توقع خبراء ومحللون إقتصاديون أن تتأثر البورصة المصرية سلبا حال إلغاء دعم الطاقة على بعض الصناعات مثل الحديد والاسمنت والاسمدة فى ضوء إرتباط هذه الصناعات بقطاعات إقتصادية حيوية كالاسكان والعقارات والاغذية والتى تعد من أكثر القطاعات تأثيرا فى تحديد إتجاهات مؤشرات السوق. وقالوا فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الاوسط إنه رغم قلة عدد الشركات المقيدة بالبورصة العاملة فى هذه المجالات وضعف نشاطها إلا أن تأثيرها سيكون غير مباشر على القطاعات المرتبطة بهذه الصناعات. ويرى معتصم الشهيدي عضو مجلس إدارة شركة هوريزون لتداول الاوراق المالية أن تأثير قرار الغاء دعم الطاقة على عدد من الصناعات - حال اقراره - على البورصة المصرية سيكون له شقين، أولهما مباشر ويتمثل فى تأثر أسهم شركات الحديد والاسمنت والاسمدة والبورسلين بشكل كبير نتيجة الهبوط المتوقع في معدلات ربحيتها، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى عزوف صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية عن أسهمها. وأشار إلى أن الشق الثاني يتمثل فى التأثير غير المباشر وهو الاخطر، خاصة على القطاعات الحيوية والنشطة بالبورصة مثل قطاعات العقارات والاسكان والاغذية، مشيرا إلى أن البورصة المصرية تعاني حاليا من أزمة سيولة وعزوف من المستثمرين على عمليات الشراء نتيجة حالة عدم الاستقرار التى سادت بعد ثورة يناير. وأوضح أن إلغاء دعم الطاقة سيؤدى إلى إرتفاع تكلفة الانتاج فى أكثر من 70 صناعة فى مصر وبالتالي يؤدى إلى مزيد التضخم والركود الاقتصادي بما يعني مزيدا من البطالة وإرتفاع الاسعار، مشيرا إلى أن القطاع العقاري على سبيل المثال يعاني ركودا حادا فى الفترة الحالية ومثل هذه القرار سيؤدى إلى مزيد من الارتفاع فى أسعارها وبالتالي مزيد من الركود. ولفت إلى أن القرار سينعكس أيضا على سوق السلع الغذائية حيث سيؤدى إلى إرتفاع تكلفة المنتجات الزراعية بعد زيادة الاعباء على المزارعين نتيجة الارتفاع المتوقع فى أسعار الاسمدة، مشيرا إلى ان السوق ليس فى حالة إلى أعباء إضافية فى الفترة الحالية. واقترح الشهيدي إلغاء دعم الطاقة فقط على الحصص المصدرة من هذه الصناعات، أما الحصص التى تستهدف السوق المحلي فيجب إستمرار الدعم لها حتى لا تؤثر على الاسعار وتؤدي إلى زيادة معدلات التضخم.من جانبه.. توقع عمرو الالفي رئيس قسم البحوث فى شركة سي أي كابيتال للأبحاث تباين تأثير قرار إلغاء دعم الطاقة على بعض الصناعات وفقا لكثافة إستخدام كل صناعة للطاقة، وإن رأى التأثير الاكبر قد ينحصر في صناعات البورسلين والاسمدة وأقل منها فى قطاعات الحديد والاسمنت. وأشار إلى أن الحكومة كانت قد اشترطت على مصانع الحديد والاسمنت الجديدة توفير مصادر طاقة خاصة بها، بما يعني أن التأثير سيكون فقط على جزء من هذه الصناعات وليس كلها. وفى سياق متصل يرى محمد النجار مدير البحوث والاستثمار في شركة المروة للاستشارات المالية أن الاتجاه لالغاء دعم الطاقة يأتي فى إطار سعي الدولة بعد الثورة لإعادة هيكلة الموارد والاستخدام الامثل لها. وأضاف أن الحكومة السابقة كانت قد بدأت هذه الاتجاه من خلال مطالبة الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بتوفير مصادر طاقة خاصة بها بما يعني أن هذا التوجه موجود لدى الدولة منذ فترة. ورأى أن هذا القرار قد يؤدى إلى تراجع معدلات الاستثمار المحلي والاجنبي فى هذه الصناعات ، بما يجعل على الحكومة ضرورة التفكير فى توفير مصادر طاقة بديلة رخيصة مثل التوسع فى استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وقال إن المشكلة ربما لا تظهر بشكل كبير فى الصناعات المحددة والتى يشملها القرار ولكن ستكون بشكل أكبر على القطاعات الاخرى المرتبطة مثل الاغذية والعقارات وهما من أكثر القطاعات تأثيرا فى الاقتصاد. ولفت إلى أن البورصة قد تشهد مزيدا من الضغوط حال إقرار إلغاء دعم الطاقة فى ظل حالة العزوف الكبيرة ونقص السيولة الذي تعاني منها السوق فى الاسابيع الاخيرة، كما أن صناعات الحديد والاسمنت والاسمدة ذاتها قد تشهد عزوفا من قبل البنوك عن الاستثمار فيها أو ربما تمويلها. واقترح التنفيذ التدريجي للقرار فى حال الاصرار عليه بحيث يتم البدء بالصناعات منخفضة الاستهلاك مثل الحديد ثم الاسمنت والاسمدة.من جانبه.. قال محسن عادل المحلل المالي إن الغاء دعم الطاقة لعدد من الصناعات وإن كان لا يمثل جانبا كبيرا من تكلفة إنتاجها قد يدفع المصنعين والمنتجين لإعادة النظر في حساب تكلفتهم النهائية للسلع بعد أن اطمأنوا خلال الفترة الأخيرة لتحسن مناخ الاستثمار بعد الثورة. وأكد أن الإجراء الحكومي ربما يهدف لإحداث نوع من التوازن في السوق، وكذلك واعادة توظيف المبالغ المنفقة على الدعم المقدم لصالح قطاعاتٍ أخرى في حاجة لهذه المخصصات المالية الكبيرة التي رصدت لتلك الصناعات خلال السنوات الماضية مشيرا إلى أنه لأول مرة تفصح جهة حكومية عن خطة تسعيرية مستقبلية تتميز بالتدرج في التطبيق بما يعطي الفرصة للمصانع لتكييف أوضاعها ورسم سياستها المستقبلية أيضا. وأشار إلى أن إلغاء دعم الطاقة سيخفف العبء على ميزانية الحكومة وسيساعد على تقليل العجز المالى لمعدل الناتج المحلى الإجمالى.ومع ذلك، فإن القلق بشأن ارتفاع الأسعار موجود. وأضاف أن المصانع قليلة الاستهلاك للطاقة لن يضيرها أو يؤثر في أرباحها بشكل كبير إلغاء أو تقليل الدعم الموجه إليها، مؤكدا أن بعض الشركات التي تعمل في تصنيع الأجهزة المعمرة وشركات الغزل والنسيج والسجاد، فتمثل الطاقة نحو 3 في المائة من إجمالي التكلفة. وطالب بضرورة وضع برنامج زمنى محدد و الإلتزام به ، لإلغاء دعم الطاقة الموجه للشركات و المصانع علي ان تتم الزيادة تدريجيا مع التأكيد علي ان الاموال الفائضة نتيجة لذلك يجب ربطها بأهداف إجتماعية أو إقتصادية قابلة للقياس كنسبة القيمة المضافة محليا وحجم العمالة أو تطبيق مبادىء الادارة الرشيدة أو توفر مؤشرات مالية محددة تؤكد توفر قدر من الجدية و فرص النجاح للشركات التى يتم دعمها مستقبلا.