مازال الجدل محتدم حول شخصية وخلفية الرئيس القادم وما سوف تؤول إليه هذه الانتخابات من نتائج فى إطار من حالة ضبابية يكتنفها الغياب الأمنى وشرذمة وصراع القوى السياسية، فضلاً عن سياسات إضعاف هيبة الدولة من قبل بعض التنظيمات السياسية التى تعارضت مصالحها مع هيبة الدولة وقواعدها، كما حدث حالة استبعاد بعض مرشحي الرئاسة وكيف تعامل بعض المستبعدين ولا سيما الشيخ حازم أبو إسماعيل وأتباعه مع القضاء المصرى، فضلاً عن الضعف الواضح والمتعمد فى أدوار المجلس العسكرى، بدعوى الالتزام بالحيادية والموضوعية التامة؛ الأمر الذى جعلنى أتسأل حول السيناريو الأسوأ والأسود فى انتخابات الرئاسة. وفى الواقع أن كل طيف من الأطياف السياسية لديه سيناريو مختلف وربما أسوء من الأخر. وأول هذه السيناريوهات هو تصور عودة رجال الرئيس المخلوع إلى الحكم، فى إطار من مطالبات برلمانية بتطبيق قانون العزل السياسى ومعارضة شديدة ومتعمدة من العسكر، ورغم أن أغلب المطالبين بتطبيق هذا القانون من الأحزاب السياسية، إلا أنهم هم أنفسهم الذى وضعوا فلول الحزب الوطنى فى مقدمة قوائمهم الانتخابية فى البرلمان ولم يسعوا في الانتخابات البرلمانية لتطبيق هذا القانون؛ الأمر الذى يشككنا فى نوايا هذه الأحزاب وهويتها ورغبتها الحقيقية فى الإصلاح، ويؤكد لنا أن برامج الإصلاح التى تنادى بها هذه الأحزاب ما هى إلا شعارات وهمية لديمقراطية مصطنعة، تنتهى بكرسي فى الكلوب فور الحصول على كرسي الرئيس، فالمسألة إذن ليست مصلحة الوطن ومستقبله، بل هى مصلحة شخصية تحكمها الأنانية المطلقة كأخلاق للعمل السياسى غير النظيف، فالواضح أن المذهب المكيافلى هو المسيطر فى كل السيناريوهات الحزبية، ، والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة هل تسعى القوى الثورية نحو تقويض نظام مبارك والقضاء عليه أم أنها تسعى للحفاظ عليه وإحيائه من جديد فى ثوب جديد تحتكر فيه الجماعة المشهد السياسي؟ فالثورة لن تسعى لإسقاط شخوصاً وأحزاباً وإنما لسقوط نظاماً بأكمله وبكل آلياته المكرسة للفساد وتغييب الوعي ووأد العدالة والقضاء على مقوماتها.. والتصدي بكل حسم لسياسات الإقصاء والاستبعاد التى ربما تمارس وبقوة حالة سيطرة فصيل سياسي معين على السلطة تلك السياسة التى تتبعها دائماً الجماعة فى تعاملها مع غيرها من الطوائف, ولعل التناحر الشديد فى الحصول على الكراسي القيادية التى تقوم على الانتخاب خير شاهد، فما بالنا لو كانوا فى السلطة ولهم حق الاختيار والتعيين؟ فربما استبعدت كفاءات كثيرة بدعوى عدم الانتماء للجماعة وذلك أهم وأكثر وأخطر ما يهدد شعبية الجماعة فى الشارع المصرى ثالثاً أن معظم الشخصيات المطروحة فى انتخابات الرئيس ليس لها خلفية اقتصادية واضحة ولا رؤية محددة لتخطى الأزمات الاقتصادية التى يمر بها الوطن والتى أعتبرها شخصياً هى الفلول الحقيقية لنظام مبارك والتى يجب أن نكرس كل الجهود لمطارداتها والقضاء عليها كي يستعيد الوطن عافيته المرجوة، كما ليس لديهم عقيدة سياسية واضحة المعالم ولا برامج محددة للإصلاح، فمعظمهم شخصيات غير معروفة للعامة،ولم يبقى أمامنا إن لم يستبعد الفريق أحمد شفيق سوى هو والسيد عمرو موسى والأستاذ محمد مرسى وحمدين صباحي وجمعياً ربما امتلكوا الخبرة السياسية ولكن ليس لديهم مشروع قومي لِلَّم الشمل وتوحيد الصف ونقل المجتمع المصرى المتأزم إلى واقع مغاير أفضل منه. ولن يتأتى ذلك دون خبرة اقتصادية ومعطيات قادرة على تغيير الوضع الثقافي المصرى الذى اعتبره من أهم المعضلات التى تحد من نجاح ثورة يناير ومن أكبر التحديات التى تواجه أي مشروع رئاسي. والسيناريو الأسوأ من ذلك كله هو ماذا لو نجح الفلول وسقط الشطار فى الانتخابات القادمة .؟ وما هى السيناريوهات المتوقعة ؟؟ وهل هى فى صالح تحقيق أهداف الثورة أم تشكيكاً فى دوافعها؟ خاصة وأن الشعب بهذا الشكل يكون قد حدد النظام الذى يريد أن يحكمه .. والسيناريو الأكثر شراسة ماذا لو تصدر التيار الإسلامي المشهد السياسي برمته؟ خاصة وان التيار الإسلامى يشهد انقسام بين شقيه السلفى والإخوان، سلفيون بطموحات مستجدة وتجربة سياسية غير موجودة وأخوان متمرسون وبتجربة سياسية متميزة، ورغم أن هذا التيار بشقيه يطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية ويرفع مشيعوه شعاراً واحداً مضمونه وظاهره – الاسلام هو الحل- بيد أنهم يتناحرون سياسياً ويختلفون فى طريقة التطبيق رغم توحد الهدف. وأعتقد على اية حال أن السيناريوهات كلها معتمة ومؤلمة وليس أمامي شخصياً إلى أن ارجع خطوة إلى الوراء لأفتح نافذتي على الميدان وأراقب الأحداث.. لأعرف مصر رايحه على فين..؟ [email protected]