بقلم : ايمان صلاح الوطن ليس ارضا وسماءا وثروات , انما الوطن معنى مجازى للاماكن التى ننتمى اليها تؤثر فينا ونتاثر بها ففيه الاهل والولد والاقارب والاصدقاء والاحبة , ولا نستطيع الاستغناء عنهم فعندما نغترب نشعر بااهميتهم ومكانتهم فى وجداننا , قد يقول قائل وما الذى يعجبنى فى وطنى هل هو موقعه الجغرافى ام حدائقه الغناء ام ثرواته المعدنية ؟ اقول له اسئل البدوى ومن يعيش فى الصحارى المكفهرة بالشمس والرمال والعواصف الرملية والامطارالغزيرة , ما الذى يجعله يعشق هذا المكان وفى امكانه الخروج منه الى اخر حيث يجد مايريد بسهولة ودون عناء . ان حب الوطن فطرة فطرعليها الانسان منذ خلقه وجميع المخلوقات سواء فى ذلك فدائما ماتعود الى اماكانها التى هاجرت منها فى بعض فصول السنه , فتجد من غادر قريته الى المدينة بحثا عن علم او رزق ...الخ عند عودته الى قريته يعشق الاماكن التى كان يذهب اليها اماكن لعبه ومدرسته وشوارعها ومبانيها حتى ترابها وناسها ومواشيها , فما بالك بمن غادر كل ارجاء الوطن الى وطن اخر , ولا يتعارض حب الوطن مع الدين واوضح المولى عزوجل حب الوطن والحياة فى قوله تعالى وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ ( النساء : 66) وحب رسولنا الكريم لوطنه مكه الذى شهد صباه وشبابه وبعثته وتعنت قومه معه فنجده يقول لها عندما خرج منها مكرها بعد ان التفت اليها " والله انك لخير ارض الله واحب ارض اليى ولولا ان اهلك اخرجونى منك ماخرجت منك " ويقول الشاعر ايضا بلادى وان جارت عليا عزيزة ..... واهلى وان ضنوا عليا كرام انما الحب ليس شعارات نرفعها واشعار نغنيها انما افعال لرفعة شان وطننا , ولن ياتى الحب بهذا المعنى الا اذا غرس معنى الانتماء للوطن فى نفوسنا منذ الصغر واننا جزء لايتجزا من ترابه ووحدته وان نهضته مرهون بشبابه ونسائه وشيوخه واطفاله , اى ان الانتماء مهارة مكتسبة نتعلمها فى مدارسنا وبيوتنا وتعنى تمسكنا بقيمنا الاسلامية وربطها بهويتنا الثقافية والجغرافية والاقتصادية والاجتماعية والوحدة الوطنية ونبذ الطائفية , وان نتعلم كيف يمكن ان نقدم مصلحة الوطن على مصالحنا الشخصية وان نضحى بكل غالى ونفيس فى سبيل رفعته وريادته وان لاتغتصب حبة رمال واحدة , فمنا من ضحى بالنفس والمال والولد , من افنى عمره فى علم اوفن او معرفة لاعلاء كلمة الوطن , من اخلص الكلمة والعمل , من زرع وحرث وحصد , من عمل وابدع كلا فى مجاله , حب الوطن لايكون فى وقت الشدة والحرب فقط , حقا انه يزداد عندما نستشعر بالخطر الذى يحاك للوطن او ان عدوا يتربص به , وللاسف اصبح اعداء الداخل اكثر من اعداء الخارج من يزعم مصلحة الوطن وهو فى سريرة نفسه لايرغب الا بمصلحته الشخصية وتحقيق مكاسبه الخاصة , بينما ما يتشدق به ليل نهارعن حبه لوطنه ماهو الا رداء وكما قال احمد شوقى برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظينا , فكما يكون الحب فى الشدة والحرب لدفع الضرر عنها وان لايدنسها قدم فاجر فيجب ان يكون كذلك فى السلام والرخاء ليس بالمدافع والدبابات وانما بالعلم والعمل فبهما تنهض الامم وتتقدم وترتفع رايتها . والوطن ليس بلدك ودولتك ولكنه جزء من الوطن الاكبر " العروبة " التى تسيل فى دماءنا , وان كانت الانظمة العربية الحاكمة (السابقة ) قد عملت على مسخ هوية المواطن وجعله بلا وعى او فكر او انتماء لوطنه وعروبته وخلقت روح الفرقة والتعصب من خلال الاعلام المضلل وعلماء وشيوخ لايخافون الله , الا ان اغلب تلك الانظمة قد هوت ويجب ان نسقط معها ماتعلمناه منها , الا اننا ومع ذلك نتخذ من الوطن عدوا لانفسنا وتجدنا لااراديا نحاربه فلا نحترم قوانينه ولا تشريعاته ولا نحترم خصوصياته وامانته نرفض المحسوبية فاذا اردنا شيئا استخدمنها , ننادى بالديمقراطية ولا نتمثلها فى سلوكياتنا , ننادى بنهضة بلادنا وننتهى الى النقد والسخرية والاعتراض . ونلاحظ الاتكالية فى اغلب سلوكياتنا وان كل شىء تقوم به الحكومة وكل خطا يقع على الاخر وليس نحن وهذا ابشع مايصورحب الذات والانانية , فهلا اصبح حبنا لوطننا قولا وفعلا وعملا لنرتقى بها وننهض بانفسنا , وان كنا اقمنا ثورة للقضاء على الفساد واعوانه فلنكمل طريق الحرية والكرامة بافعال لا اقول .