إنّ الإنسان إجتماعيّ بطبعه، ويحبّ التواصل مع من حوله، ويسعى كثير منّا إلى ترك إنطباع مشرّف وصورة مشرقة عن نفسه. ولإهتمام الفرد بإعطاء صورة جميلة عن نفسه فقد وضع قوانين وفنون عدّة وأخلاقاً حميدة يسير عليها حتّى يحبّب الناس به ويكسب قلوبهم وودّهم. ومع تطوّر أساليب الحياة فقد وجد "فن الإتيكيت"، فما هو هذا الفن؟ إنّ الإتيكيت نفسه هو مفهوم يعكس إحترم الشخص لنفسه، وإحترامه للآخرين وحسن تعامله مع غيره. كما أنّ أصل هذا المصطلح فرنسيّ وهو يعني الآداب العامّة التي يجب أن يتحلّى بها الفرد في التعامل مع الأشياء والأشخاص، وتعود مرجعيتها الأساسيّة للثقافة الإنسانيّة العامّة والشاملة، وهي تتشابه في معظمها في كلّ أنحاء المعمورة. أمّا في وطننا العربيّ والإسلاميّ ففن الإتيكيت يعني الذوق العامّ للفرد، وذوقه الإجتماعيّ مع الآخرين، وآداب السلوك، وآداب اللياقة، وفن التصرّف في المواقف المحرجة التي يتعرّض لها الفرد وقدرته على التعامل مع الضغوط. أمّا بالنسبة لفن الإتيكيت في الإسلام فقد وضع أسسه على الأخلاق والسلوكيّات الحميدة، وقد كانت شاملة وواسعة وتضمّ كل أشكال الحياة. فوضع فنّاً لإتيكيت الطعام، حيث يجب أن نأكل بيميننا ونأكل ممّا يلينا، وفنّاً لمقابلة الناس بالبسمة والوجه الحسن، وفنّاً خاصّاً للأزواج وتعاملهم فيما بينهم، وغيرها من الأخلاق الحميدة التي علمّنا إيّاها الإسلام وأوصانا على الإلتزام بها، ولا زالت تندرج تحت فنّ الإتيكيت كالإحسان للجار، وإكرام الضيف، وإماطة الأذى عن الطريق، والحياء، وتبادل الهدايا، وإلقاء السلام، وصلة الرحم، وبرّ الوالدين، وغيرها. إليك هنا بعض قواعد الإتيكيت العامّة التي يحبّذ أن تلتزم بها في علاقاتك وإجتماعاتك مع الآخرين؛ فمثلاً عند حديثك مع غيرك تحدّث بصوت معتدل وبنبرة عادية، ولا تقاطع غيرك في الكلام، واستأذن في الكلام خاصّة عند الحديث مع كبار السنّ. عند نقاشك مع غيرك لا تحتد إن خالفك أحد الرأي، ولا تحاول فرض رأيك فقط، ولا تقل لمن يخالفك الرأي أنت مخطئ، وحاول أن تتجنّب طرح المواضيع التي قد تسبّب خلافاً. ولا تكن فضوليّاً وتتدخل فيما لا يعنيك وتحاول كشف الأسرار، وإن أئمنك أحد على سرّ فلا تخنه، ولا تحاول أن تستحوذ على كل الجلسة ، اعط مجالاً لغيرك في الكلام، ولا تهمس لأحد في أذنه بحضور الجميع أو تتبادل معه الغمزات عن الآخرين. أمّا آداب تناول الطعام فهي كثيرة ويحبّذ الإلتزام بها، فعند الأكل يجب مضع الطعام وعدم فتح الفمّ وهو ممتلئ بالطعام أو إصدار الأصوات عند الأكل، كما ويفضّل عدم خلط الكعام في طبق واحد، وإن إحتاج أحد إلى شيء فيجب أن يطلب من الشخص الذي يليه أن يعطيه إيّاه، كما ويجب الأكل من نفس صحن الشخص ولا يأكل من صحن غيره، كما ويجب أن يأكل الشخص بيده اليمين حسب السنّة الإسلاميّة. لا تقتصر آداب الإتيكيت على فن تناول الطعام أو الحديث مع الآخرين فقط، وإنّما يتعدّاه إلى الكثير من التصرّفات والسلوكيّات التي يجب أن يلتوم بها، كآداب المشي، وآداب الكلام، وآداب تبادل الهدايا، وآداب العلاقات الإجتماعيّة والمقابلات والتصافح، وآداب مهارة إكتساب الأصدقاء.
