قالت فايننشال تايمز إن بناء المستقبل السياسي في مصر يواجه تحديات جمة، وعلى رأسها أن ائتلاف الثورة الذي أطاح بنظام حسني مبارك يفتقر إلى القادة. ونقلت الصحيفة البريطانية عن أحد أعضاء الائتلاف يدعى خالد السيد قوله "الثورة لم تنجح بعد، ومن يتصور أنها نجحت سيجلب لها الفشل" مضيفا أن "الضغط الشعبي هو الضمان الوحيد لحماية ما تم تحقيقه".
غير أن فايننشال تايمز تشير إلى أن تلك السياسة (الضغط الشعبي) لا تخلو من المخاطر، مدللة على ذلك بالتوتر الذي نشب بين الثوار والجيش على خلفية فض قواته لاعتصام في ميدان التحرير بالقوة قبل أيام.
وتتابع أنه إذا وجدت الجماعات التي شاركت في الثورة -من نشطاء شباب يؤيدون الديمقراطية وأحزاب سياسية علمانية وجماعة الإخوان المسلمين- أنه من السهل الاتفاق على المطالب بمحاسبة مرتكبي الإساءات السابقة، فإن رسم مسار المستقبل أثبت أنه أكثر صعوبة.
فلا أحد على يقين بشكل الدولة المقبلة التي ستخرج بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في وقت لاحق من هذا العام، غير أن مسار البلاد الأشهر المقبلة يحمل بالتأكيد تأثيرا يمتد خارج الحدود.
المتخصص في العلوم السياسية مصطفى كامل السيد يقول إن ما يحدث في مصر سيؤثر لا محالة على العالم العربي سواء سلبا أو إيجابا
ومن التحديات -وفق الصحيفة- أن التخلص من الدكتاتورية كشف عن عدد من القوى السياسية والأيديولوجية المتناقضة، يسعى لتشكيل النظام الجديد.
وهناك مخاوف من أن التوترات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين التي كانت تجيش في ظل الحكم القمعي، قد تتأجج مجددا بفضل الحالة السياسية السائدة في البلاد.
فالانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في سبتبمر/ أيلول المقبل ستفضي إلى أول مؤشر حقيقي على تركيبة المشهد السياسي.
غير أن المشكلة الحقيقية التي تواجه الثورة –كما يقول رئيس حزب الجبهة الديمقراطية أسامة الغزالي حرب- تكمن في أنها تفتقر إلى القيادة، وهو ما يجعل مهمة الجيش الذي يتولى زمام المرحلة الانتقالية أكثر صعوبة.
وتشير فايننشال تايمز إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان لدى الجيش خطة لطبيعة الدولة التي ينبغي أن تخرج من رحم المرحلة الانتقالية، أم أنه هو الذي سيسعى لإملاء نتيجة معينة.
المحلل السياسي عمرو الشوبكي يقول إن الشيء الوحيد الذي يبدو جليا في هذه المرحلة هو أن ثمة نافذة سياسية مفتوحة، والجميع يسعى للاستفادة منها دون النظر كثيرا إلى ما يجري وراء الكواليس.
ولكن حكم مبارك المستبد على مدى عقود من الزمن خلف مشهدا سياسيا فارغا من مضمونه، تعرضت فيه مصداقية الأحزاب المعارضة للتشكيك.
كما أن الوقت الذي يسبق الانتخابات يبقى قصيرا جدا بالنسبة للأحزاب الجديدة التي تكافح من أجل بناء هيكلها من الصفر والتعريف بها في مختلف أرجاء البلاد.
وتختم الصحيفة تحليلها بأن العديد في مصر يخشون من أن المرحلة الانتقالية لن تجلب لهم الدولة التي يصبون إليها عندما التحقوا بالثورة، ولكن هناك أجماعا بأن التحرك نحو الديمقراطية بعث الحياة في المواطنين الذين يئسوا يوما من محاولة تقرير مصيرهم