يبدأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني زيارة إلى موسكو وسط تسريبات عن سعيه للوساطة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على خلفية الأزمة الأخيرة بين البلدين الناجمة عن إسقاط تركيا مقاتلة روسية. وصرح مصدر دبلوماسي قطري لوكالة سبوتنيك الروسية بأن الشيخ تميم سيصل إلى العاصمة الروسية موسكو، في 18 يناير الجاري، في زيارة قصيرة تستمر يوما واحدا. ونقلت سبوتنيك عن المصدر، الذي لم تتم تسميته، قوله إن أمير قطر سيلتقي خلال زيارته الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتعد هذه أول زيارة لأمير قطر إلى روسيا، منذ توليه مقاليد الحكم في 25 يونيو 2013. وقال محللون إنه فضلا عن العلاقات الثنائية، فإن زيارة أمير قطر لم تخل من محاولة الوساطة بين روسياوتركيا التي تعيش وضعا صعبا بسبب تداعيات إسقاط الطائرة الروسية في 24 نوفمبر الماضي، وإن نجاح الشيخ تميم في إذابة الجليد بين البلدين سيساعد "صديقه" أردوغان على الخروج من عنق الزجاجة. ويرى أوكتاي يلماز الإعلامي والمحلل السياسي التركي أن قطر لمحت لفكرة الوساطة بين تركياوروسيا عندما زار وزير خارجية قطر الشيخ خالد العطية موسكو، والآن مع زيارة أمير قطر إلى روسيا سيكون احتمال طرح الوساطة من جديد أكبر مما سبق. وقال يلماز في تصريح لإن روسيا متشددة في رأيها وسبق أن رفضت وساطات من دول غربية كالولايات المتحدة أو حتى إقليمية ككازاخستان، مما يجعل نجاح الوساطة القطرية صعبا في الوقت الحالي. وأوضح "أن طرح الوساطة بين تركياوروسيا عبر المسؤولين القطريين سيكون من مصلحة الجميع. قطر صديقة للبلدين، فهي قادرة على تحسين العلاقات أو على الأقل تخفيف التوتر الروسي التركي الذي ظهر بعد إسقاط الطائرة الروسية". وأضاف أن العقوبات المتبادلة الروسية التركية تضر بالبلدين، أي وساطة قطرية قد تساعد على رفع العقوبات ولو بشكل تدريجي، لأن المصالحة السريعة غير واردة الآن، ولكن يجب أن تكون هناك محاولات. وكان رد فعل روسيا قويا على إسقاط الطائرة، ولم يقف عند فرض عقوبات اقتصادية سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد التركي المتعثر. وأعاق القصف الروسي المتواصل على الحدود التركية السورية وصول دعم أنقرة إلى فصائل سورية معارضة، فضلا عن تهاوي وصاية أردوغان على التركمان في سوريا، وهو ما أربك الدور الذي يلعبه الرئيس التركي في الملف السوري. ولا يتوقع مراقبون أن يكتفي أمير قطر بدور الوسيط في الأزمة التركية الروسية، ويرجحون أن يفتح الشيخ تميم مع بوتين ملف الفصائل السورية المقربة من الدوحة، والبحث لها عن دور في المفاوضات التي ستجري في 25 من الشهر الجاري في جنيف، فضلا عن تجنب استهدافها بالقصف الروسي مقابل ضمانات بألا تعطل أسس الحل الذي يجري ترتيبه وفق شروط موسكو. وينتظر أن يطالب الروس بتوضيحات عن دور قطر في دعم مجموعات إسلامية متشددة مثل جيش الفتح الذي استهدفه القصف الروسي بشكل مركز عند انطلاق العمليات في 30 سبتمبر الماضي. وزار وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية موسكو في 25 ديسمبر الماضي لبحث الأزمة السورية وغيرها من القضايا الدولية والإقليمية. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف آنذاك في مؤتمر صحفي مع نظيره القطري أن الخلاف الأساسي بين روسياوقطر يتعلق بشرعية الرئيس السوري بشار الأسد. وبينما تؤكد روسيا على أن الشعب السوري هو الذي يحدد مصير رئيسه، أي بواسطة الانتخابات، تستبعد قطر أي دور للأسد في مستقبل سوريا. وقال لافروف إن "أحد اتجاهات التعاون الواعدة هي الطاقة، وخاصة مجال الغاز، سنواصل التعاون في هذا المجال على الصعيد الثنائي، وفي إطار منتدى الدول المصدرة للغاز"، داعيا إلى ضرورة أن تكون سوق الطاقة بعيدة عن التأثيرات السياسية القائمة. ولفت المراقبون إلى أن التدخل الروسي في سوريا يهدف في أحد جوانبه إلى قطع الطريق أمام سعي قطري تركي لمد أنبوب غاز قطري في اتجاه أوروبا عبر سوريا ثم تركيا، ليكون بديلا عن الغاز الروسي.