حي جاردن سيتي تم إتباع المدرسة الإنجليزية في تخطيطُه ليسكُنه الأثرياء وتُقام فيه القصور الضخمة فالأرض التي أُقيمَ فوقها هذا الحي كانت إما غرب النيل وليس في شرقُه كمّا هي الآن وإما كانت تحت مجرى النيل نفسُه سواء أيام بداية الفتح الإسلامي وحتى في العصر الأيوبي والمملوكي الذي كان مجرى النهر فيه يسير في نفس مسَار شارع قصر العيني الحالي وميدان التحرير وشارع 26 يوليو. وجاردن سيتي كانت عُبارة عن 3 قصور كبيرة جميعها تطُل على النيل غربًا ولكُل منها حديقة كبيرة وهى القصر العالي , وقصر أحمد باشا , وسراى الإسماعيلية التي تكلفت وحدها 201260 جُنيهًا وموقع هذه السراى الآن مُجمع التحرير وما أمامه من حدائق حتى شارع كوبري قصر النيل أما سراى وزارة الخارجية فكانت قصرًا للأمير كمال الدين حسين إبن السلطان حسين كامل .. في جاردن سيتي كان أشهر ما فيها " قصر الدوبارة " ليس بسبب القصر الذي كانَ موجودًا ولكن بسبب وجود السفارة البريطانية مُنذ كانت دارًا للحماية على مصر وكانَ الحكم الفعلي في مصر لقصرين هُما .. قصر عابدين حيثُ مقر الحكم الرسميّ لأبناء أسرة محمد علي مُنذ عهد إسماعيل وقصر الدوبارة حيثُ المندوب السامي البريطاني أو المُعتمد البريطاني. وأما ميدان الشيخ يوسف .. وصاحبُه شيخ منصر .. أو ضريح الشيخ العبيط وهو الذى يظهر فى الصورة .. والشيخ يوسف كانَ والشيخ صالح أبو حديد وثالث لهُما من اللصوص وقاطعي الطُرق وكان يتخذ من درب سعادة ميدانًا لسرقاتِه قُرب باب الخلق ويرتدي زي الدراويش فلذالك أطلقوا عليه إسم الشيخ العبيط وكان العامة يعتقدون أنّ لهُ بركات حيثُ كان يجلس على الخليج المصري شارع بورسعيد الآن كلّما حلَّ الليل فإذا مرّ شخص بمفرده إرتفعَ صوت الشيخ قائلاً : يا واحد فيفهم أعضاء عصابتُه أنهُ بمفرده فينقضون عليه ويسرقون ما معهُ ثُم يقتلونه وعندّما ضجَ الناس نصبت الشرطة لهُ كمينُا وضبطوه متلبسًا هو وعصابتُه وعندّما قامت الشرطة بتعذيبُه إعترف الشيخ على زميلين أولهما الشيخ يوسف والثاني الشيخ صالح أبو حديد وبعدها لجأ الشيخ يوسف إلى لاظوغلي بك الوزير الأول للوالي محمد علي باشا وهو نائب الحاكم ناك فعفا لاظوغلي عن الشيخ يوسف وعندّما مات الشيخ يوسف بنى لهُ لاظوغلي مقبرة وضريحًا دفن فيه الشيخ يوسف وعندّما أنشأ حي جاردن سيتي أطلقوا عليه إسم صاحب هذا الضريح على الأرض المجاورة لهُ فصار يُعرف بإسم ميدان الشيخ يوسف. وإذا كانَ إسم الشيخ قد ظلّ على الميدان إلا أنّ الشارع الذي كان يحمل إسمه تغير ليحمل الآن إسم الصحفي الوفديّ عبد القادر حمزة باشا صاحب جريدة البلاغ الوفدية وهكذا تحَول اللص الشيخ يوسف إلى ضريح ومزار وشارع وميدان. وطالما للمصريين عشق بل هوى غريب وهوس بالغيبيات وهم يعشقون الأولياء ويجعلون من كُل طيب وليُا حتى ولو كان ماضيه يحمل الكثير من الخطايا وإذا كان للشيخ اللص الشيخ يوسف ميدان وضريح في جاردن سيتي فإن في القاهرة شارع بلّ وجزيرة تحمل إسم الشيخ العبيط .. وجزيرة العبيط هى الجُزء الجنوبي من جزيرة الزمالك أيّ في نفس موقع دار الأوبرا الجديدة التي حلّت محل أرض المعرض سابقًا وكان هذا الجُزء يعرف بإسم الجزيرة الوسطى لتوسطها بين جزيرتي الروضة والزمالك قبل أنّ يتصل هذا الجزء بجزيرة الزمالك بل إنّ جزيرة العبيط سُميت جزيرة تجاوزًا لإنحصارها بين مجرى النيل ومجرى الخليج الناصري وإشترى الخديوي إسماعيل ما كان بجزيرة العبيط من منازل وقصور وبدأ في بناء سراى الإسماعيلية الكُبرى وكان في نيته بناء قصرين.إلا أنّهُ إكتفى بقصر واحد هو سراى الإسماعيلية الصغرى وأوقف بناء السراى الكُبرى في أرض العبيط بعد أنّ أنفق على أساساتها 38820 جنيهًا وموقع سراى الإسماعيلية الصُغرى الآن مجمع التحرير وما أمامه من حدائق إلى شارع كوبري قصر النيل. وكانَ للشيخ العبيط مسجد دخلَ ضمنّ السور الغربي لسراى الإسماعيلية الصغرى قُرب كوبري قصر النيل القديم وغير بعيد عن الجامع الطيبرسي وموقع بناء جامع العبيط الآن جامع عُمر مكرم ويصل إليه من الشارع الذي يطُل على السور الشرقي لقصر وزارة الخارجية ولهذا حملَ هذا الشارع إسم شارع الشيخ العبيط وتغيّر مع هدم المسجد وبناء مسجد عُمر مكرم مكانه إلى شارع جامع عُمر مكرم .