عمرو هندي: الحوار الوطني خلق حالة من الاصطفاف الوطني    3 قرارات.. نتائج جلسة المناقشة الثانية لمجلس نقابة المحامين    محافظ كفر الشيخ يتفقد أعمال إنشاء مركز التحول الرقمي.. «واجهة رائدة»    احذر تشغيل تكييف السيارة في هذه الحالات.. تهددك بالاختناق وتضر المحرك    المؤتمر السوداني: وقف الحرب مطلب مُلح بالنظر لمعاناة الإنسانية الفائقة    يورو2024| إمبولو يتقدم لسويسرا في شباك إنجلترا    ضبط 371 ألف قرص مخدر بالقاهرة و السويس    21 شخصًا معظمهم أطفال.. ننشر أسماء ضحايا حادث انقلاب سيارة بالإسماعيلية    إخلاء سبيل اللاعب أمام عاشور في تهمة التعدي على فرد أمن بالشيخ زايد    وفاة مدير التصوير عصام فريد عن عمر يناهز 83 عاما    «التنمية الحضرية»: الانتهاء من تطوير المنطقة الثقافية بتلال الفسطاط بنسبة 100%    احتجاجات في تل أبيب تطالب بإقالة حكومة نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة    جميلة عوض تشارك جمهورها بلقطات من شهر العسل في فرنسا.. صور    حفيد محمود ياسين ناعيًا أحمد رفعت: «زعلان عليه ومبسوط بحب ربنا فيه»    كاتب سوداني: دور مصر متواصل وتعمل على تهيئة الحوار بين الفرقاء    أجمل رسائل التهنئة برأس السنة الهجرية 1446.. والأدعية المستحبة لدخول العام الجديد    بمناسبة رأس السنة الهجرية.. وكيل «صحة الشرقية» يوزع الهدايا على مرضى مستشفى أبو كبير    إستونيا تعلن تزويد كييف بمنظومات دفاع جوي قصيرة المدى    البابا تواضروس يشهد سيامة 24 كاهنًا جديدًا للخدمة بمصر والخارج    المروحة تبدأ من 800 جنيه.. أسعار الأجهزة الكهربائية اليوم في مصر 2024    محافظ القاهرة يتفقد أحياء المنطقة الجنوبية    جامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدفعة رقم 57 من كلية التجارة    وزير الأوقاف يصل مسجد السيدة زينب ويزور المقام قبل احتفالية العام الهجري الجديد - (صور)    توطين مليون يهودى فى الضفة «مخطط الشر» لإنهاء حل الدولتين    ضمن «حياة كريمة».. 42 وحدة صحية ضمن المرحلة الأولى من بني سويف    رانيا المشاط.. الاقتصادية    كلاكيت تاني مرة.. جامعة المنيا ضمن التصنيف الهولندي للجامعات    لأول مرة.. هروب جماعى لنجوم «الفراعنة» من أوليمبياد باريس    قافلة طبية مجانية.. الكشف على 706 مواطنين فى إحدى قرى قنا ضمن «حياة كريمة»    جنازة غريبة للمستشارة الإعلامية للقصر الجمهوري السوري وأقاربها يرفضون دفنها في مسقط رأسها    عماد الدين حسين: الحوار الوطنى يحظى بدعم كبير من الرئيس السيسى    وزير التموين: نعمل على ضبط الأسعار بطرق مبتكرة ليصل الدعم للمستحقين    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 (صناعي وزراعي وتجاري).. خطوات الحصول عليها    تأجيل محاكمة 3 مسؤولين بتهمة سرقة تمثال من المتحف الكبير لجلسة 7 أكتوبر    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    خلال جولة رئيس الوزراء فى حديقة الأزبكية .. الانتهاء من أعمال التطوير بنسبة 93%    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    المركز المسيحي الإسلامي يُنظم ورشة للكتابة الصحفية    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    طلب مفاجئ من ماجد سامي بعد وفاة أحمد رفعت| عاجل    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    ستارمر: الدفاع والأمن على رأس أولويات الحكومة البريطانية الجديدة    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    استمرار غياب بيرسى تاو عن الأهلي في الدوري    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الداخلية الإيرانية: تقدم بزشيكان على جليلي بعد فرز أكثر من نصف الأصوات    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الزمر قبل ساعات من حسم مصير حزب الجماعة الإسلامية في مصارحة شاملة مع »الأخبار«:
اغتيال السادات كان عملا عشوائيا هدفنا كان إشعال ثورة شعبية وليس قتل الرئيس
نشر في الأخبار يوم 08 - 10 - 2011

طارق الزمر : الانقسامات السىاسىة تدفع بمصر إلى حافة الهاوىة.. ولو انهارت مصر فستتحول إلى دوىلات
رفض تأسيس حزبنا إشارة إلي وجود »مقصلة« في انتظار الأحزاب الإسلامية
خلاف الوفد والإخوان ينعش فرصة إقامة تحالف إسلامي واسع في الانتخابات المقبلة
ما بين 6 اكتوبر 1981 و6 اكتوبر 2011 رحلة عمرها 30 عاما، لكنها بالنسبة لرجل مثل د. طارق الزمر عضو مجلس شوري الجماعة الاسلامية تعني الكثير، هي مسيرة من التحولات الدرامية ، من متهم في قتل رئيس مصر انور السادات، الي رجل يطرق ابواب السياسة، ويقدم نفسه في مرحلة ما بعد الثورة كوكيل لمؤسسي حزب "البناء والتنمية" الجناح السياسي للجماعة الاسلامية، وشخصية عامة تملك الكثير من الخبرة، التي استمدها عبر رحلة مشهودة من دوامة العنف وتكفير المجتمع، والعمل السري تحت الارض، الي دنيا السياسة، ومعارك الانتخابات. وفي حواره مع »الأخبار« يفجر د. طارق الزمر أكثر من مفاجأة، وربما تكون اولي تلك المفاجآت اعترافه بأن قتل الجماعة للرئيس السادات كان فعلا عشوائيا ولم يكن مخططا له، وهو الحدث الذي تولي بعده الرئيس السابق حسني مبارك مقاليد السلطة، لتبدأ مصر فصلا جديدا في عهد مبارك، قضاه رموز الجماعة الاسلامية خلف القضبان، ليتحقق مخططهم بعد 30 سنة كاملة، وتنفجر الثورة الشعبية في 2011 بعد ان عاد من اشتهروا بنهج العنف الي رحاب المجتمع مرة اخري عبر بوابة المراجعات الفقهية التي نبذوا من خلالها نهج العنف.
اليوم الاحد تصدر محكمة القضاء الاداري حكمها في قرار لجنة شئون الاحزاب برفض تأسيس حزب البناء والتنمية
ما بين 6 اكتوبر 1981 و6 اكتوبر 2011 رحلة طويلة.. كيف تنظر اليها الان بعد كل الاحداث التي مررت بها؟
هناك حقيقة غائبة عن كثير من المتابعين لما حدث في اكتوبر 1981 وهو ان هدف الجماعة لم يكن ابدا اغتيال الرئيس السادات، وان القارئ للمخططات التي ضبطت آنذاك، وللاعترافات التي ادلي بها عناصر التنظيم امام النيابة يدرك ان الهدف لم يكن اغتيال السادات، وانما احداث ثورة شعبية في عام 1983 وان ما حدث في 1981 كان تحركا عشوائيا بعدما اكتشف التنظيم من خلال الملاحقات الامنية للقوي السياسية في ذلك الوقت، والخطة الاساسية لم تكن تتضمن أي عملية اغتيال، وكان الشيخ عبود الزمر يقول اننا لو كنا نريد اغتيال السادات لأغتالنه عشرات المرات، لأنه كانت هناك فرص كثيرة سانحة لذلك، لكن التنظيم لم يكن يستهدف اغتيال الرئيس، وانما اسقاط النظام، واحلال نظام جديد بالكامل مكانه.. وهذا ما تحقق بالفعل في ثورة يناير 2011.
لكن ثورة يناير تحققت بسبل سلمية، ولم تستخدم العنف من أجل احداث التغيير؟
نحن كنا نستهدف تحقيق تغيير شامل في نظام الحكم، والخطأ الذي وقعنا فيه هو استخدام نهج العنف المسلح كوسيلة لتحقيق هذا التغيير، بينما كان لابد من اللجوء الي العمل الشعبي والسلمي لأنه هو الابقي والانجح، وهو ما تأكد بالفعل خلال ثورة 25 يناير التي ارست قواعد جديدة للتعامل مع التغيير ليس في مصر وحسب، وانما في المنطقة العربية كلها.. وقد اصبحنا بالفعل بعد كل تلك السنوات أكثر اقتناعا بقدرة الوسائل السلمية علي احداث التغيير المنشود، واصبحنا ندعو جميع القوي السياسية الي اعتماد هذا المنهج القويم، واستلهام الدروس والعبر من ثورة 25 يناير التي فجرت طاقات الشعب المصري كله، ووضعت مصر علي محور جديد للحركة يتمناه كل داع الي الخير، وكل متطلع الي الاصلاح في وطنه.
المراجعات الفقهية
ولكن هناك من يشكك في التزامكم بالمراجعات الفقهية، خاصة ان البعض يؤكد انها جاءت بعد ضغوط عليكم من جانب السلطات الامنية، وان عناصر الجماعة ما تلبث أن تعود الي نهج العنف اذا اتيحت لها الفرصة؟
صحيح انه كانت هناك ضغوط كبيرة علينا داخل السجون، لكن أكبر دليل علي مصداقية هذه المراجعات وما استقرت عليه حتي هذه اللحظة هي تحول الكيانات الجهادية الي كيانات سياسية، ولو كانوا يرغبون في العمل المسلح لما فكروا في اقتحام العمل السياسي وتأسيس أحزاب، فالجماعة الاسلامية تسعي حاليا الي تأسيس حزب البناء والتنمية ومن المنتظر ان يصدر الحكم الخاص بالحزب من محكمة القضاء الاداري اليوم "الأحد".. وهناك ايضا حزب "السلامة والتنمية" الذي يؤسسه قياديون سابقون بتنظيم الجهاد.
ولكن عودة عدد كبير من القيادات الجهادية الكبيرة التي كان لها تاريخ من التعاون مع تنظيمات مثل تنظيم "القاعدة" يثير الكثير من المخاوف ؟
فكر التغيير السلمي هو السائد الان، وفي اعتقادي ان هذا الفكر سيتغلب علي التفكير المسلح، ولهذا يجب ان يفتح المجتمع المصري ذراعيه ليستقبل كل التيارات التي كانت تتبني نهج العنف في الماضي، لأنها بالتأكيد ستنجذب بفعل الرغبة في التغيير السلمي الي ساحة العمل السياسي، والاعتماد علي آليات التغيير السلمية.
قضية »البناء والتنمية«
اذا ما انتقلنا الي قضية حزب "البناء والتنمية"، فإنكم قابلتم قرار لجنة شئون الاحزاب برفض تأسيس الحزب بالتأكيد علي ان ذلك قرار سياسي.. ما دفعكم لذلك؟
في تقديري ان لجنة شئون الاحزاب لقرار رفض تأسيس الحزب هو تبرير مرتبك ومضطرب، ويؤكد ان هناك قرارا مسبقا جري البحث عن تبرير له من خلال اجتزاء فقرة من برنامج الحزب، وتم الاستناد اليها في التأكيد علي ان الحزب يسعي الي تطبيق الحدود الشرعية، في حين ان لجنة شئون الحزب صاغت الفقرة بطريقة يفهم منها ان برنامج الحزب يخالف مبادئ الدستور، وهذا غير صحيح علي الاطلاق، فالفقرة الواردة بالبرنامج تدعو الي تهيئة المجتمع المصري لتطبيق الشريعة الاسلامية، والشريعة اشمل بكثير من الحدود، والجزئية الثانية التي استندت اليها لجنة شئون الاحزاب لرفض تأسيس الحزب هي صدور أحكام جنائية بحق عدد من الوكلاء المؤسسين للحزب، وقد طلبوا الينا استبعاد هؤلاء الاعضاء المؤسسين قبل صدور القرار بأيام علي اعتبار ان هذا هو المانع الوحيد من تأسيس الحزب، وبالفعل تم استبعادهم، الا اننا فوجئنا بصدور قرار اللجنة برفض الحزب.
ومن في رأيك الجهات التي تقف وراء القرار اذا كان بالفعل قرارا سياسيا كما تقول؟
الجهات التي تقف وراء القرار هي جهات لا تبتعد كثيرا عن الفكر الذي كان سائدا في عهد مبارك في التعامل مع الاحزاب، ففي اليوم الذي تم فيه رفض تأسيس حزبنا "البناء والتنمية"، تم السماح بتأسيس حزب برئاسة د. حسام بدراوي الامين العام الاسبق للحزب الوطني المنحل، وهذا من المفارقات، كما مر من تحت يد لجنة شئون الاحزاب احزاب لرجال ينتمون للحزب الوطني المنحل، وبعضهم متهمون في جنايات.. ولا اقول ان قرارا مباشرا صدر للجنة برفض حزبنا، ولكنني اربط ما بين القرار وبين قرارات اخري صدرت في نفس الفترة مثل صدور قرار اعادة تفعيل قانون الطوارئ، وصدور بعض الاجراءات التي تتضمن قيودا علي وسائل الاعلام، وصدور بعض التهديدات من جانب قيادات في المجلس العسكري، وكل هذا كان مؤشرا علي مناخ جديد تحركت في ضوئه لجنة شئون الاحزاب بوقف حزب "البناء والتنمية"،كما انني اعتقد ان قرار اللجنة يتضمن ايضا اشارة واضحة للأحزاب الاسلامية القائمة وتحت التأسيس بأننا امام مرحلة جديدة، فبعد صدور قرار بتأسيس اربعة احزاب اسلامية، لن يكون هناك مجال لتأسيس احزاب اسلامية جديدة.. ورسالة للقوي الاسلامية الموجودة علي الساحة السياسية تقول "قفوا مكانكم والتزموا بالاوضاع الجديدة".. وفي تقديري ان هناك "مقصلة بانتظار الاحزاب الاسلامية في المرحلة القادمة.. ولن يسمح لأحزاب اسلامية جديدة الا اذا صاغت برنامجا علمانيا بحتا، لكننا في الجماعة الاسلامية متمسكون ببرنامج حزبنا لأنه متوافق مع المادة الثانية من الدستور، ومتوافق مع قانون الاحزاب، فالمستشار طارق البشري قال في تفسيره لحظر الاساس الديني للأحزاب، قال ان المقصود هو حظر الاحزاب التي تقوم علي اساس تمييز ديني، اي تضم ابناء ديانة محددة وتحظر دخول من سواهم، وحزب "البناء والتنمية" يضم في عضويته مسلمين واقباطا.
واذا افترضنا ان القضاء حسم الموقف لصالحكم وتأسس الحزب، هل تعتقد انكم مؤهلون للعمل السياسي، خاصة انكم اقتصرتم علي العمل السري لسنوات طويلة؟
في تقديري ان هدف الجماعات الاسلامية جميعا هو ان تنخرط في العمل السياسي والعام، لكن علي مدي 50 عاما تم تهميش تلك التيارات قسرا، واجبارها علي الدخول في النفق المظلم عمدا، واعتقد أن الجماعات الاسلامية مؤهلة لخوض العملية السياسية، لكنها تحتاج الي بعض الوقت من اجل ان تتكيف مع القواعد الجديدة للعمل السياسي، وان تتفاعل مع مجريات الامور، والنظام الذكي والناضج هو الذي يتفاعل مع تلك الجماعات، ويجتذبها الي الحركة السياسية ولا يطردها منها، لأن اقصاءها من الساحة السياسية يعود بنا 50 عاما الي الوراء،ويجب ان نكون علي يقين تام بان أحد اسباب الثورات العربية في هذه المرحلة هو استبعاد التيارات الاسلامية لسنوات طويلة من المشاركة في النظم او العمل العام.
قواعد الاسلاميين
لكن الاداء السياسي للتيارات الاسلامية بعد ثورة يناير كشف انها تسعي الي اعادة اختراع قواعد اللعبة السياسية علي طريقتها وليس التوافق مع القواعد الحالية؟
بالفعل حدث خلال الاشهر الاولي من الثورة وحتي الان بعض التنافر بين التيارات الاسلامية والتيارات العلمانية، لكن هذا امر طبيعي، لن اغلب تلك القوي كان مغيبا عن العمل السياسي، وتعود علي ظروف معينة من التشنج والانفعال، وفي تقديري ان عاما او عامين من الانفتاح السياسي ستكون مدة كافية لاستعادة التوازن بين التيارات الاسلامية وغير الاسلامية وسنجد ان الحقوق الوطنية والمصالح العليا للبلاد هي المقدمة، وسنجد ان التفاعل الايجابي علي الساحة هو الغالب علي كل التيارات اسلامية وغير اسلامية.
ولكن سنوات طويلة من التحالف بين الوفد والاخوان منذ انتخابات 1984 لم تفلح في التوصل الي صيغة حاسمة للتعاون، ووقع الانفصال في التحالف بينهما مؤخرا؟
الخلاف بين الوفد والاخوان هو خلاف يتعلق بالحسابات والتوازنات الانتخابية والمكاسب التي يسعي كل طرف الي حصدها من التحالف، وفي تقديري أن السبب الجوهري وراء خلاف الوفد والاخوان، هو محاولة حزب الوفد الاستقواء بنحو ثمانين من اعضاء الحزب الوطني المنحل لخوض الانتخابات المقبلة، وكذلك محاولته فرض قوته وشروطه علي التحالف واستغلال حاجة الاخوان في التحالف مع قوة علمانية يخاطبون من خلالها العالم، والوفد اراد أن "يبتز" الاخوان بهذا الوضع وهو ما رفضه الاخوان.
لكن لابد ان نعترف ان هناك خلافا ايديولوجيا او فكريا بين القوي الاسلامية والعلمانية، وهذا هو سبب الخلاف الحادث بين الجانبين حاليا، وهذا يحتاج الي سنوات حتي نصل الي حالة من النضج السياسي الذي يؤهل الجميع الي التعاون معا من أجل بناء مصر الجديدة، وأود التأكيد علي ان نجاح الثورة المصرية حاليا في تحقيق مطالبها اصبح مرهونا بالتوافق بين الاسلاميين وغير الاسلاميين، ومحاولة تجاوز الخلافات التي ظهرت في الأشهر الماضية، والذي صار يهدد بالفعل نجاح هذه الثورة. ولابد أن ندرك ان القوي السياسية الاسلامية تري بعضها البعض ربما للمرة الاولي بعد الثورة، فما بالنا بالقوي الاسلامية ونظيرتها العلمانية، وامامنا ما يقرب من عامين أو ثلاثة حتي نستطيع قراءة الخريطة السياسية بوضوح، والتعرف علي الفاعلين الرئيسيين علي الساحة، وبعد ذلك يمكننا الحكم علي مدي نضج التجربة.
بماذا تفسر الانحياز الكامل من جانب القوي الإسلامية لجميع قرارات المجلس العسكري.. ألا توجد بين الطرفين اي مساحة خلاف؟
بالفعل كانت هناك مساحة تأييد من الاسلاميين لخطوات المجلس العسكري، لكن في الفترة الاخيرة بدأت المواقف تتغير، خاصة بعد اعادة تفعيل قانون الطوارئ، وبعدما استشعر الاسلاميون بأن هناك توجها لفرض قواعد فوق دستورية، وهم رافضون لها، والشعور بأن هناك اتجاها ربما لبقاء المجلس العسكري في الحكم.
ولماذا كل هذا الرفض للمبادئ فوق الدستورية، وتحويلها الي ازمة وصدام مستمر مع القوي الداعية لوضع تلك المبادئ؟
نحن نرفض هذه المبادئ من باب أنها خروج علي الارادة الشعبية التي استقرت في استفتاء 19 مارس، وانها لا تتعلق بالديمقراطية، فكيف نقيد مجلس منتخب من الشعب، بقواعد لا علاقة بها بارادة الجماهير أو الشعب، ومن الذي سيضع تلك القواعد ويفرضها، فضلا عن ان تلك المبادئ تتضمن مجموعة من القواعد ذات الطابع الاستبدادي الخطير، فلا يجوز الاقتراب منها او تعديلها، واعتبار ان الجيش حارس لتلك المبادئ، وهذا في تقديري ردة عما تحقق في ثورة يناير، واذا سلمنا بان الجيش يتدخل بهذه الصورة التي يريدها بعض الليبراليين، فإننا بذلك لا نعود فقط 50 عاما للوراء، وانما 200 عام كاملة.
ولكن النموذج التركي في هذا الصدد واضح وناجح، فالجيش له دور في حماية الدستور.. فلماذا ترفضون هذا التصور؟
النموذج التركي يتخلص من هذه السوأة والعار علي تركيا،ويسعي الي التخلص منها بكل قوة، وبالفعل تخلص من كثير من القيود التي كان يضعها العسكر علي الحياة السياسية في تركيا، وهم في طريقهم الي التخلص الكامل من سيادة وسيطرة العسكر علي الحياة السياسية.
أزمة »الدستور أولا« كانت واحدة من أسباب توتر العلاقة بين القوي الاسلامية والمدنية.. لماذا رفضكم لوضع الدستور قبل الانتخابات؟
لدينا اسباب كثيرة تدفعنا الي رفض الدستور اولا، في مقدمتها عدم الخروج علي الشرعية التي اقرها استفتاء 19 مارس، وهو الانزه طوال 60 عاما، فكيف يأتي الشعب وبهذه الاغلبية الواضحة ليقول الانتخابات اولا، فيأتي البعض ليلتفوا علي تلك الارادة ويقولوا الدستور اولا، اننا بذلك نصيب الشعب باحباط، لأن ارادته لا تحترم، كما ان الخروج من الازمة في تصورنا يتطلب تولي حكومة مدنية منتخبة لمقاليد السلطة تكون اقدر علي مواجهة التحديات، وفي مقدمتها المطالب الفئوية والاجتماعية التي لا يستطيع المجلس العسكري او الحكومة الوفاء بها، لأنهما لا يملكان الشعبية الكافية لتحقيق تلك المطالب، بينما اذا جاءت حكومة منتخبة ربما تكون اكثر جرأة في مواجهة تلك التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
قانون الطوارئ
موقفكم في الجماعة الاسلامية من اعادة تفعيل قانون الطوارئ كان يميل الي تحميل شباب الثورة المسئولية عنها بعد أحداث جمعة »تصحيح المسار«؟
رغم ان الجمعة التي حدث فيها هذا الانفلات قد حذرنا منها، وطالبنا بمراعاة المصالح العليا للبلاد، وعدم تعريض أمنها للخطر، لكننا نعتقد ان ما حدث بها ليس مبررا كافيا لتمديد حالة الطوارئ، ونري ان هذا القرار باعادة الوارء هو اهانة كبيرة للشعب المصري، خاصة بعد ثورة 25 يناير، ونري ان القانون الجنائي المصري كفيل وزيادة بمواجهة كل مظاهر الاجرام والانفلات الامني التي يتذرع بها البعض لتمديد الطوارئ، وندعو الي التصدي بكل وسائل التعبير السلمي لفرض الطوارئ مرة أخري، واذا كنا نلوم جزئيا بعض شباب الثورة علي الانفلات الذي حدث في جمعة 9 سبتمبر الماضي، فهو من سبيل توجيه اللوم للحسابات الخاطئة في اختيار الوقت والظرف المناسبين، وعدم توفير التأمين الكافي للمظاهرة، فمن يدعو لمليونية لابد ان يكون قادرا علي تأمينها، او كما يقولون »اللي يحضر العفريت لابد يكون قادرا علي صرفه«.
ولكن الاسلاميين انفسهم استخدموا المليونيات كوسيلة لتوصيل مطالبهم، فلماذا تنطرونها علي غيركم؟
الدعوة الي تنظيم مليونيات أمر مشروع لكل القوي السياسية، ولكننا أكدنا ضرورة ان تكون أهداف تلك المليونيات موضع اتفاق من الجميع، وهناك اتفاق علي الشعارات، وتنظيم جيد يضمن عدم وقوع انفلات أو تسلل لبعض الفلول لإحداث فوضي تؤدي في النهاية الي أحداث مؤسفة كما حدث في جمعة 9 سبتمبر، التي استغلت فيما بعد لفرض قانون الطوارئ، وبحيث لا تتحول تلك التظاهرات الي مجرد عمل فوضوي يضر بمصالح الناس ويتسبب في كفر المواطنين بالثورة وأهدافها.
هل معني حديثك ان شعبية الثورة لدي الشارع تتراجع؟
للأسف الشديد هناك أخطاء في ادارة اجراءات الثورة أدت الي تشويه الثورة لدي قطاع كبير من الشعب، فهناك كثير من الفقراء يشعرون بأن الثورة لم تقدم لهم شيئا، وهناك من تعطلت مصالحهم، ويشعرون بأن مبارك هو الافضل، وهذه العبارة للأسف صارت منتشرة، وتؤكد اننا جميعا مقصرون، فحتي الان لم يتضح لعموم المواطنين ما هي الثورة وما اهدافها وما النتائج التي حققتها، وما هي الطموحات الكبيرة التي تسعي الثورة الي تحقيقها، وهذا ما سيجعلهم يصبرون علي بعض المعاناة، في انتظار مصالح أكبر عندما تقوم مصر الكبري في القريب العاجل ان شاء الله.
ومن المسئول عن هذه الاخطاء في ادارة اجراءات الثورة من وجهة نظرك؟
في تقديري ان المسئولية مشتركة بين كل القوي السياسية الموجودة في الشارع سواء من احزاب سياسية أو ائتلافات للثورة أو تيارات اسلامية وغير اسلامية، والنخبة المثقفة، قبل الحكومة وقبل المجلس العسكري، فهناك انقسام واضح بين كل القوي سواء اسلامية او علمانية، هناك من يري ضرورة الحضور في الشارع بشكل يومي، مهما كانت النتائج، بينما الغالبية العظمي من التيارات الاسلامية تري ضرورة ترشيد المليونيات بحيث تكون قليلة لكن مؤثرة.
هل تري ان اجراء الانتخابات البرلمانية في ظل الاجواء الامنية الحالية قرار صائب؟
صحيح ان الانتخابات البرلمانية المقبلة قد تكون محفوفة ببعض المخاطر، لكنه اجراء ضروري ودواء مر مهم حتي نصل الي حكومة منتخبة ستكون ضمانة للاستقرار، أما اذا تذرعنا بالانفلات الامني فربما تسير الامور نحو انفلات أكبر يؤدي الي انهيار البلاد اذا لم نصل الي حكم مدني، وحكومة منتخبة.. واستمرار الاوضاع بصورتها الحالية يدفع بالبلاد الي حافة الهاوية، نخشي انه اذا انهارت مصر فلن تقوم لها قائمة، واذا قامت فستكون عدة دويلات.
وما موقف الجماعة الاسلامية أو حزب البناء والتنمية في حالة الموافقة علي تأسيسه من هذه الانتخابات ؟
نحن طبعا بانتظار حكم القضاء اليوم فيما يتعلق بموقف الحزب، واذا تمت الموافقة عليه ستكون لنا قائمة موحدة باسم الحزب، واذا لم تتم الموافقة علي الحزب ستخوض الجماعة الانتخابات في حدود امكاناتها المتاحة وبما لايقل عن 100 مرشح، ربما تكون توقعات الفوز اقل من هذا العدد، لكننا نتوقع ان نحقق تقدما ملموسا من خلال مواجهتنا لفلول الحزب الوطني في الصعيد بالذات، لأننا نعتقد ان هذه معركة الثورة، ومعركة مصير، والجماعة الاسلامية بحكم شعبيتها الكبيرة في الصعيد تجد نفسها مسئولة عن خوض هذه المعركة الشرسة ضد فلول الحزب الوطني الذين يستعدون بقوة لخوض الانتخابات البرلمانية في الصعيد.. ونحن واثقون في ان وعي الشعب المصري وحبه للثورة هو اكبر ضمانة لحماية الامن، والتصدي للبلطجة التي قد تسعي الي افساد الانتخابات المقبلة.
الانتخابات البرلمانية
هل تعتقد ان الانتخابات المقبلة ستكون مختلفة عن اية انتخابات برلمانية شهدتها مصر من قبل ؟
بالتأكيد هناك بعض الاخطاء الموجودة بحكم الميراث الثقيل في مسيرة الانتخابات في مصر منذ عقود، لكنني علي يقين من ان الانتخابات المقبلة ستكون تجربة جديدة يبني عليها في صنع مستقبل مصر الحديثة،وحتي نصل الي تجربة سياسية ناجحة.
هل ستخوضون الانتخابات في اطار تحالف اسلامي مع قوي وأحزاب اسلامية اخري؟.
المشاورات مستمرة حتي الان بيننا وبين كل القوي الاسلامية، واعتقد انها ستستمر حتي اللحظات الاخيرة قبيل الانتخابات.. وبالطبع فض التحالف الانتخابي بين الوفد والاخوان يقوي من فرص تحالف القوي الاسلامية بعضها البعض، في اطار تحالف اسلامي أوسع.
ألا يؤدي ذلك الي زيادة حالة الاستقطاب الحاد بين المعسكرين الاسلامي والعلماني في مصر؟
حتي لو زالت هذه الفجوة بين الاسلاميين والعلمانيين، فإنني اعتقد ان البرلمان القادم ستتغلب فيه المصالح العليا للبلاد، والاسلاميين في هذا المجال اقدر علي استيعاب القوي العلمانية، وفرض أجندة مصالح وطنية علي البرلمان القادم.
هل تتوقع ان يحصد الاسلاميون الاغلبية في البرلمان المقبل؟
هناك احتمال ان ينجحوا في تحقيق الاغلبية في البرلمان القادم، ولكن حتي لو تحقق ذلك فإنني اعتقد انه سيتم تشكيل حكومة خبراء او فنيين لاستنهاض طاقات المجتمع كله، وبحيث تمثل الحكومة كل القوي والتيارات السياسية، وتواجه العالم باسم مصر كلها، وليس باسم تيار واحد فقط.. واعتقد ان القوي العلمانية المخلصة تتمني هذا الحل، وهو تشكيل حكومة تكنوقراط تسير امور البلاد، لأنه ليس هناك تيار في مصر قادر وحده علي تحمل مسئوليات ونتائج الحكومة القادمة.. ونحتاج اولا الي ارساء دولة القانون وتأسيس نظام سياسي منفتح يتجاوز نقاط الخلاف.
اذا ما انتقلنا اخيرا الي ملف الجماعة الاسلامية.. ما تفسيرك لخروج عدد من قياداتها التاريخية من صفوف الجماعة مؤخرا؟
هذا الخروج ارتبط بطبيعة الاوضاع السياسية بعد ثورة 25 يناير، فرأت قواعد الجماعة تنظيم انتخابات لاختيار قيادات الجماعة، وبالفعل عقدت أول جمعية عمومية لأعضاء الجماعة، وتم انتخاب مجلس شوري جديد، لم يكن من بينه عدد من قيادات الجماعة السابقين، ورأي بعضهم ان يتجهوا الي ممارسة العمل السياسي بعيدا عن الجماعة، ودعوا الي تأسيس حزب غير حزب الجماعة، وهذا حق مشروع للجميع ونتمني لهم التوفيق،ونحن بالفعل في حاجة الي المزيدمن الاحزاب لاستيعاب طاقة 80 مليون مصري، وفي خلال السنوات المقبله ستتبلور هذه الاحزاب جميعا في اربعة او خمسة أحزاب كبيرة، وانا مع تخفيف شروط تأسيس الاحزاب.
هل لديكم توافق حول مرشح للرئاسة ؟
موقفنا هو الانتظار لحين اكتمال مشهد المرشحين للرئاسة، وسنساند المرشح الذي يمكنه ان يلبي متطلبات المرحلة الدقيقة من عمر الوطن، حتي لو كان غير اسلامي، واهم تلك المتطلبات بناء دولة القانون القادرة علي توفير الحريات والحقوق للجميع، وبناء نظام قضائي مستقل، ودفع عجلة البناء والتنمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.