بدأ معدل نمو الودائع ببنوك الامارات في التباطؤ مسجلاً في سبتمبر الماضي أدنى مستوى خلال عشرة أشهر عند 5.3% مقارنًة ب 7.3% خلال أغسطس السابق، وفقا لأحدث بيانات مصرف الامارات المركزي. ويشير التباطؤ الحاد بنمو ودائع البنوك إلى أن التدفقات المالية على الدولة الخليجية تتباطأ وربما تعكس اتجاهها مع عزوف المودعين بسبب انخفاض أسعار الفائدة وانحسار تأثيرات الربيع العربي.
ويرجع مصرفيون ومحللون هذا التباطؤ لعاملين أحدهما يتمثل في نزوح رؤوس الأموال إلى الامارات التي حافظت على استقرارها السياسي هذا العام من دول في الخليج وشمال أفريقيا شهدت اضطرابات سياسية، حيث بلغ النمو في ودائع غير المقيمين التي تمثل نحو10% من إجمالي الودائع 40% في فبراير.
أما العامل الرئيسي الثاني فيتمثل في أسعار الفائدة التي أغرت شركات وأفرادًا من الإمارات ودول أخرى لايداع أموالهم في البنوك الاماراتية، حيث تجاوز سعر الفائدة الاسترشادي على قروض الثلاثة أشهر بين البنوك الاماراتية 2% في الربع الأول من العام الجاري وهو مستوى أعلى كثيرًا من أسعار الفائدة التي تقترب من صفر% على الدولار الذي يرتبط به الدرهم الاماراتي بعد أن زادت آفاق الاقتصاد الأمريكي قتامة في وقت سابق من العام، وأصبح من الواضح أن أسعار الفائدة الأمريكية ستبقى على الأرجح قرب مستوياتها شديدة الانخفاض لسنوات.
ويرى محللون أن كلا العاملين اللذين حفزا نمو الودائع قد ضعف، حيث تراجعت التدفقات المالية الجديدة المرتبطة بأحداث الربيع العربي وربما تكون قد عكست اتجاهها على أساس صافي التدفقات والسحوبات مما قد يرجع إلى انتهاء الموجة الأولى الكبيرة من نزوح رؤوس الأموال أو عودة الاستقرار جزئيا إلى الدول التي تأثرت بالاضطرابات.
وقال محلل مصرفي في بنك اماراتي كبير طلب عدم نشر اسمه:" شهدنا تدفقات من أموال المضاربة بسبب الاضطرابات في المنطقة واسترد الناس أموالهم، فمن المحتمل أن يحدث تقلب لمدة شهرين أو أكثر قليلا."
في الوقت نفسه يبدو أن المستثمرين يعزفون عن التعاملات على أسعار الفائدة الاماراتية وفي رد فعل على تكدس الودائع في البنوك تراجع سعر الفائدة الاسترشادي على قروض ثلاثة أشهر بين بنوك الامارات إلى مستوى 1.47% في أغسطس مما قلل جاذبية الودائع الاماراتية. وقالت خديجة حقي، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك الاماراتدبي الوطني:" عندما تنظر إلى ما كانت تدفعه البنوك في الامارات على الودائع ببداية العام وما تدفعه حاليا تجد أن أسعار الفائدة قد انخفضت، والفرق بين سعري الفائدة بين البنوك بالإمارات وسعر الفائدة بين البنوك بلندن تقلص خلال الصيف مما قلل العائد على ودائع الامارات.
وانخفضت شهادات الايداع المستحقة الدفع من 119.2 مليار درهم (32.5 مليار دولار) في مايو إلى 86.7 مليار درهم في نهاية سبتمبر وفقا لبيانات المصرف المركزي، وقال جياس جوكنت، كبير الاقتصاديين في بنك أبوظبي الوطني، إن هذا يعد مؤشرًا قويًا على خروج الأموال قصيرة الأجل من التعاملات على أسعار الفائدة الاماراتية.
وغادرت بعض هذه الأموال البلاد لكن التعاملات في سوق الصرف لا تشير إلى سحوبات مالية ضخمة للغاية من الامارات، كما تراجعت العقود الآجلة للدولار مقابل الدرهم لأجل ستة أشهر التي تنخفض مع تزايد الضغوط لرفع قيمة الدرهم أمام العملة الأمريكية من نحو 20 نقطة في مستهل العام إلى نحو سالب 20 نقطة في أغسطس لكنها تعافت جزئيا لتصل إلى نحو سالب خمس نقاط حاليا.
وقال مصدر في بنك اماراتي إن جزءا كبيرا من الأموال التي سحبت من الودائع خلال الشهور الثلاثة الماضية لم يغادر البلاد لكن جرى تحويله إلى أدوات أخرى بعائدات أعلى مثل المنتجات المهيكلة.
ويشكل تباطؤ نمو الودائع ضغوطا صعودية محدودة على أسعار الفائدة في سوق النقد قصير الأجل بين البنوك إذ ارتفع سعر الفائدة على تعاملات ثلاثة أشهر منذ أغسطس إلى 1.50% وتوقعت مؤسسة موديز، في تقرير الأسبوع الماضي، أن يبقى نمو الاقراض في الامارات منخفضًا في الفترة المتبقية من 2011 عند مستوى يتراوح بين 3 و5% مقارنة مع 25% قبل الأزمة كما توقعت أن يظل الاقراض متحفظا في 2012.
ولا يزال سوق العقارات ضعيفا بينما يرى المحللون مجالا لمزيد من التراجع في الأسعار، مما يستبعد أن يحدث الآن سحب كبير للودائع الاماراتية إلى أسواق الأصول. كما أنه إذا تفاقمت أزمة منطقة اليورو إلى الحد الذي يشرع عنده المستثمرون في سحب أموالهم من البنوك الكبرى في الغرب فإن الودائع المصرفية الاماراتية قد تصبح مجددا ملاذا آمنا نظرا لارتفاع مستويات رأس المال في بنوك الدولة الخليجية والدعم الذي يمكن أن تقدمه امارة أبوظبي الغنية في حالات الطورائ.