مجرد أن تطأ قدماك " مسجد عمرو بن العاص"، بمنطقة الفسطاط بمصر القديمة، ترى الزينة الرمضانية واسم "الجلالة" المطرز بالألوان المبهجة تخطف الأنظار، وسحر التواشيح التي تقشعر منها الأبدان تخشع القلوب، فترتعش الأرواح إجلالاً وخوفاً من الله؛ لتستعد لأداة الصلاة والتقرب من الرحمن لتحدث معه والترجي بما تخفيه في أعماق روحك المنسية، فتدعوه بكل ما تريد أن تراه في دنياك أو حياة الآخرة المجهولة، ثم تقف بين أيادي الله لتقضي صلاة التراويح وسط عشرات المصلين.
أسس القائد الكبير "عمرو بن العاص" مدينة الفسطاط في غرة محرم عام 20 هجرية ، لتكون أول عاصمة إسلامية لمصر، وعندما أرسل له الخليفة "عمر بن الخطاب" -رضي الله عنه- ليبني مسجدًا لإقامة شعائر صلاة الجمعة، بني "عمرو بن العاص" هذا المسجد الذي سُمّي باسمه حتى الآن، وكان يُعرف أيضًا بمسجد النصر، والمسجد العتيق وتاج الجوامع، فكان بذلك أول مسجد في مصر وإفريقية، والرابع في الإسلام بعد مسجد المدينة، وليظل أكثر المساجد حظًا في عدد المصلين، لاسيما في ليلة السابع والعشرين من رمضان.
توافد العشرات من المصلين؛ لأداء صلاتي العشاء و"التراويح"، في أول أيام شهر رمضان وسط حالة من البهجة، بالمسجد، حيث حرص كبار السن على أداء "التراويح" ، والوقوف في الصفوف الأولى، واقتناء المصاحف وقراءة القرآن بها خلف الإمام، مؤكدين أن المسجد يتميز عن غيره من المساجد بما يضفيه من أجواء روحانية على قلوب المصلين. كما حرص العديد من الشباب على أداء صلاة "التراويح"، لاسيما بمسجد "عمرو بن العاص"، ككل عام، مصطحبين أصدقائهم عقب الفطور مباشرة، لأداء فرض الرحمن، آملين أن يكون رمضان هذا العام هو الخلاص والعتق من النيران. وكعادة الآباء اصطحبنا أطفالهم معهم، لكي يترعرعوا على الإيمان، وحسهم على أهمية صلاة "التراويح"، وأن يعتادوا عليها منذ نعومة أظافرهم، فضلاً عن تعليمهم تلاوة القرآن والأصول الدينية. وبوجوه سمحة وبشوشة وبراقة، وقف كبار السن، في صفوف المسلمين كأنهم في لحظات شبابهم، يؤدون صلاة التراويح، وحرصوا على أدائها في المسجد، داعيًا الله بحسن الخاتمة، خاشعين إلى الله دون تذمر من درجات الحرارة، أو الوقوف. وقام بعض المصلين، عقب الركعات الأربعة الأولى بالتسابيح، وتلاة القرآن الكريم، لتسود الروح الإيمانية أركان المسجد، فيما قام بعض الأطفال بتناول كبار السن بعض "المياه" ليروا ظمائهم .