تباينت آراء النشطاء الأقباط حول التقرير السنوى للخارجية الأمريكية والذى أكد ان أوضاع الأقباط فى مصر تحسنت كثيراً فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، حيث أعرب البعض عن رفضهم للتقرير، ووصفوه بأنه تدخل غير مقبول فى الشئون الداخلية لمصر. وأوضح النشطاء الأقباط أن الموقف الأمريكي يتغير مع مصر من وقت لآخر بشكل شفوي ولكن علي المستوي العملي مازالت نظرية التآمر تطغي عليه. وفى الوقت ذاته أشاد آخرون بما جاء فى التقرير، وأكدوا أن أوضاع الأقباط فى مصر تشهد تحسناً ملحوظاً فى عهد الرئيس السيسى، وأوضحوا أن التقرير لا يعتبر تدخلاً فى الشأن المصرى ولكنه رصد لما يمر به الأقباط فى مصر. وكان وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، قد رفع التقرير السنوى حول الحريات الدينية على مستوى العالم لعام 2014 إلى الكونجرس الأمريكى، وقال التقرير الذى صدر نهاية الأسبوع الماضي إن فترة الحكومة الانتقالية فى مصر وما تلاها شهدت تحسنا كبيرا فى أوضاع المسيحيين المصريين، كما زاد التحسن عقب تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى. وذكر التقرير أن الدستور المصرى وفر ضمانات متزايدة لحماية حقوق الإنسان مقارنةً بالدستور السابق بما فى ذلك النص على المساواة أمام القانون بغض النظر عن الدين، كما يدعو الدستور البرلمان إلى ضرورة إصدار تشريع جديد يسهل إجراءات بناء وأعمال تجديد الكنائس وهو أمر غير مسبوق كما ينص على تشكيل لجنة مستقلة لمناهضة التمييز وذلك بهدف القضاء على كافة أشكال التمييز. وأضاف التقرير أن الدستور المصرى وصف حرية المعتقدات بأنها "مطلقة" وكفل للمسلمين والمسيحيين واليهود حق حرية ممارسة شعائرهم الدينية وبناء دور العبادة. وأشار وزارة الخارجية الأمريكية فى تقريرها إلى أن لجنة تقصى الحقائق التى تم تشكيلها بقرار رئاسى للتحقيق فى أعمال العنف التى وقعت بعد ثورة 30 يونيو حمّلت أعضاء جماعة الإخوان مسئولية الهجمات التى استهدفت الكنائس. كما نوه التقرير باجتماع الرئيس السيسى بقادة رجال الدين المسيحى فى مصر فى أغسطس الماضى لمناقشة مشكلاتهم، ونقل التقرير عن بيان رئاسى تأكيد الرئيس السيسى خلال الاجتماع أن الدولة ستولى اهتماما أكبر بمشكلات المسيحيين. ولفت التقرير إلى أن الحكومة المصرية أصدرت قانونا جديدا يفرض عقوبات مشددة لمنع إثارة التحريض ودعم الفتنة الطائفية من منابر المساجد. من جانبه أكد الدكتور ميشيل فهمي، المفكر القبطي، أن السياسة الأمريكية تجاه مصر تتحكم فيها أهداف واشنطن التي تصب دائماً لصالح إسرائيل بينما تتعارض دائماً مع مصر. وقال إن الموقف الأمريكي يتغير مع مصر من وقت لآخر بشكل شفوي ولكن علي المستوي العملي مازالت نظرية التآمر تطغي علي سياستها الفعلية مع مصر وهذا ما يؤكده تقرير الخارجية الأمريكية الأخير حول وضع الأقباط في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي يحمل في طياته رسائل كثيرة منها مغازلة القيادة السياسية المصرية والإيحاء لها بتغير الموقف الأمريكي منها وكذلك استخدام الأقباط ك"كارت سياسي" للتدخل في الشئون الداخلية كما كان يحدث في السابق. وتابع :الرئيس عبد الفتاح السيسي يعلم جيداً هذه السياسة "الخبيثة" ولذلك فهو يتعامل معها من خلال القفاز الحديدي الناعم ,وخير دليل علي ذلك هو لجوؤه إلي روسيا والصين وفتح مجالات للتواصل والتبادل العسكري مع دول أوربا, بعد أن كانت مصر تعتمد بشكل كامل علي أمريكا في ذلك. وأشار فهمي الي أن السؤال الذي يفرض نفسه علي الساحة حاليا هو: من الذي نصّب وزارة الخارجية الأمريكية مراقباً علي حقوق الإنسان في الدول.. وكيف لها أن تتعرف علي أحوال الأقليات في الداخل؟.. موضحاً أن واشنطن تتلقي معلوماتها من خلال عملائها في هذه الدول ,الذين يتسترون خلف منظمات تدعى أنها لحقوق الإنسان ولكنها في حقيقتها كيانات ممولة تعمل ضد الدولة لصالح أمريكا- علي حد وصفه -. وأكد المفكر القبطي أنه سواء تحسن وضع الأقباط في مصر أو ساءت أحوالهم فإن هذا شأن يعنيهم في وطنهم ولا يقبلون أن تتدخل أي جهة للحديث عنهم أو باسمهم. وشدد فهمي علي أن الأقباط لا يستجيبون لأحد في بلدهم إلا لقيادتهم السياسية وفي الكنيسة يكون انتمائهم لقياداتهم الدينية. وفى نفس السياق انتقد الدكتور نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان تقرير الخارجية الأمريكية الذى صدر عن وضع الأقباط فى مصر فى ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى والذي أثني على حالة التحسن فى وضع الأقباط. وقال جبرائيل " إننا لا نقبل باى حال من الأحوال أن يكون وضعنا محل تقييم من الإدارة الأمريكية لأن ذلك غير مقبول فنحن جزء من المنظومة الوطنية التى لا تتجزأ". وأضاف أنه علي الرغم من أن السياسة العامة للدولة فى ظل حكم الرئيس السيسى لا تفرق بين المواطنين على أساس الجنس أو الدين ورغم أن الدستور المصرى كفّل حرية العقيدة للجميع وممارسة الشعائر الدينية وعدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو الجنس أو العرق ,إلا أن الواقع العملى يوضح ما يعانيه الأقباط من تعثر وتعنت فى ترميم او بناء الكنائس وفى عدم وجود أقباط فى المناصب العليا فى الدولة مثل المحافظ أو رئيس الجامعة أو مدير الأمن الأمر وهو ما يؤكد عدم وجود تحسن ملموس فى وضع الأقباط فى مصر وان كان الأقباط يأملون أن تتغير هذه الصورة وتتحسن أحوالهم وهم الذين قدموا فاتورة باهظة فى ثورة 30 يونيو. وأشار جبرائيل إلي أن الأقباط يأملون فى أن يصدر البرلمان الجديد تشريعات تحقق المواطنة وتقضى على التمييز على أساس الدين وتكون لهم مشاركة سياسية على كافة المستويات ,مؤكداً أن ذلك ما يسعي إليه الرئيس السيسي والدليل علي ذلك زيارته التاريخية للكاتدرائية فى عيد الميلاد الماضى كأول رئيس مصرى يهنئ الأقباط بقداس عيد الميلاد. وأشار الي أن تلك الزيارة لها مغزى ومعنى أهمها أن المواطنة لا تفرق بين شخص أو آخر على أساس الدين وأن مصر لكل المصريين. ومن جانبه قال فادى يوسف، مؤسس ائتلاف اقباط مصر، "التقرير يحمل مؤشراَ ايجابياَ نحو علاقة الدولة بالأقباط والاهتمام بمشاكلهم وعدم تهميشها مثلما كانت تفعل الأنظمة السابقة". وأضاف "الأقباط مر عليهم عصور ظلامية فى عهد ما بعد ثورة يوليو 1952 وحتى ثورة يناير 2011 وتصاعدت الأزمات فى الفترة الانتقالية حيث شهد عام 2011 مقتل 144 قبطياً فى حوادث مختلفة، والأمر أصبح اسوأ بعد تولى الإخوان الحكم، وبالتالى مجرد الدعوة لثورة يونيو 2013 كانت بمثابة انفراجة لتلك الأزمات كما أن تولى السيسى للحكم اعطى للأقباط أملاً فى مستقبل أفضل". واوضح يوسف ان التقرير شمل لقاءات بين الرئيس والكنيسة وهو كخبر طمأن الاقباط كتيراً وذلك لاننا لا نريد وجود تصادم مع الدولة. وتابع "ولكن التقرير فى كل الأحوال ليس مؤثراً أو ملزماً لأى طرف سواء الدولة أو الكنيسة أو الأقباط، وبالتالى فهو بالنسبة لنا مجرد حديث مرسل لن يفيد فى شئ". وأشار يوسف إلى أن التقرير السنوي دائماً ما يكون مرفوضاَ، ولكن تقرير هذا العام يشهد نقاطاً إيجابية فى العلاقة بين الأقباط والدولة، وهذا أمر واقعى نلحظه جميعاً". وقال "على الرغم من أن كل ما جاء بالتقرير جيد إلا أن هذا لا يعنى أنى أرحب به، وذلك لان التقرير الأمريكى وإن حمل معلومات صحيحة تلك المرة إلا انه لا يحمل نوايا سليمة، فأمريكا وسياستها غير مرحب بها لدى عموم المصريين وبالتالى فإن كل ما يصدر عنها حتى ولو صحيح فهو يحمل نوايا خفية غير مرضية لدى مصر وشعبها، هذا إضافة إلى أن كل التقارير الأمريكية تعتبر تدخلاً فى شأن الدولة". وقال نادر صبحي مؤسس حركة شباب كريستيان للأقباط الأرثوذكس إن التقرير الذى أعدته الخارجية الأمريكية عن وضع الأقباط في مصر مرفوض شكلا و موضوعا ونحن ضد أى تقارير خارجية تتحدث عن الحريات الدينية وأوضاع الأقباط فى مصر لأنها تقارير انتهازية وهدفها تحقيق مصالح مشبوهة. وأشار إلي أن إصدار الخارجية الأمريكية لهذا التقرير يمثل سلاح ذو حدين حيث يحمل مغازلة للنظام والسلطة المصرية من جهة و محاولة رخيصة وفاشلة لجعل الأقباط ورقة رابحة للانقلاب علي الرئيس السيسي من جهة أخري – علي حد تعبيره -. وأضاف صبحي أن التقرير السنوي الذي رفعه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الأربعاء الماضي، حول الحريات الدينية على مستوى العالم لعام 2014 إلى الكونجرس الأمريكي والذي تطرق لأوضاع الأقباط فى مصر مرفوض تماما لأننا نؤمن بالمواطنة ولا نقبل نهائيا التدخل الخارجى في شئون مصر الداخلية كما أن الأقباط ليس بهذا الغباء والجميع يعلم أن أمريكا أو غيرها لا يعنيها غير مصالحها. وتساءل مؤسس حركة شباب كريستيان.. لماذا في هذا التوقيت علي وجه الخصوص صدر تقرير الخارجية الأمريكية مع العلم أن أوضاع الأقباط لم تتغير كثيرا؟. وقال علي الرغم من أن الدستور أعطى الحق للأقباط في إنشاء دور العبادة والاحتكام لشرائعهم في قوانينهم مثل قانون الأحوال الشخصية إلا أنه حتى الآن لم يتم تفعيل ذلك ناهيك عن استمرار مسلسل الفتن الطائفية والاعتداء علي الكنائس من قبل المتطرفين في صعيد مصر وكذلك أحداث العامرية الأخيرة بالإسكندرية. وأكد صبحي أنه علي الرغم مما يعانيه الاقباط من مشاكل إلا أنهم يرفضون التدخل الخارجي فى الشأن المصرى والمتاجرة بحقوقهم وألامهم لتحقيق مصالح خاصة ضد وطنهم – علي قوله -. وأضاف "نحن مواطنون مصريون ونؤمن بالمواطنة ونثق في الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى يعمل جاهدا علي عدم التفريق في المواطنة وأكبر دليل لحظة دخول الرئيس السيسي الي الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لتهنئة الأقباط ومشاركتهم بعيد الميلاد المجيد في يناير الماضي". واختلف معهم فى الرأى مينا مجدى، المنسق العام لاتحاد شباب ماسبيرو، حيث قال"لا يمكن لأحد أن ينكر أن هناك تحسناً من حيث عدد الاعتداءات الطائفية على الأقباط، فقد قلت نسبة الاعتداءات الطائفية عن السنوات السابقة وان كانت مازالت هناك مناطق بها احتقان طائفى خاصة فى الصعيد". وتابع "نتفق مع التقرير فى ان زيارة الرئيس السيسى للكاتدرائية فى عيد الميلاد كانت بادرة ايجابية وقد وصل صداها إلى كثير من الأقباط، ولكن لا يمكن أن ننكر أن هناك تقاعس من الأمن فى كثير من الحالات وهذا ما أورده التقرير كما أن هناك زيادة فى محاكمة كثير من الأقباط بتهمة ازدراء الأديان وهو امر سلبى". وتمنى مجدى إلغاء تهمة ازدراء الأديان، خاصة وان هذه التهمه لم يعد لها وجود فى قوانين العالم، إضافة إلى أنها تخالف المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وبسؤاله عن رفض البعض للتقرير فقال "نحن نعلق على ما جاء فى التقرير دون الاهتمام بالجهة الصادر عنها التقرير، وقد نشرت كل الصحف التقرير مما يعنى اهتمام الجميع به وبالتالى فالتعليق على ما جاء به سلبا او إيجابا أمر مهم".