في إطار حرص منتدى رفاعة الطهطاوي على مناقشة قضايا المرحلة الانتقالية في مصر، عقد المنتدى ورشة عمل بعنوان " رؤية المجتمع المدني حول الجمعية التأسيسية لوضع الدستور" استهدفت طرح مبادرات المجتمع المدني الخاصة بتشكيل الجمعية التأسيسية المرتقبة لوضع الدستور ..بعدما تصاعد الجدل في الأيام الأخيرة حول تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور و تتعددت المبادرات و المقترحات في هذا الشأن و تنوعت هذه المقترحات في اختيار نسب المائة شخص المكونيين للجمعية التأسيسية سواء تلك المقدمة من قبل المنظمات الحقوقية و الأهلية أو من المفكرين السياسيين و فقهاء القانون أو قادة الرأي بل و أعضاء البرلمان أنفسهم. استضاف المنتدى عدداً من نشطاء المجتمع المدني و الإعلاميين المهتمين بالموضوع محل المناقشة، و اعتلى منصة المنتدى كلاً من الدكتور سعد الدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون، و الدكتورة ابتهال رشاد خبيرة التنمية البشرية و حقوق المرأة، و الأستاذ شريف هلالي مدير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى وحقوق الإنسان، والأستاذ عصام عبد العزيز رئيس جمعية أرض المواطنة للتنمية الشاملة و حقوق الإنسان، و أدار ورشة العمل الأستاذ محمد محيي رئيس جمعية التنمية الإنسانية بالمنصورة. في بداية الجلسة نوه ممثل عالم واحد على أهمية انعقاد هذه الورشة في إطار سلسلة ورش العمل التي يقوم بها المنتدى لبحث قضايا و متطلبات المرحلة الانتقالية و طرح رؤية أصحاب المصالح حولها. و في هذه الورشة تم توزيع مقترح تشكيل الجمعية التأسيسية والذي اقترحه منتدى رفاعة الطهطاوي و تم عرضه للنقاش ضمن فعاليات الورشة. و بدأت الفعاليات بكلمة مدير الجلسة الأستاذ محمد محيى والتي رحب فيها بالضيوف والحضور وأكد خلالها على أهمية موضوع التشكيل لأن هذه الجمعية يقع على عاتقها التعبير عن كل أطياف و احتياجات المجتمع في الدستور القادم. و في كلمة أشار الدكتور سعد الدين ابراهيم إلى الدور الكبير الذي لعبته المرأة و الشباب في الثورة المصرية و استعاد أحداث الثورة و أيامها مششداً على أن الأمر يكمن فى الشباب حيث كان غالبية أعمار المشاركين في الثورة من الشباب فالشباب فى العالم كله هم مفتاح التغيير على حسب قوله. أوصى الكتور سعد بأن تكون هناك نسبة 40% من الجمعية التأسيسية للشباب حيث لابد أن يكون لهم تمثيل سياسي واضح أياً كانت عقيدة هؤلاء الشباب أو تياراتهم، فالشباب هم الضمانة الوحيدة للتغيير. واستهلت الدكتورة ابتهال رشاد خبيرة التنمية البشرية حديثها بشكر مؤسسة عالم واحد على دورها الفعال واستضافتها الدائمة للموضوعات الهامة وطرحها على الساحة للنقاش. و ناشدت رشاد في كلمتها كبار السن والشيوخ المتواجدين فى أماكن السلطة بأن يتركوا أماكنهم للشباب حتى يتمكنوا من المشاركة فى الحياة السياسية بشكل فعال وأكدت أنها تقصد بالشباب الجنسين من النساء و الرجال. عبرت عن استيائها من وضع المرأة سياسياً بعد الثورة فهي غير ممثلة سياسياً و دللت على ذلك بالنسبة الضعيفة للمرأة في مجلس الشعب و التي لا تتعدى عشر سيدات. وواصلت رشاد حديثها بأن دور المرأة بدأ يتراجع فالمرأة الآن أصبحت مهمشة و يتم استغلالها دائماً من قبل النخبة السياسية ففى الانتخابات التى حدثت تم استغلالها من تيارات بعينها لتوجيهها، وعلى هذا فإن مشاركتها لم تكن فعالة للدرجة المرجوة ولكنها كانت موجهة لخدمة تيارات بعينها. قالت أن نسبة 10% التي حددها المقترح لأعضاء البرلمان هى نسبة كافية، ولكنها حرصت في تعليقها أن تكون المرأة ممثلة في العشرة أعضاء و كذلك الأمر فيما يتعلق بنسبة 10% التي خصصها المقترح لمنظمات المجتمع المدنى حيث أكدت على أهمية أن يكون من ضمنها جمعيات نسائية وعدم تركها مفتوحة. و فيما يتعلق بنسبة مشاركة المؤسسات الدينية فطالبت رشاد بأن يكون هناك أربعة ممثلين عنها بدلاً من ممثلان اثنان فقط. فيما يتعلق بتمثيل المؤسسة العسكرية في الجمعية التأسيسية قالت " إنه لا داعى لوجود ممثلين من المؤسسة العسكرية أو من الشرطة ضمن أعضاء اللجنة"، و شددت أيضاً على أن تكون نسبة الشباب في الجمعية التأسيسية لاتقل عن 40% من الشباب "رجال ونساء" بمختلف تياراتهم وتصنيفاتهم وعدم التميز ضد أي أحد. قدمت د. ابتهال رشاد اقتراحاً بأن يكون رئيس مصر القادم له ثلاث نواب يكون من بينهم سيدة وذلك تفعيلاً لدور المرأة في المجتمع. و في سياق متصل، ألمحت إلى أن الدستور القادم يجب أن يوضح المهام الرئيسية لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكل المناصب القيادية فى الدولة. تطرق شريف هلالي مدير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان لمعايير الجمعية التأسيسية للدستور و قال أن النص الدستوري لم يوضح لنا معايير اختيار أعضاء هذه اللجنة و كذلك لم يحدد ما إذا كانت الجمعية كلها من خارج البرلمان أم تتضمن أعضاء برلمانيين و هكذا. ثم عرض هلالي بعد ذلك لتطور خبرة وضع الدساتير في مصر منذ بدء الحياة النيابية بها مشيراً إلى أنه لم يحدث من قبل أن قامت جمعية تأسيسية بوضع الدستور. أما بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير فأشار هلالي إلى أن هناك إشكالية كبيرة حيث الوضع السياسي المرتبك و زيادة الجدل و تعثره حول ماذا كان الدستور أولاً أم الرئيس. تساءل هلالي كيف يأتي رئيس بدون صلاحيات محددة من قبل ومتفق عليها سلفاً خاصة وأن الخريطة السياسية للمرحلة الانتقالية مرتبكة وبشدة. و من ثم أوصى هلالي بأهمية التحري الجيد لاختيار الجمعية التأسيسية وذكر أن مائة عضو فقط للجمعية التأسيسية غير كاف. اقترح هلالي بأن يكون هناك لجان فرعية مشكلة من أطياف مختلفة تساعد اللجنة التأسيسية الأصلية في عملها وكذلك تضمن التنوع فى مختلف تيارات و أطياف المجتمع. وضمن حديثه ذكر أن مبادرة الدكتور علي السلمي بوضع مبادىء حاكمة كانت مبادرة جيدة وكانت فرصة لتشكيل الأسس التى يبنى عليها الدستور. قال هلالي أن نسبة أعضاء مجلسي الشعب والشورى هي مسألة جدل غير محسوم ولكن من أهم المعايير فى الجمعية التأسيسية هو التمثيل السياسي الكامل لكل القوى السياسية المتواجدة على الساحة. و أكد على أهمية تمثيل المرأة والشباب ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني في هذه الجمعية. أثنى هلالي على وجود الهيئات القضائية ضمن المقترح ولكنه ذكر فيما يخص نسبة النقابات العمالية والمهنية والاتحادات العمالية بأنها نسبة كبيرة فى المقترح يمكن تقليلها إلى 15 ممثل عنها فقط بدلاً من 25 ممثل. و فيما يتعلق بنسبة الفلاحين و التي حددها المقترح ب 5% فرأى هلالي أنها نسبة معقولة و مناسبة..مؤكدا أن الأهم من اختيار الجمعية التأسيسية هى بنود الدستور نفسه التى ستسير عليها البلاد بعد ذلك، و يحدد العلاقة بين السلطات. قال عصام عبد العزيز رئيس جمعية أرض المواطنة لحقوق الإنسان والتنمية الشاملة أبدى تحفظه على تمثيل أعضاء البرلمان فى تشكيل الجمعية التأسيسية مبرراً بأن الدستور هو عقد يحدد العلاقة بين الشعب ورئيسه وأننا لن نضع دستور كل يوم. ولذا نوه عبد العزيز على أهمية أن يتم اختيار أعضاء هذه الجمعية بشكل جيد. و أعرب عبد العزيز عن رؤيته في أن الدستور كان من المفترض أن يوضع أولاً . و تعجب عبد العزيز من اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية من البرلمان وهم أصحاب مصلحة رئيسية فى الدستور القادم. و فيما يتعلق ببنود الدستور القادم فأكد عبد العزيز على أنه من أهم البنود التى يجب أن تتوفر فى الدستور هو ضمان حقوق ممارسة الحريات وحقوق المواطنة للجميع، مشيراً إلى أن تمثيل أعضاء مجلس الشعب في هذه الجمعية لايضمن هذه الحقوق فى حرية الرأي والمعتقد وغيرها من الحريات، مشدداً على أهمية تكافؤ الفرص في الدستور. و أشار عبد العزيز إلى أن التمثيل السياسي في الجمعية فيما يتعلق بأعضاء البرلمان يجب أن يكون من الأحزاب السياسية و المستقلين معاً وليس من الأحزاب فقط أو تيار دون آخر بحجة أن هذه إرادة الشعب فالمجلسين لا يعبران عن إرادة كاملة للشعب. و انتقد عبد العزيز قول الدكتورة ابتهال رشاد فيما يخص التمثيل للجمعيات النسائية حيث قال إن التمثيل يكون بشكل عام بدون تخصيص او تحديد لأن الهدف العام لكل المنظمات واضح. تسأل أحد الحضور من طائفة الروم الأرثوذوكس عن كيفية تمثيل هذه الطائفة وهي تعد من الأقليات كما أنها تتعارض مع بعض الطوائف المسيحية فتساءل عن ما هو معيار تمثيله فى اللجنة التأسيسة وكيفية التعامل مع طائفته خاصة فيما يخص الأحوال الشخصية وغيرها. و في إجابة من الحضور أكد الحاضرون على أنه لابد من تواجد كافة التيارات والطوائف داخل الجمعية التأسيسية للدستور لأنهم مصريون ومن حقهم أن يكون لهم تمثيل داخل الجمعية التأسيسية، الأمر الذي يوحي بأهمية وجود لجان فرعية يكون أعضاؤها من الطوائف المختلفة لتساعد الجمعية في عملها و ذلك على حد قول الأستاذ شريف هلالي. اوصت ورشة العمل بتمثيل الشباب فى الجمعية التأسيسية بنسبة لاتقل عن 40% مع وجود تمثيل جيد للمرأة في الجمعية بنسبة تضمن مشاركتها بصورة فعالة مع تمثيل كافة الطوائف الدينية من مسلمين ومسيحيين بكافة تنوعاتهم مع تمثيل منظات المجتمع المدنى و منظمات حقوق الإنسان بشكل كبير بحيث تتراوح النسبة بين 15إلى20%. طالبت ورشة العمل بوجود لجان فرعية مساعدة لعمل اللجنة التأسيسية ويكون بها تنوع أكبر من ممثلي المجتمع المدني مع التمثيل الجيد للجمعيات الأهلية الصغيرة وتشجيعها على زيادة دورها فى التوعية السياسية وأن تقدم مؤسسات المجتمع المدنى مقترح توافقى اجتماعى موحد يتفق عليه كافة المنظمات فيما يتعلق بتشكيل الجمعية وتقديمها للجهات المعنية ووجود موقع إلكتروني يعبر عن مؤسسات المجتمع المدني وتطرح مقترحاتها بشأن القضايا العامة باستمرار ويتم عمل استفتاءات عن هذه المقترحات.