مساء اليوم الأحد سيجلس الملايين فى كل أنحاء العالم فى بيوتهم أو خارجها أمام شاشات التليفزيون أو أجهزة الكمبيوتر لمتابعة وقائع الاحتفال السنوى لتوزيع جوائز الأوسكار، عيد السينمائيين وعشاق السينما. الذين شاهدوا الأفلام سينشغلون بمطابقة توقعاتهم وذوقهم الفنى مع الأفلام الفائزة، معلنين عن رضاهم أو استيائهم من النتائج، والذين لم يشاهدوا الأفلام سيشغلهم التعرف على عناوينها وأسماء نجومها على أمل البحث عنها ومشاهدتها خلال الأيام التالية. من خلال مشاهدة الكثير من الأفلام المرشحة ومتابعة ما تيسر من الآراء والتحليلات المنشورة عنها، مضافا إليها خبرة سنوات مع مفاجآت وصدمات الأوسكار ستجدون فيما يلى قائمة بتوقعاتنا لأهم الجوائز وأسباب فوزها المنتظر. قائمة «الفجر» للأفلام المتوقع فوزها: اكتساح للعبد وتجاهل للذئب والجاذبية ينافس الاحتيال على المركز الثانى أفضل فيلم Twelve Years A Slave «عبد لاثنى عشر عاما» إخراج ستيف ماكوين، الأمريكى من أصل أفريقى المقيم فى هولندا، يروى قصة حقيقية مأخوذة عن مذكرات بنفس الاسم كتبها أمريكى أسود حر، يعمل كنجار وعازف للكمان، عاش فى نيويورك منتصف القرن التاسع عشر عن تجربته المفزعة حيث تعرض للخطف والبيع كعبد فى إحدى ولايات الجنوب، حيث قضى حوالى اثنى عشر عاما كحيوان أسير يشهد على، ويعانى من عذابات السود قبل أن تعثر عليه أسرته وقد تحول إلى حطام إنسان. إنه فيلم متكامل فى كل عناصره، فنيا وإنسانيا. لا يكتفى بموضوعه المؤثر ولا بممثليه البارعين ولا بتقنياته وجمالياته السينمائية ولا بعنايته بالتفاصيل من أول اللكنة التى كان يتحدث بها الأمريكيون شمالا وجنوبا فى ذلك الوقت وحتى نوع الأنسجة التى كانت تصنع منها الملابس، ولكنه يهتم بكل العناصر معا وبكل منها على حدة مما يجعل منه عملا كلاسيكيا سيعيش لعقود طويلة قادمة. Gravity «الجاذبية الأرضية» للمخرج المكسيكى الأصل ألفونسو كورون، صاحب «متاهة بان» و«هارى بوتر وسجين أزباكان»، المهووس بقصص الأطفال والتكنولوجيا السينمائية. ولو لخصنا قصة الفيلم لن نجد شيئا «يستحق» الأوسكار، فهو فيلم خيال علمى ثلاثى الأبعاد يعتمد على المؤثرات الخاصة وشعبية نجميه ساندرا بولوك وجورج كلونى يروى قصة مشوقة عن رائدى فضاء يتوهان فى المجموعة الشمسية ويرصد محاولاتهما شبه المستحيلة للعودة إلى الأرض سالمين. طيب ما هو الجذاب فى «الجاذبية» لدرجة الحصول على كل هذه الترشيحات والفرص للفوز بعدد كبير من جوائز الأوسكار؟ أول شىء هو النجاح التجارى والجماهيرى الهائل الذى حققه الفيلم ( أكثر من 700 مليون دولار إيرادات محلية وعالمية)، والثانى هو الإبهار البصرى الذى يضع الفيلم ضمن ما يطلق عليه «فن السينما الخالص»، Pure cinema ، وبالنسبة لهذين العنصرين: النجاح التجارى وتطوير الصناعة السينمائية فهما الأكثر أهمية بالنسبة لأعضاء أكاديمية علوم وفنون السينما، الذين يصوتون لجوائز الأوسكار ويصل عددهم إلى أكثر من ستة آلاف عضو، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار المشاكل التى تتعرض لها صناعة السينما فى هوليوود من تردى الوضع الاقتصادى وانخفاض الإقبال على مشاهدة الأفلام فى دور العرض السينمائى والقرصنة. American Hustle «الاحتيال على الطريقة الأمريكية» للمخرج ديفيد أو. راسل المتخصص فى الأفلام الكوميدية ذات الطابع السياسى مثل «ثلاثة ملوك». يعكس الفيلم افتتان هوليوود الحديث بفترة السبعينيات والثمانينيات وكواليس السياسة الأمريكية. فى العام الماضى كان هناك «أرجو»، وهذا العام هناك «ذئب وول ستريت» و«الاحتيال..» من بين أفلام أخرى عديدة تدور فى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات. كل من «الذئب..» و«الاحتيال..» مأخوذ عن قصة حقيقية من ملفات المباحث الفيدرالية حول خارج على القانون تستعين به المباحث للإيقاع بعدد آخر من الخارجين على القانون. فى «ذئب وول ستريت» يتعلق الأمر برجال البورصة والاقتصاد، وفى «الاحتيال على الطريقة الأمريكية» يتعلق الأمر ببعض رجال الكونجرس الذين اتهموا بتلقى رشاوى مالية وعينية من عدد من شيوخ الخليج! المبهر فى «الاحتيال..» هو الكيفية التى تم بها إعادة بناء هذه الفترة التاريخية بتفاصيلها وروحها وكذلك أداء الممثلين خاصة كريستيان بيل فى دور رجل العصابات الأصلع البدين وجنيفر لورانس فى دور زوجته الهيستيرية المدمنة. Her «هى» للمخرج وكاتب السيناريو والمنتج والممثل سبايك جونز الذى أبهر النقاد والجمهور بخياله الجامح وأفكاره اللامعة فى فيلمه الأول «أن تكون جون مالكوفيتش» الذى يدور حول نفق سرى فى طابق سرى فى إحدى الشركات يؤدى مباشرة إلى دماغ الممثل المعروف جون مالكوفيتش! فى فيلمه الرابع «هى» يأتى جونز بفكرة أخرى مجنونة تدور فى المستقبل القريب حول رجل مطلق وحيد وانطوائى يقع فى حب امرأة عبارة عن الصوت والكلمات التى ينطق بها برنامج ذكاء اصطناعى على الإنترنت! المدهش هنا هو الشخصية التى تتمتع بها المرأة، وتدعى سامانتا، حيث تتسم بالذكاء والثقافة والنضج والتطور بشكل يفوق شخصية الرجل الذى يقع أسيرا لها ومريضا بحبها لدرجة الخطر. المدهش أيضا أن صوت سامانتا تؤديه الجميلة سكارليت جوهانسين، المرأة الأكثر جاذبية بين النساء الأحياء فى عالمنا اليوم، والتى تتمتع بصوت عميق رخيم تستحق عنه جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة مساعدة، ولكن يبدو أن الشركة المنتجة والقائمين على الأوسكار لم ينتبهوا لإمكانية ترشح جوهانسين عن الأداء الصوتى فقط! من بين عشرة أفلام مرشحة للفوز بالجائزة الكبرى يمكن أن نخفض العدد إلى أربعة منها هى الأفلام السابق ذكرها، وإن كانت الجائزة لن تخرج – حسب توقعنا- عن «عبد لاثنى عشر عاما» والاحتمال الأضعف أن يفوز بها « الجاذبية الأرضية». أفضل ممثلة المرشحات الأكثر جذبا للانتباه هن : كيت بلانشيت عن «الياسمينة الزرقاء»، آمى أدامز عن «الاحتيال على الطريقة الأمريكية»، وجودى دينش عن «فيلومينا»، ولكن بنسبة تقترب من مائة بالمائة ستفوز بلانشيت بالجائزة لعدة أسباب: أولا أنها ممثلة رائعة من الطراز الرفيع من نوعية كاترين هيبورن وميريل ستريب، وثانيا لأنه من بين أدوارها الكثيرة الممتازة فهذا الدور يتميز من بينها بل ويختلف عنها، وثالثا لأن الجائزة ستكون أيضا تكريما لمخرج وكاتب الفيلم وودى آلان الذى يقدم هنا واحدا من أفضل أعماله فى السنوات الأخيرة، ورابعا لأن الدور الذى تؤديه يشبه إلى حد كبير شخصية «بلانش دوبوا» فى مسرحية «عربة اسمها الرغبة» الشهيرة، وهو دور طالما منح المجد والجوائز والتكريمات لمعظم من لعبنه.. من فيفيان لى وحتى نادية الجندى!! أفضل ممثل إنها الجائزة الأكثر صعوبة هذا العام والمرشحون الأكثر استحقاقا لها هم ليوناردو دى كابريو عن «ذئب وول ستريت»، كريستيان بيل عن «الاحتيال على الطريقة الأمريكية»، شيويتل إيجوفور عن «عبد لاثنى عشر عاما»، وماثيو ماكنوهى عن «نادى مشتريى دالاس». وغالبا سيحصل ما كنوهى على الجائزة لعدة أسباب أيضا: أولها الطفرة الهائلة التى تحدث فى أدائه التمثيلى هنا، وثانيا لأن دوره كمريض بالإيدز طالما جلب الجوائز لممثلين كثيرين غيره. أفضل ممثل مساعد المرشحان الأكثر احتمالا للفوز هما: باركهاد أبدى عن فيلم «كابتن فيليبس»، جاريد ليتو عن فيلم «نادى مشتريى دالاس». أبدى ليس ممثلا محترفا ولكنه رجل صومالى عادى برع فى أداء دور القرصان خاطف السفن وكان ندا لعملاق التمثيل توم هانكس. أما جاريد ليتو فهو ممثل شاب وسيم يؤدى دور مثلى جنسيا يظهر معظم الفيلم فى ملابس امرأة، وهى مواصفات طالما جلبت الأوسكار لأصحابها. لو كانت المنافسة بين الاثنين فى مهرجان أوروبى لفاز بها أبدى، كما حدث فى مهرجان «برلين» لعامين متتاليين حصل فيهما اثنان من الهواة على جائزة التمثيل، ولكن لأنها جوائز الأوسكار التى يختارها عدد كبير جدا من العاملين فى صناعة السينما فالاحتمال الأرجح أن ينحازوا للمحترفين أكثر من الهواة. أفضل ممثلة مساعدة الأكثر احتمالا للفوز بالجائزة هما الممثلة والمخرجة الكينية لوبيتا نيونجو عن دورها فى «عبد لاثنى عشر عاما» وجينيفر لورانس عن دورها فى «الاحتيال على الطريقة الأمريكية». ولكن بما أن لورانس حصلت على أوسكار أفضل ممثلة فى العام الماضى عن فيلم « عظم الشتاء» فمن الصعب أن تفوز هذا العام أيضا. أفضل مخرج المرشحان الأكثر فرصة هما ستيف ما كوين عن «عبد لإثنى عشر عاما» وألفونسو كورون عن «الجاذبية الأرضية»، وبالنظر إلى جوائز العام الماضى التى اكتسحها الفيلم الشعبى المتواضع «أرجو»، أعتقد أن جائزة الإخراج يمكن أن تذهب إلى كورون عن «الجاذبية الأرضية». أفضل سيناريو أفضل سيناريو أصلى، مكتوب مباشرة للسينما: العملان الأكثر استحقاقا للفوز هما: «هى» تأليف سبايك جونز، و«الاحتيال على الطريقة الأمريكية» تأليف ديفيد راسل وإيريك وارن سينجر. الأول هو الأحق والثانى هو صاحب الفرصة الأكبر. أفضل سيناريو مقتبس عن وسيط آخر: العملان الأكثر استحقاقا للفوز هما: «ذئب وول ستريت» و«فيلومينا»، ولكن الأكثر احتمالا أن يفوز بالجائزة هو «عبد لاثنى عشر عاما». أفضل فيلم أجنبى هى الجائزة الأكثر صعوبة دائما لأنها تضم «كريمة» الإنتاج العالمى كله، والأفلام الثلاثة أصحاب الفرصة الأكبر هم « الصيد» الدنمارك، «انهيار الدائرة المكسورة» بلجيكا، «الجمال العظيم» إيطاليا. الثلاثة يستحقون الفوز.. والأوسط هو الأكثر تأثيرا عاطفيا وبالتالى فرصته أكبر.