يبدو أن مصر تمر بما يُعرف ب"خريف الوزراء" حيث تساقط وزراء المهندس إبراهيم محلب واحداً تلو الآخر كتساقط أوراق الشجر، بعد أن حامت حولهم شبهات الفساد والتربح، غير أنّ شعور بعضهم بالسقوط جعلهم يحاولون الهروب مما اقترفوه من سياسات خاطئة وعلاقات بالفاسدين وكان أبرزهم فى هذا الإطار الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف الذي نفى ما أثير حوله بشأن حقيقة علاقته بالإعلامى المزعوم محمد فودة المتهم فى قضية الفساد الكبرى بوزارة الزراعة وكذلك ما وجُه إليه من اتهامات حيث لم يرد بالحقائق وإبراز إنجازاته التي تتمثل في "حبر على ورق" فقط، وإنما خرج قائلًا إنّ الأوقاف تتعرض لحملة جائرة من بعض المنتمين لتيار الإسلام السياسي، بعد تضييق الخناق عليهم في المساجد والساحات والمعاهد الإسلامية. كما أكد الوزير أنّ بقاءه في منصبه أو رحيله لن يغير سياسات الوزارة، وأن قيادات الأوقاف رجال ولن يسمحوا بالانفلات الدعوي على الإطلاق. وأضاف: تعاهدنا أمام الله أن نعمل لآخر لحظة، وأي شائعات مهما كان حجمها لن تنال من عزيمتنا، ولن نكل أو نمل من خدمة هذا الوطن ومواجهة التطرف والإرهاب. وعن علاقته بمحمد فودة، المتهم في قضية فساد وزارة الزراعة قال إنه ليس بينهما علاقة خاصة أو شخصية من أي نوع، وأنه التقى به كأي صحفي يريد أن يجري حوارًا مثله مثل غيره من الصحفيين. حاول "جمعة" تبرئة ذمته من الفساد في الوزارة؛ معلناً تشكيل لجنة لمكافحة الفساد بديوان عام الوزارة برئاسة المهندس سمير الشال، رئيس قطاع المديريات، علاوة على تكوين لجنة فرعية في هيئة الأوقاف برئاسة مديرها العام اللواء محسن الشيخ، مدير عام الهيئة، حيث تعتمد أهدافها على إعداد خطة شاملة لمواجهة الفساد، إضافة إلى العمل على وضع الضوابط التي تحول دون وقوع الفساد في جميع القطاعات ومساعدة الجهات الرقابية في كشف أي تلاعب أو فساد مالي أو إداري . وكلف الوزير اللجنة بمراجعة جميع الحسابات والصناديق وقواعد وأوجه الصرف بها, مشددًا على تحمل رئيس كل قطاع لمسئوليته المالية والإدارية والفنية, والالتزام الكامل بالتوجيهات والتعليمات المالية, على أن ترفع اللجنة تقريرًا عن كل قطاع على حدة . وفى سياق تطهير نفسه ونفى علاقته بمحمد فودة اعتمد "جمعة" تشكيل لجنة قيادات الوزارة برئاسته وأعلن أنها تختص بوضع معايير لمتابعة وتقييم أداء قيادات الوزارة ووضع خطة لتقييم قيادات الوزارة وتأهيل القيادات الشابة بها من الناحية الفنية والإدارية والقانونية، لاسيما وضع برامج التدريب اللازمة لرفع كفاءاتهم وقدراتهم ومتابعة الإشراف على تنفيذ البرامج التدريبية اللازمة، واختيار القيادات الجديدة، وأنّ للجنة أن تستعين بمن تراه مناسبًا في أداء مهامها . كما شكل الوزير لجنة الشكاوى والتظلمات بديوان عام وزارة الأوقاف، برئاسة الدكتور خالد حامد سعد وكيل الوزارة للشئون الفنية، وذلك للنظر في الشكاوى والتظلمات التي ترد إلى الوزارة أو تحول إليها عبر الإدارة العامة لخدمة المواطنين، ولها أن تحيل التظلم إلى اللجنة النوعية المختصة إذا كان التظلم أو الشكوى خارج اختصاصها. وشكل لجنة الانضباط والقيم بديوان عام وزارة الأوقاف برئاسة رئيس القطاع الديني، وتكون مهامها الحفاظ على صورة الإمام والعاملين بالأوقاف وعلى ما تقتضيه أخلاقيات وآداب وطبيعة العمل بالوزارة، وقد تقترح اللجنة عقوبات بالتحويل إلى العمل الإداري أو النقل أو الوقف عن العمل أو حتى الفصل إذا اقتضى الأمر. وبينما يعلن "جمعة" دائمًا انتهاء عصر الفساد واستغلال المناصب، استغل هو منصبه في تعديل الخطبة الموحدة لصلاة الجمعة، وتعميم عنوانها لتتناول الشائعات وخطورتها على المجتمعات وتحريمها في الشرع، وذلك من أجل مطاردة الشائعات التي تلاحقه بتورطه في وقائع فساد وارتقاب خروجه من منصبه في تعديل وزاري، رغم أنّ الموضوع الأصلي كان عن الحج وفضله ومناسكه.. وكان من المفترض أن تستشهد الخطبة بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، تؤكد حرمة الشائعات وضرورة التثبت في نقل الأخبار وخطورة إلقاء التهم بالباطل، كما شددت الوزارة على جميع الأئمة الالتزام بالموضوع الجديد، وتوعدت المخالفين له. من ناحية أخرى حصلت "الموجز" على قرار أصدره الدكتور محمد مختار جمعة، حمل رقم 192 لعام 2015، في 10 أغسطس الماضي، بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات لعام 1998 والذي ينص في مادته الثانية أنّه يقصد بالسلطة المختصة في تنفيذ أحكام القانون؛ الوزير ومن له سلطاته أو المحافظ أو رئيس إدارة الهيئة العامة، كلٌ في نطاق سلطاته وفيما عدا ما أجازت هذه الأحكام التفويض فيه لا يجوز للسلطة المختصة التفويض في أي من اختصاصاتها الواردة بتلك الأحكام إلّا لشاغلي الوظيفة الأدنى مباشرة دون سواها. ورغم ذلك أعطى "جمعة" اختصاصاته لرؤساء القطاعات كلٌ فيما يخصه ورئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية ورئيس الإدارة المركزية لشئون الرقابة والتقويم في ترميم وصيانة وإحلال وتجديد المساجد، وتوزيع السجاد على جميع مساجد الجمهورية، حيث إنّ المادة الثانية من القرار تنص على أنه يُعمل بهذا القرار من تاريخ صدوره وعلى الجهات المختصة تنفيذه ويُلغى كل ما يخالف ما ورد فيه من أحكام؛ مما يعني أن الوزير ضرب بجميع القوانين الصادرة من المجلس التشريعي عرض الحائط، ويسعى بذلك أن يكون بعيدًا عن أي شبهة حين مساءلته عن المال العام أو إهداره. وأفادت مستندات أخرى بتستر قيادات الوزارة على فساد أحد المقاولين في بناء عدة مساجد بمحافظة الغربية، حيث أعلنت مديرية الأوقاف بالمحافظة عن إحلال وتجديد 18 مسجداً تتعدى قيمتها 15 مليون جنيه، إلا أن المقاول لم يلتزم بموعد الانتهاء من المشروع وتم تغريمه بمليون ونصف المليون جنيه، بخلاف التعويض للضرر الذي أصاب وزارة الأوقاف لعدم تنفيذ الأعمال طبقًا للتعاقد، نتيجة عدم الاستفادة من المبنى منذ التاريخ المتفق عليه للاستلام، كما تم ترسية المشروع على مقاول واحد بالمخالفة للقانون الذي ينص على أنّه إذا تعثر مقاول في تنفيذ أعمال أسندت إليه فلا يتم ترسية أعمال أخرى عليه، وكان ذلك منذ أعوام عدة إلّا أنّه لم يتم بنائها حتى الوقت الحالي، ولم يتم اتخاذ أي إجراء قانوني حيال الأمر رغم مخاطبة الشئون القانونية في محافظة الغربية، وكيل الأوقاف للشئون الهندسية، المهندس مرسي البحراوي، بسحب الأعمال من المقاول لكنه حولها بدوره إلى المهندس مصطفى ربيع، كبير مهندسين بالأوقاف الذي تم الإشارة إليه من قبل على صفحات "الموجز" باعتباره "مهندس الصفقات المشبوهة في وزارة الأوقاف"، وكذلك المهندس عمران حسين، مدير عام التشييد والبناء في الوزارة، لعمل اللازم لسحبها، وعرض الموضوع على السلطة المختصة، للإشهار على خسائر المقاول، إلّا أن المذكرة وضعت لم يتم الإلتفات لها، ولم يتم صدور قرارًا بالسحب. ونصت مذكرة مقدمة من مديرية أوقاف الغربية، لوكيل الوزارة للشئون الهندسية في الديوان العام للأوقاف، المهندس مرسي البحراوي، موقعة من مدير عام الإدارة القانونية، مجدي عباس محمد عبدالله، ومدير أوقاف الغربية، الشيخ محمود علي محمد حبسة، في مايو 2015، أنه تم إرسال تقريرًا رقم 69 في 9 ديسمبر 2013، الخاص بقرار السحب رقم 767 لعام 2013 بسحب عمليات مسجد السلام الكوم الأخضر بطنطا لاعتماده من السلطة المختصة. ولفتت المذكرة إلى أنه تم صدور قرار رقم 273 في 11 نوفمبر 2014، لاعتماد قرار السحب رقم 889 لعام 2014 لعمليات مساجد سلوم بدمياط في مركز قطور، والنور، كفر أبو عيانة منشأة العياري لاعتماده من السلطة المختصة. وأوضحت أنها أرسلت مذكرة رقم 50 في 24 نوفمبر 2014 لاعتماد قرار السحب رقم 437 لعام 2014 لعمليات مسجدي السلام بخلوة الأعرج في شبرا النملة بطنطا، وعزبة فتح الله في شوني. وتم إرسال القرار الإداري رقم 690 لعام 2013، في مذكرة حملت رقم 58 في 28 أكتوبر 2013، خاص باعتماد قرار السحب لعملية مسجد سيدي محمد بن زين المدّاح، بقرية النحارية، مركز كفر الزيات من السلطة المختصة وكذلك المذكرة رقم 48 في 5 يناير 2014، وأخرى رقم 49 في 22 نوفمبر 2014. كما أشارت المذكرة إلى أنّه تم إرسال القرار الإداري رقم 780 لعام 2013، إضافة إلى مذكرة رقم 271 في 9 ديسمبر في العام ذاته، الخاص باعتماد قرار السحب لعملية المسجد الكبير بمشلة، كفر الزيات، الغربية لاعتماده من السلطة المختصة، لاسيما التقرير رقم 70 في 9 ديسمبر 2013، وآخر رقم 72 في 2 نوفمبر 2014، الخاص باعتماد قرار السحب رقم 777 لعام 2013، لعمليات مساجد: سيدي على الهن، بسيون، الغربية، وعبدالحليم طلبة، كفور بلشاي، كفر الزيات، وسيدي سالم، إبيار، كفر الزيات لاعتماده من السلطات المختصة. كما قالت إنّه تم إرسال التقرير رقم 70 في 9 ديسمبر 2013، الخاص باعتماد قرار السحب رقم 767 لعام 2013 بسحب عمليات مساجد: عزبة المنشاوي، بقلولة، السنطة، والفرماوي، السنطة، والسيدة عائشة، قرية الأوقاف، طنطا، لاعتماده من السلطة المختصة. ولفتت المذكرة إلى أنّ تلك العمليات مقاولة الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بطنطا، مقاولة المهندس عبدالقادر السيد عبدالحي الجرواني وأنه لم موافاة مديرية أوقاف الغربية بالقرارات بعد اعتمادها من السلطة المختصة. فى هذا السياق حصلت "الموجز" أيضاً على قرار صادر من مديرية أوقاف الغربية، حمل رقم 654 لعام 2014، بخصوص إصدار قرار سحب عمليات مساجد: الصالحين في مركز السنطة، والإخلاص في طنطا ودورة مياه مسجد أبو بكر الصديق بالسنطة في حالة توقف العمل، وأنه وفقا لكتاب الإدارة الهندسية بالمديرية الوارد بتاريخ 26 أكتوبر 2014، بشأن توقف العمل بمسجد عزبة منشأة ناصر بالمحلة الكبرى، وإصدار قرار سحب بذلك. وقال إنّه وفقا للمذكرة المعروضة على مدير المديرية بالموافقة على إصدار قرار سحب للعمليات المشار إليها والمؤشر عليها بالاعتماد بتاريخ 26 أكتوبر 2014 وعلى ميزانية العام المالي 2014- 2015، قرر سحب عمليات مساجد مسجد الصالحين، مقاولة الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير، ومسجد الإخلاص ودورة مياه مسجد أبو بكر الصديق، والمسجد الكبير.