جامعة قناة السويس تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بتنظيم أنشطة وفعاليات وطنية    بالصور.. محافظ أسوان يفتتح مبنى مدينة ناصر للطالبات    هيئة الكتاب تصدر "الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة عام 1973" للواء محمود طلحة    «تدمير طائرات ميراج بطائرة ميج 21».. الجيش المصري وملحمة «الاستنزاف»    الشاعر جمال بخيت: الإنتاج الفني لم يتوقف بعد نكسة 67 وسادت روح التحدي    أجراس الكنائس فى الشرقية تدق احتفالا بذكرى أكتوبر    فيلم «الطريق إلى النصر» يكشف بطولات القوات المسلحة    تعرف على أسعار النحاس بالسوق المحلي اليوم الأحد    البطاطا والمانجو تتصدران قائمة الصادرات الزراعية المصرية، والسودان والصومال أكبر المستوردين    تخفيضات على 3 آلاف سلعة داخل 1300 مجمع استهلاكي بنسبة 10%    مياه أسيوط تتدخل لمعالجة تسريب خط الطرد الرئيسي بمحطة صرف البركة -صوروفيديو    الإسكان: إعادة فتح باب التقدم لاستيفاء طلبات توفيق الأوضاع بمنطقة صحراء الأهرام    بعد تعهد "أوبك+" بخفض الإنتاج.. توقعات بارتفاع أسعار النفط عالميا    «الشربيني» يتابع سير العمل بمحور «عمرو بن العاص».. ورئيس «المركزي للتعمير» يتفقد الأعمال من الموقع    مقتل جندية إسرائيلية وإصابة آخرين بعملية إطلاق نار في بئر السبع    العثور على السفينة الشبح.. شاركت في الحرب ضد الأعداء ومعهم    القاهرة الإخبارية: الطواقم الإغاثية تمكنت من انتشال أكثر من 30 شهيدا من غزة    التشكيل الرسمي لمباراة تشيلسي أمام نوتنجهام فورست بالدوري الإنجليزي    وزير الرياضة: تعديل قانون الرياضة لا يتعارض مع موعد انتخابات الاتحادات    فى بطولة العالم للتايكوندو للشباب.. عمر فتحى يحصد ميدالية عالمية لمصر    عمار حمدي: كنت أتمنى العودة ل الأهلي.. وأحب جماهير الزمالك    كما كشف في الجول.. "من باب سويقة لقلعة الدلتا" غزل المحلة يضم مهاجم الترجي    الأمن يكشف ملابسات فيديو لسيدة تتهم نجلها وزوجته بالتعدي عليها وطردها من منزلها    صندوق مكافحة الإدمان ينظم زيارة للمتعافين إلى بانوراما أكتوبر    الأحوال المدنية تواصل إيفاد القوافل المجهزة فنيا لتيسير إجراءات حصول المواطنين على الخدمات الشرطية بالمحافظات    ضبط قضايا إتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي بقيمة 6 ملايين جنيه    أدباء على خط النار، أهم خمس روايات عن حرب أكتوبر    أمل رفعت تكتب: النوستالجيا والمكان في رواية شيء من بعيد ناداني للروائي أحمد طايل    صور نادرة.. السادات ومبارك وقيادات مصرية يصلون بالوادي المقدس فى سيناء    عفوية السقا تحرج علاء مرسي في زفاف ابنته! | فيديو    «الثقافة» تبدأ احتفالات يوم نصر أكتوبر بورش فنية تفاعلية لقطاع الفنون التشكيلية في بانوراما حرب أكتوبر    حقيقة اعتذار وائل جسار عن حفله في مهرجان الموسيقى العربية ال32 (خاص)    وزير الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 105 ملايين خدمة مجانية خلال 66 يوما    البردقوش، يقوي المناعة ويحمي الكبد والجهاز الهضمي    وكيل صحة الإسماعيلية تستطلع آراء المواطنين حول الجودة العلاجية للقوافل (صور)    إدارة الموسيقات العسكرية تشارك في إقامة حفل لأطفال مستشفى 57357    انقلاب سيارة محملة بالسولار في منطقة برانيس جنوب البحر الأحمر    الشاعر جمال بخيت: الإنتاج الفني لم يتوقف بعد نكسة 67 وسادت روح التحدي    سانشو وجاكسون في هجوم تشيلسي أمام نوتينجهام بالدوري الإنجليزي    الوادي الجديد.. تنظيم قافلة طبية لمدة يومين في قرية بولاق بمركز الخارجة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأحد 6 أكتوبر على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    دعاء الذنب المتكرر.. «اللهم عاملنا بما أنت أهله»    عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى تحت حماية قوات الاحتلال    غرق طالبين وإنقاذ ثالث بأحد الشواطئ بالبرلس فى كفر الشيخ    «الداخلية»: ضبط 8 أطنان دقيق مدعم في حملات لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز    100 ألف جنيه غرامة جديدة على إمام عاشور.. اعرف السبب    قائمة أفضل بداية لمدربي برشلونة في القرن ال 21.. فليك رابعًا    "مزمار الشيطان في بيت رسول الله".. رمضان عبد المعز يوضح: ماذا رد النبي يوم النصر؟    ضبط 3 عصابات و167 سلاحا وتنفيذ 84 ألف حكم خلال يوم    جيسوس مدرب الهلال يشيد بجماهير الأهلي بعد كلاسيكو الدوري السعودي    متصلة: خطيبي بيغير من الشحات في الشارع؟.. وأمين الفتوى يرد    تشاهدون اليوم.. مواجهات قوية للمحترفين في الدوريات الأوروبية    رسميًا.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك    تبون: الجزائر دخلت في طريق التغيير الإيجابي وستواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    عام على "طوفان الأقصى".. وحرب إسرائيلية لم تُحقق هدفها    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر كلمة شيخ الأزهر خلال الاحتفال بليلة القدر
نشر في الفجر يوم 11 - 06 - 2018

قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر، إن ليلة القدر هي –فيما يقول الله تعالى- ليلة خير من ألف شهر.. ولا خلاف بين علماء الإسلام في أن القرآن نزل في ليلة القدر، وأن ليلة القدر هي إحدى ليالي شهر رمضان.. وهذا هو ما اتفق عليه بين العلماء لا خلاف بينهم فيه ولا جدال. وإن كانوا يختلفون فيما عدا ذلكم اختلافا يتسع له الفهم والتأويل، وتحتمله ظواهر النصوص القرآنية احتمالا قريبا أو بعيدا:
وأضاف في كلمته خلال الاحتفال بليلة القدر أن الدرس الذي يجب أن يستخلصه المسلم في ذكرى هذه الليلة ليس ما هو درج عليه المسلمون من رصدها أملا في إجابة الطلبات وتحصيل أمور الدنيا وتحقيق الأغراض والمصالح، بل الدرس هو: نزول القرآن في هذه الليلة فرقانا بين الحق والباطل، وتمييزا للخير من الشر، وبيانا للمباح والمحظور، وبداية لعهد جديد أصبح الإنسان فيه خليفة عن الله تعالى في عمارة الكون وتسخيره، ومسؤولا مسؤولية كاملة عن السير على منهج الله من أجل إقامة العدل والحكم بالحق، وتطبيق المساواة بين الناس، ودفع البغي والعدوان والظلم والتظالم بينهم.. وهذه هي أبرز القيم التي يرتفع بها مجتمع ويهبط بدونها مجتمع آخر في منطق القرآن وفلسفة الإسلام.
وتابع الإمام الأكبر: هذا القرآن هو الكتاب الإلهي الذي شكل حصن الأمة، وكان –وسيظل- درعها الواقي، وسياجها الفولاذي الذي حماها -على طول تاريخها- من السقوط والانسحاق والذوبان، وانظروا أيها السادة الأجلاء إلى أعتى حضارتين عرفهما التاريخ في عصر ظهور الإسلام، وهما الحضارة الفارسية والحضارة البيزنطية، أو دولة الأكاسرة في الشرق، ودولة القياصرة في الغرب، وكانتا حديث الدنيا قوة وصراعا واستعمارا للأرض، حتى لم تكد بقعة من بقاع جنوب جزيرة العرب وشمالها، ومن بقاع وادي النيل، تخلو من سيطرة جيش من جيوش إحدى هاتين الدولتين، ولم تكن هاتان القوتان تتحسبان لأي خطر يأتيهما إلا من خطر إحداهما على الأخرى، غير أن ما حدث لهاتين الدولتين يومئذ كان أمرا من أعجب العجب، فيما يقول مؤرخو الحضارات، فقد جاءهما الخطر من قلب الجزيرة العربية، ومن جيش مجهول قليل العدد، ضعيف العتاد فقير السلاح.
ولم تمض بضع سنين حتى هزمت الدولتان أمام هذا الجيش، وأصبحتا أثرا بعد عين، بينما بقيت حضارة المسلمين تتحدى الزمن وتراهن على البقاء والتشبث بالوجود، رغم تلاحق الضربات، ومحاولات التمزيق والتفريق وطمس الهوية وإثارة الفتن وإشعال الحروب.
وأوضح أن السبب الحقيقي وراء انهيار القوتين العظميين، وانتصار الإسلام وانتشاره في الأرض غربا وشرقا، والذي حرص أعداء الإسلام على استبعاده، هو «القرآن الكريم» الذي كان بأيدي هذه القلة الضعيفة: يعرضون قيمه وأخلاقه على الناس، فيسارعون إليه فرارا من رهق الظلم والعبودية، والتمييز والطبقية والعنصرية التي لبست رداء الدين زورا وبهتانا، وغير ذلك من أمراض الدول العظمى في ذلكم الوقت، والتي كانت تنخر في بنيانها العميق؛ قبل أن يجيئها أمر الله ويجعلها حصيدا .
وبين الإمام الأكبر أن القرآن جاء بأمهات الفضائل وجوامع الأخلاق والآداب، وقرر المسؤولية الفردية ومسؤولية المجتمع كذلك، ومع أن القرآن الكريم قد أقر سنة التفاوت بين الناس في العلم والخلق والرزق والمعيشة، إلا أنه هدم العصبية وأتى على بنيانها الجاهلي من القواعد، فساوى بين الناس ولم يفرق بين إنسان وإنسان، ولا بين جنس وجنس، ولا بين أمة وأمة إلا بالعمل الصالح
وكان التعدد والاختلاف بين عقائد الناس وألوانهم ولغاتهم وسيلة لتعارفهم واجتماعهم وتعاونهم ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير﴾ [الحجرات: 13]، وهناك الكثير –أيها السادة الفضلاء!- مما نزل به القرآن الكريم في شؤون المجتمعات وفي العلاقات الدولية وفي أمر العقوبات وفي الأسرة وغير ذلك.. دع عنك ما يتعلق بالعقيدة والعبادة والمعاملات بتنوعاتها والغيبيات والدار الآخرة.
وردا على الحداثيين قال :" كان أمرا طبيعيا أن يتعرض القرآن على مدى أربعة عشر قرنا لحملات التشويه والازدراء وتنفير الناس منه، ولايزال يتعرض لهذه الحملات المضللة في عصرنا هذا، ومن أقلام ينتمي أصحابها إلى الإسلام، ممن يؤمنون بالمذاهب الأدبية النقدية في الغرب، وبخاصة ما يسمى بالحداثة وما بعد الحداثة، وهي مذاهب تقوم في صورتها الأخيرة على قواعد صنعوها.
وفي معرض الرد على البيان الذي وقعه 300 شخصية عامة من المثقفين والسياسيين والذي يطالب بحذف وإبطال سور من القرآن الكريم قال فضيلة الإمام الأكبر: وآخر ما حملته إلينا الأنباء ونحن نحتفل بنزول القرآن الكريم من ثمرات الحداثة المرة، البيان الذي صدر بعنوان «المسيرة البيضاء» في الغرب الأوروبي بعد مقتل سيدة فرنسية يهودية مسنة تبلغ من العمر خمسة وثمانين عاما في شقتها، ورغم ما في البيان من إشارات سلبية واضحة للإسلام والمسلمين يمكن التغاضي عنها من كثرة ما ترددت على مسامعنا وتكرارها إلا أن الذي لا يمكن التغاضي عنه عبارة وردت في البيان تطالب السلطات الدينية الإسلامية: «بأن تعلن أن آيات القرآن التي تدعو إلى قتل اليهود والمسيحيين وغير المؤمنين ومعاقبتهم قد عفى عليها الزمن، -كما كان حال التناقضات في الإنجيل- كما جاء في الترجمة العربية للبيان، ومعاداة السامية التي تتبناها الكنيسة الكاثوليكية من قبل المجلس الفاتيكاني الثاني.. بحيث لا يستطيع أي مؤمن الاستناد إلى نص مقدس لارتكاب جريمة».
وأبادر بالقول بأن هذه الجرأة على مقدسات الآخرين هي من أقوى أسباب الإرهاب وأشدها وأكبر مشجع على إهدار دماء الآمنين، ويحزنني كثيرا ألا ينتبه قائلو هذا الكلام إلى كم الحقد والكراهية الذي يتركه كلامهم في قلوب أكثر من مليار ونصف مليار ممن يقدسون هذا الكتاب، وقد رجعنا إلى مضابط الفاتيكان فلم نجد حذفا ولا تجميدا لأي حرف من الكتاب المقدس، وما وجدناه هو: أن المجمع الفاتيكاني وإن كان يقر بأن بعض اليهود من ذوي السلطان وأتباعهم هم المسؤولون عن قتل المسيح، إلا أن المجمع يرى أن ما اقترفته هذه الأيدي الآثمة لا يمكن أن ينسب لكافة اليهود في عصر المسيح عليه السلام ولا في عصرنا الحاضر ثم يطالب المجمع سائر الكنائس بأن تراعي هذه الروح وهي تعلم الإنجيل أو تكرز به.
وأكد فضيلة الإمام الأكبر أنه لا توجد آية واحدة في القرآن الكريم تدعو إلى قتل اليهود والنصارى، وليس في هذا الكتاب مكان لمثل هذه القسوة والوحشية.. وما ورد في القرآن من آيات تدعو إلى للقتال فإنما ورد في شأن العدوان ووجوب التصدي للمعتدي ومقاتلته، حتى لو جاء هذا العدوان من بعض المسلمين: ﴿فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله﴾ [الحجرات:9]، ولماذا يأمر القرآن بقتل النصارى واليهود؟ هل لإجبارهم على الإسلام وكيف يقول عاقل بذلك؟ وماذا يصنع بالآية التي تقرع أسماع الجميع بأنه: ﴿لا إكراه في الدين﴾ [البقرة: 256]، بل كيف يصنع بالحديث النبوي الشريف: «وأنه من كره الإسلام من يهودي أو نصراني، فلا يغير عن دينه...» هل يأمر بقتالهم لأنهم آخر مغاير من الأميين؟! وكيف والقرآن يأمر بالبر وبالقسط مع كل من لا يقاتل المسلمين حتى لو كان وثنيا! كيف والمنصفون من اليهود أنفسهم لا يقرون بما نعموا به من العيش الآمن مع المسلمين ويعترفون به للدولة الإسلامية في الأندلس وفي مصر وغيرهما.
ونوه إلى أن الإسلام لم يأخذ اليهود المعاصرين بجريرة الأسلاف، ولم يخاطب يهود المدينة بخطاب واحد، بل كان في غاية الدقة وهو يتحدث عن اليهود بحسبانهم أمة فيها البر والفاجر مثل سائر الأمم بما فيهم المسلمون..
وتابع : ولم تكن بنا حاجة إلى هذا التعقيب الموجز على البيان المذكور لو أن لدى من كتبوه ونشروه قدرا من الشجاعة العلمية أو الأدبية أو الفنية ليعلنوا للناس: أن اليهودية شيء والصهيونية شيء آخر، وأن اليهود شيء والكيان الصهيوني شيء آخر، وأنه لا يلزم من نقد الكيان الصهيوني نقد اليهود والدين اليهودي، وأن مسألة «عداء السامية» هي أكذوبة لم تعد تنطلي على الشعوب الآن.. وهذا الذي قلته هو كلام بعض الحاخامات الأفاضل من حركة ناطوري كارتا الذين دعوناهم في مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس وجاؤوا وأعلنوا هذا الذي سمعتموه مني، بل أعلنوا أكثر مما سمعتموه.. وعزائي كمسلم أن الذين أصدروا هذا البيان أغلبهم من صناع السياسات وليسوا من صناع العقول والمعارف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.