه. ونوّهت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة حثّت أردوغان على وقف هجماته ضد الأكراد السوريين، الذين يسيطرون الآن على معظم الحد البالغ طوله 565 ميل مع تركيا ومن المحتمل أن يسيطروا على القسم الأخير من الأراضي بما يمنحهم منطقة متاخمة. وصرح مسؤولون أمريكيون أن الأتراك وافقوا على إيقاف القتال الذي تفاوضت حوله الولاياتالمتحدةوروسيا ودخل حيز التنفيذ يوم السبت. وكشفت الصحيفة أن واشنطن طلبت من الأكراد السوريين عدم الانسياق وراء الرغبة في استغلال فوضى الحرب لبسط نفوذهم على مزيد من الأراضي، ومن الممكن أن تؤدي أي محاولة من جانبهم للمطالبة بالرقعة الأخيرة من الأرض على طول الحد المتاخم لتركيا إلى إثارة غضب أردوغان ولجوئه للقوة العسكرية. وهناك قلق من أن ترد روسيا على تركيا نيابةً عن الأكراد، حيث تغازل روسيا الولاء الكردي عبر توفير غطاء جوي جيد لعملياتهم، ولعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبحث في واقع الأمر عن عذر للانتقام من تركيا لإسقاطها طائرة روسية ضلت طريقها في المجال الجوي التركي في نوفمبر (، لكن ينبغي على أردوغان، بحسب الصحيفة، أن يقاوم الفرص التي قد تمنحه العذر للقيام بأي عمل انتقامي. وتخلص الصحيفة، في ختام افتتاحيتها، إلى أن مشاكل أردوغان مع الأكراد من صنعه إلى حد كبير، مشيرةً إلى أنه قد أحرز تقدماً في محادثات السلام مع القادة الأكراد في تركيا قبل استئناف أعماله العدائية في العام الماضي. وأكدت الافتتاحية على ضرورة أن يبحث أردوغان عن طرق لإحياء هذه العملية، وعليه أن يتوقف عن قصف أكراد سوريا ويعمل مع الولاياتالمتحدة على إيجاد طريقة لاستيعاب ما يمكن أن يصبح في نهاية المطاف منطقة حكم ذاتي كردية في سوريا، كما فعل مع أكراد العراق، فمحاربة الأكراد السوريين وتأجيج التوترات مع أمريكا لا معنى له، برأي الصحيفة.