أكدت دراسة اكاديمية إن أهم ما قد يستفيد منه الفلسطينيون في ضوء تجربة جنوب إفريقيا ؛ هي أن حركات وقوى التحرر الوطني كانت تأخذ قراراتها بناء على توجهات القاعدة الشعبية، ولم تفرض سياساتها أو أيديولوجياتها بعيداً عن هموم المواطن الأسود. جاء ذلك في ختام النتائج والتوصيات التي توصل إليها الطالب الفلسطيني أشرف ممدوح المبيض في أطروحته للدكتوراة والتي حملت عنوان " المقاومة المدنية في ضوء تجربة جنوب افريقيا 1987 – 2012 ".. من معهد البحوث والدراسات العربية بجمهورية مصر العربية. تكونت لجنة المناقشة من (أ.د وحيد عبد المجيد/ مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية/ مشرفا)، و(أ.د صبحي قنصوة/أستاذ العلوم السياسية في معهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة/مناقشا)، و (أ.د/ حسن أبو طالب/ مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية /مشرفا) . خلصت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها أن التجربة النضالية الفلسطينية لم تشهد توافقاً على أسلوب معين ومحدد للمقاومة سواء المسلحة أو المدنية، باستثناء فترة الستينيات من القرن الماضي حين كان هناك شبه إجماع على الكفاح المسلح لتحرير كل فلسطين.. وظلت المحاولات الفلسطينية على جميع المستويات الشعبية والرسمية والتنظيمية منذ بدء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي لتبني خيار المقاومة المدنية لا تتخطى إطار الدعوات والنداءات، لتطبيق أساليبها بالمقاطعة والعصيان. كما حققت الفعاليات والتحركات المدنية التي بادر بها بعض أهالي القرى والبلدات الفلسطينية نجاحاً كبيراً يوازي نجاح حركات وقوى التحرر في جنوب إفريقيا. .وحتى في ظل الانقسام السياسي في الساحة الفلسطينية، وفي ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلي لفصل المدن عن بعضها وخاصة عزل القدس عن الضفة وغزة عن باقي الأراضي الفلسطينية، قد يمكن الاستمرار في المقاومة المدنية على أساس إنهاء السياسة العنصرية الإسرائيلية، على غرار ما حدث في جنوب إفريقيا، حيث كانت هناك حركة إنكاثا التي تمثل قبائل الزولو تؤيد الانفصال العرقي مستخدمة القوة المسلحة لتحقيق ذلك بدعم من النظام العنصري.... لكن المؤتمر الوطني الإفريقي وبعض الحركات والقوى الأخرى وقفت ضد محاولات التقسيم والفصل. أكدت الدراسة إن أسلوب المقاومة المدنية محل إجماع لدى مبادئ ومواثيق معظم الحركات والقوى والفصائل الفلسطينية أكثر من الأساليب الأخرى. كما إن قراءة للواقع السياسي الراهن في الأراضي الفلسطينية في ضوء انحسار الكفاح المسلح وفشل خيار المفاوضات، وفي ضوء الدعوات والنداءات الجارية على قدم وساق لاستنهاض أساليب المقاومة المدنية كالمقاطعة الاقتصادية والسياسية والثقافية، وفي ضوء فشل خيار الدولة في حدود عام 1967 وعودة خيار الدولة الديمقراطية الواحدة بقوة في الأوساط السياسية والأكاديمية الفلسطينية، توحي بأن المناخ العام يميل إلى إمكانية تبني الفلسطينيين لخيار المقاومة المدنية بهدف إنهاء السياسة العنصرية في الضفة وغزة وأراضي ال48 والتعايش في دولة واحدة مع الإسرائيليين.