أزمات صحية يعانيها سكان خورشيد السوق، في المنتزة شرق الإسكندرية، بفعل تصاعد أتربة وأبخرة شركة "ليسكو" لصناعة السيراميك والأدوات الصحية، الملاصقة لمساكن الأهالي، ما أدى إلى إصابتهم جميعًا بأمراض صدرية، ولا يخلو منزل إلا بتواجد الأسرة بكاملها مصابة بحساسية في الصدر نتيجة استنشاق أبخرة المصنع. وفي جولة ميدانية لبوابة "الفجر"، بمنطقة خورشيد السوق، اكتشف سيطرة شركة "ليسكو" على المنطقة بأكملها، بتواجد الشركة والمصانع الملاحقة لها لإنتاج السيراميك والأدوات الصحية، والمخازن والمعارض، إلا أن أكثر من 3 ألاف منزل، ملاصق لسور مصانع الشركة، الأمر الذي يعد مخالفة صريحة لقانون البيئة ببناء منشأة صناعية مجاورة لكتلة سكانية، يمنعهم من استنشاق هواء نظيف، والتوسع الصناعي بداخل المنطقة. في البداية تقول إحدى السيدات، إن ابنها 14سنة مصاب بحساسية في الصدر، الأمر الذي يؤدي إلى جعل ابنها في حالة تعب مستمر، وأنه لا ينتظم نفسه إلا باستخدام "بخاخة". وأشارت سيدة أخرى إلى أن نجلها 8 سنوات، مصاب أيضًا بحساسية الصدر، وأن الطبيب المعالج أكد لهما أن نجلهما لن يشفيا من الحساسية، طالما ما زالوا مجاورين لمصنع ليسكو وتصاعد الأبخرة عليهم. كما رصدت عدسة "الفجر"، غرق جميع المنازل والمساكن بأبخرة وأتربة الشركة الصفراء، وقيام الأهالي بغلق جميع نوافذهم بالأقمشة والبلاستيك، في محاولة لمنع دخول الأتربة إليهم، ما جعل نوافذ مساكن خورشيد ومحلاتها والطرق مغطاة بأتربة الشركة. "إحنا عايشين في سجون مش في بيوت" هكذا بدأ محمد سليمان عنتر، أحد الأهالي المتضررين من أبخرة وغبار "ليسكو" حديثه ل"الفجر"، قائلاً إن الأهالي طالما حرروا محاضر وقدموا شكاوى ضد الشركة، والأضرار الصحية التي نجمت عنها، حتى أن الأهالي كانوا يقومون بإلقاء الطوب من أعلى سطح مساكنهم على الشركة والعمال، التي يفصلهم عنها سور الشركة الملاصق للمساكن مباشرة، حتى قامت الشركة بتزويد الأسوار بحوائط خرسانية حتى يحجبون رؤية المصنع عن الأهالي. وأكد "سليمان" أن هناك أكثر من 6 ألاف مسكن متضرر من الشركة، دون جدوى من محافظة الإسكندرية، واكتفت البيئة بوضع فلاتر فوق العقارات إلا أنه خلال يوم، تعطلت بسبب الكم الهائل من الأبخرة، مشيراً إلى أن تراب الشركة يخرج من المداخن إلى المساكن، وأن ذلك الغبار الكيميائي تسبب في تآكل الأعمدة الحديدية بالمنازل، مضيفاً: ما بالكم بصدورنا عاملة إزاي ؟ وتابع أن والده توفي بسبب التهاب رئوي، منذ سنوات قليلة، وأنه كان يعالج طوال عمره من حساسية بالصدر بسبب الغبار، وأنه قدم شكاوى كثيرة في عهد كل محافظ جديد ولم يجد مسؤول يتدخل، لإنقاذ صحة الأهالي. ومن جانبها أضافت شقيقته، أن الأطباء ينصحون الأسر دائمًا، بمغادرة تلك المساكن المجاورة للشركة، إنقاذًا لصحتهم لأن جميع العلاج دون جدوى، وأن الشركة في 24ساعة تصدر عليهم الأبخرة، وأن زوجها طالما يأخذ نجلها لوضع له تنفس صناعي يوميًا سواء في عيادات خاصة أو تأمين صحي. ولفتت سيدة أخرى إلى أن التراب تسببت في إرهاق صدورهم وأعينهم، وأن الأهالي يوميًا يجدون المساكن مليئة بالتراب، ويريدون مغادرة منازلهم، وأنه حدثت مشادة أكثر من مرة، بين الأهالي والشركة، لوقف تلك الانتهاكات، وأن تلك التراب تسببت في إرهاق السكان. وكشف أحد العمال السابقين بالشركة ومن أهالي المنطقة، - رفض ذكر اسمه - أن مادة "الفلت" المحرمة دوليًا، تستخدم لتصنيع المادة الزجاجية فوق طبقة السيراميك، وأن تصنيع تلك الطبقة تتم في "ليسكو" الإسكندرية، ثم تصدر إلى دول الخارج، وأن المادة يتم تبريدها بالمياه، ثم يتم صرفها بمواسير بترعة المحمودية، وأنه تم تقديم شكوى إلى وكيل وزارة الري بالإسكندرية وتحرير محضر رقم 14515لسنة 2011 إداري أول المنتزة. وأشارت إلى أن قسم "التروميزر" الذي يقوم بتحضير الطوب المتحجر الأسواني، ووضعه داخل درجة حرارة عالية، لصب البلاطة، ينتج منها كم هائل من الأبخرة. وردت الدكتورة هدى مصطفى وكيل وزارة البيئة بالإسكندرية، بقولها إن المديرية حررت محاضر كثيرة ضد الشركة، وأنه يوجد قضايا أمام القضاء لمخالفتها قانون البيئة، والمديرية في انتظار صدور الأحكام عليها، وأن المديرية تلتزم بتطبيق القانون على الشركة. وفيما يتعلق بما إذا كانت الغرامات التي توجد بقانون البيئة ضعيفة ولا تؤثر على الشركة، أشارت "مصطفى" إلى أن المديرية دورها ضبط المخالفات، وأن القضاء هو الذي يحدد العقوبة دون تدخل من المديرية، وأن إمكانية نقل الشركة، أمر لا يخص مديرية البيئة وإنما يخص محافظة الإسكندرية والمستثمرين بالشركة، وأن الأمر ليس بهذه السهولة، لأنها شركة استثمارية ضخمة متواجدة منذ سنوات طويلة. وأوضحت أن الشركة تقوم بصرفها الصناعي من خلال مواسير تصب في مصرف خليج أبوقير، وأن الماسورة الموصلة بترعة المحمودية تصب بها مياه التبريد الخالية من المواد الكيمياوية.
