نشرت صحيفة الجارديان خبراً أوردت فيه أنه قد يتم تأجيل موعد أول انتخابات وطنية في ليبيا على مدى ما يزيد عن أربعة عقود، والمقرر انعقادها في 19 يونيو، لبضعة أسابيع. ورغم أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أوشكت على الانتهاء من طرح القائمة النهائية للمرشحين وإعداد أوراق الاقتراع، فيتوقع أن تكون مدة التأجيل قصيرة . ولفتت الصحيفة إلى أن إجراء انتخابات في بلد مثل ليبيا ليست بالمهمة السهلة، كما أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات تقوم بعملها على نحو جيد حتى الآن. وقد أعرب الشعب الليبي بشكل واضح عن رغبته في المضي قدمًا وذلك بقيام أعداد كبيرة بتسجيل بياناتهم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المُقبلة. وبحسب ما ذكرته لجنة الانتخابات، فقد قام حوالي 80% من الناخبين المؤهلين للانتخاب بتسجيل بياناتهم. وبعد مُضِي 42 عامًا من الحكم الديكتاتوري، تعتبر الديموقراطية شيئًا مستحدثًا على الشعب الليبي، ولكنهم ينتظرون بشغف قدوم ذلك اليوم الذي يصبحون فيه قادرون على اختيار رئيسهم. وسوف يقوم الليبيون بانتخاب 200 عضواً من الجمعية التأسيسية لقيادتهم بصفة رسمية إلى المرحلة التالية من الثورة، مرحلة إعادة البناء. وستكون المهمة الرئيسية للجمعية التأسيسية هي صياغة دستور جديد. وشهدت ليبيا بشكل غير مفاجئ موجة من النشاط السياسي، الذي يعاني هو الآخر من حالة من الإرباك الشديد. ويتجاوز عدد الكيانات السياسية المسجلة حتى الآن 370 كيانًا ويستخدم المرشحون كل شئ من شأنه إغراء الناخبين للحصول على أصواتهم. وينتظر العديد من الليبين بدء الحملات الانتخابية قبل أن يتخذوا قرار بشأن كيفية التصويت – وبالتالي يصعب التنبؤ بنتيجة الانتخابات في الوقت الراهن. وبالنظر إلى نمط الأحداث السياسية الأخيرة، فإن الأحزاب الأربعة المرجح أن تؤدي بشكل جيد هي: حزب العدالة والبناء وحزب الأمة وتحالف القوى الوطنية. وهناك اثنين من بين هذه الأحزاب ذات مرجعية دينية، حيث ينتمي حزب العدالة والبناء إلى جماعة الإخوان المسلمين وكذلك فإن حزب الأمة يحظى بدعم على الصلابي، عالم دين ليبي مشهور. ويتَّبع كلا الحزبين سياسات مماثلة، وأعربا فيما مضى عن أملهما في رؤية ليبيا كدولة حرة وشفافة وديموقراطية تقوم على مبادئ الإسلام. ومن المُرجح أن تنقسم الأصوات الدينية في ظل وجود عدد آخر من الأحزاب الدينية في المنافسة، مما يجعل التحالفات في البرلمان الجديد لا مفر منه. وتشير تصريحات لمختلف القادة السياسيين، وخاصة عبد الحكيم بلحاج، أحد أبرز قادة حزب الأمة، إلى أنه تُجرى بالفعل مفاوضات حول عقد تحالفات. وقد يَصُب عدم توافر معلومات وخطط واضحة من قِبَل الأحزاب الليبرالية في صالح الأحزاب الدينية، وخاصة الأكثر تنظيمًا فيما بينها مثل جماعة الإخوان المسلمين. ومن ناحية أخرى أعربت أحزاب وتحالفات ذات مرجعية ليبرالية وتقدُّمية عن أملها في الحصول على أغلبية في الجمعية التأسيسية. وتشتد المنافسة بين يوسف المقريف المعارض الليبي والأمين العام السابق للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا ومحمود جبريل رئيس الهيئة العليا لتحالف القوى الوطنية. ومع ذلك، فإن تاريخ من العمل مع النظام السابق لسنوات عدة لن يكون في صالح جبريل، ومن ناحية أخرى فإن يوسف المقريف، الذي يعتمد اعتماداً كبيراً على نضاله الماضي ضد الزعيم الليبي معمر القذافي، لديه قوة دفع كبيرة ومن المرجح أن يستفيد من 30 عامًا من العمل في التنظيم. وتوقع عدد كبير من النقاد السياسيين فوز الأحزاب الليبرالية في الانتخابات المقبلة ولكن بالنظر إلى تعقيدات المجتمع اليبي وعدم وجود ثقافة ديموقراطية، فإن الاجتماع مع الأحزاب الدينية يبدو في الغالب أقرب إلى الواقع.