انتقد عدد من المستثمرين العقاريين عودة وزارة الإسكان لتطوير مشروعات الإسكان بنفسها، معتبرين أن ذلك يمثل عودة لنظام ثبت فشله على مدار العقود الماضية، وهو ما نفته وزارة الإسكان، مؤكدة أن قيامها بدور المطور العقاري سيقتصر على المشروع القومي للإسكان الذي يمثل شريحة محدودي الدخل وأن خططها تهدف إلى التكامل مع الشركات العقارية في تنفيذ المشروع. وأعلنت وزارة الإسكان مؤخرًا عن البدء في 200 ألف وحدة سكنية خلال العام المالي الجاري، لتقوم بدور المطور العقاري ضمن المشروع القومي الذي يتضمن بناء مليون وحدة سكنية على مدار 5 سنوات، بينما تقرر طرح تنفيذ المشروع على شركات المقاولات الخاصة باعتبارها "مقاول باطن".
وقال هشام شكري، الخبير العقاري، إن اتجاه الوزارة إلى تطوير مشروعات الإسكان بنفسها، يمثل عودة للنظام المتبع قبل عام 2005، والذي أثبت فشله ولم يحقق الأهداف المرجوة، ونتج عنه خسائر متراكمة على الدولة منعتها من الاستمرار في تنفيذ مشروعات الإسكان الاقتصادي، مما اضطرها إلى إسناد مهمة التطوير العقاري للقطاع الخاص الذي نجح في مجمله.
وأضاف شكري، أن غياب دور الوزارة في السابق كمنظم ومراقب لمشروعات الإسكان هو السبب الرئيسي وراء الصورة السلبية التي ظهرت بها مشروعات الإسكان الاقتصادي التي قام بها القطاع الخاص، خاصة ما يتعلق بالمبالغة في أسعار الوحدات وعدم الالتزام بالتنفيذ في المواعيد المحددة. ولفت إلى أنه رغم هذه السلبيات إلا أن القطاع الخاص نجح في تنفيذ عشرات الآلاف من الوحدات السكنية الاقتصادية، واستطاع أن يوفر مجتمعات سكنية متكاملة، مطالبًا الحكومة بإعادة ضبط هذه المنظومة بدلاً من إلغائها.
وفى المقابل، أكد خالد محمود مستشار وزير الإسكان لشؤون تطوير الأعمال، أن قيام الوزارة بدور المطور العقاري للمشروع القومي للإسكان ليس موجه ضد القطاع الخاص، ولا يعتبر عودة للنظام القديم.
وقال محمود إن المشروع الجديد موجه للشرائح الاجتماعية التي لا يستطيع القطاع الخاص الوصول إليها والتي لن تحقق له عائد يذكر، مما يتطلب قيام الدولة ممثلة في وزارة الإسكان بتنفيذها.
وأشار إلى أن الوزارة ستنتهي خلال الأسبوع المقبل من جميع التفاصيل النهائية للمشروع، والشروط التي سيتم وضعها للمستفيدين والتصميمات المناسبة، وذلك للوصول إلى أفضل نموذج يناسب محدودي الدخل.
وأضاف أن المساحات قد تتراوح ما بين 50 و70 مترًا ، مع احتمال وجود نسبة من المشروع مخصصة للإيجارات، لافتًا إلى أن هناك خطة لتسكين نحو 150 ألف من سكان العشوائيات في المشروع.
وأشار إلى أن الوزارة تدرس مختلف النماذج العالمية في الإسكان الاقتصادي، ومنها النموذج المكسيكي، بما يتلائم مع طبيعة الوضع محليًا للوصول إلى أقل تكلفة، لتوفير أكبر عدد من الوحدات سنويًا لتلبية الطلب المتراكم والمتزايد سنويًا.
ومن جانبه، قال محمد بنانى، نائب رئيس شركة كولديل بانكر مصر، إن الحل الأمثل لتوفير وحدات سكنية متنوعة لمتوسطي ومحدودي الدخل، يكمن في التكامل بين القطاعين العام والخاص، معتبرًا أن الدولة لن تستطيع إنشاء مئات الآلاف من الوحدات السكنية لوحدها، كما أن القطاع الخاص لن يوفر كل النماذج الإسكانية المطلوبة منه دون دعم من الدولة.
وأكد "بنانى" أن أسعار الوحدات السكنية في مشروع الإسكان الاقتصادي السابق كان مبالغ فيها، ولم تراع محدودي الدخل، مما تطلب تدخل الحكومة لعمل توازن وتحقيق استقرار في المعروض والأسعار. وأشار إلى أن أسعار الوحدات الاقتصادية تراجعت خلال العام الجاري بنحو 30%، نتيجة الإعلان عن المشروع القومي الجديد وتراجع الطلب عليها.