تشتمل قصص الأنبياء على الكثير من المعاني والقيم، واليوم نسرد سوياً قصة سيدنا هود عليه السلام، وهو سيدنا هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام، وكان من قبيلة يقال لهم عاد بن عوص بن سام بن نوح، وكانوا عرباً يسكنون الأحقاف - وهي جبال الرمل ، وكانت باليمن بين عمان وحضرموت، بأرض مطلة على البحر يقال لها الشحر، واسم واديهم مغيث، وكانوا كثيراً ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام. كما قال تعالى: (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ) • سيدنا هود وقوم عاد: والمقصود أن عاداً - وهم عاد الأولى - كانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان، وكانت أصنامهم ثلاثة: صدا، وصمودا، وهرا، فبعث الله فيهم أخاهم هوداً عليه السلام فدعاهم إلى الله، كما قال تعالى بعد ذكر قوم نوح، وما كان من أمرهم، وقال تعالى بعد ذكر قصة نوح في سورة هود: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلا مُفْتَرُونَ) وكذلك قوله ( وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ عَاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ). وقال تعالى في النجم: (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى، وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى، وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى، فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى، فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى). • بعثة هود إلى قوم عاد: كان قوم هود من أوائل القوم الذين عبدوا الأصنام، وذلك تبين في قوله تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً) أي جعلهم أشد أهل زمانهم في الخلقة والشدة والبطش، والمقصود أن عاداً كانوا جفاة كافرين، عتاة متمردين في عبادة الأصنام، فأرسل الله فيهم رجلاً منهم يدعوهم إلى الله وإلى إفراده بالعبادة والإخلاص له، فكذبوه وخالفوه، وتنقصوه، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، فلما أمرهم بعبادة الله ورغبهم في طاعته واستغفاره، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة. ثم جاءت الآية الكريمة لتبين ردهم على سيدنا هود (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ) أي هذا الأمر الذي تدعونا إليه سفه بالنسبة إلى ما نحن عليه من عبادة هذه الأصنام التي يرتجى منها النصر والرزق، ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن الله أرسلك، فأجابهم سيدنا هود قائلاً:" قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) وكان هود عليه السلام قد اعتزلهم في حظيرة هو ومن معه من المؤمنين فلم يصبهم من تلك الريح إلا نسيم العليل الذي تلين به الجلود وتلذ به النفوس، وكانت عاد بين عمان وحضرموت في مكان يقال له الأحقاف من بلاد اليمن. ويقال أن قبر سيدنا هود باليمن وقيل إنه بالشام في دمشق، ويمكنك أن تطلع على قصة هود بالتفصيل في قصص الأنبياء لابن كثير وغيره.