تبدأ ليبيا اليوم الثلاثاء، أولى رحلاتها مع الديموقراطية، حين تفتح المفوضية العليا للإنتخابات أبواب مراكز تسجيل الناخبين وقبول المُرشحين من الأفراد والأحزاب السياسية لأول استحقاق انتخابي للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) المقرر له 19يونيو المقبل في ثاني تجربة من نوعها تشهدها البلاد منذ 60 عاماً. وكانت المفوضية التي أقال المجلس الإنتقالي رئيسها السابق عثمان القجيجي، قسمت ليبيا إلى 13 دائرة انتخابية للتنافس على 200 مقعد في المؤتمر الوطني الذي سيحل محل المجلس الإنتقالي ،وسينظم أول تصويت على الدستور الجديد للبلاد.. ووفقاً للقرار الذي أقال فيه المجلس الإنتقالي رئيس المفوضية السابق فقد عين نوري خليفة العبّار رئيساً لها والصغير مصباح الماجري نائباً أولاً له، والمستشار الطاهر عبدالله قراف نائباً ثانياً. يذكر أن ليبيا لم تعرف أي انتخابات برلمانية تحت أي مسمى سوى عام 1952 ، ففي 19 فبرايرمن نفس العام كان الاقتراع العام في أول انتخابات برلمانية ، وأسفرت النتائج عن فوز جبهة الحكومة بأغلبية ساحقة، وحدثت اضطرابات كبيرة في طرابلس و مصراتة ووضعت الحكومة المناطق المضطربة تحت الرقابة وفي يوم25 مارس سنة 1952 افتتح أول برلمان ليبي بحضور الملك إدريس الأول في مدينة بنغازي و ألقى السيد محمود المنتصر رئيس الوزراء أول خطاب عرش في عهد الاستقلال. كما ستقام أول انتخابات ليبية بعد ثورة 17 فبراير،في ظل قانون جديد للأحزاب ينص في بنده الأساسي على حظرتشكيل الأحزاب والكيانات السياسية في ليبيا على أساس جهوي أو قبلي أو ديني، وألا تكون امتداداً لأي أحزاب خارجية أو تمول من الخارج،وينص القانون أيضاً على ألا يقل عدد أعضاء الحزب الواحد عن 250 عضواً مؤسساً، فيما اشترط 100 عضو مؤسس عن تشكيل أي كيان سياسي يقل عن مستوى الحزب. وشهدت ليبيا على مدار العام الماضي منذ سقوط نظام القذافي الاعلان عن تشكيل العديد من الأحزاب لكن دون وجود قانون منظم لها، كما أن جماعة الإخوان المسلمون والتي لن تتمكن من خوض الانتخابات المقبلة بسبب قانون الاحزاب/ أكدت أنها لن تشارك في الحياة السياسية في ليبيا، وستركز نشاطها على العمل المجتمعي. ورغم حداثة التجربة الديموقراطية فى ليبيا،إلا أن التحالفات وجدت لها مكاناً بين الاحزاب والكتل السياسية التي قررت خوض الانتخابات المقبلة ،ولعل من أبرزها ما أعلن حول تحالف أكثر من ألف شخصية سياسية تنتمي إلى 40 حزباً سياسياً و350 مؤسسة مدنية لخوض أول انتخابات تشريعية تشهدها ليبيا ، وسينبثق منها المؤتمر الوطني. وضم التحالف مختلف التيارات والأطياف السياسية المناطقية والإسلامية والليبرالية والعلمانية والمستقلة،ولعبت أحزاب "الوطني الليبي" وتجمع "ثوار ليبيا" وحزب "الوفاق" الدور الكبير في تجميع القوى السياسية التي نسقت للتوافق بين الأحزاب على اختيار المرشحين، وقرروا رفضهم أي تمويل خارجي من أي دولة أو منظمة حكومية أو أهلية أجنبية. وقالت أحزاب التحالف إن مهمتهم تهدف إلى ضمان إرساء دعائم دولة ديمقراطية،وخوض انتخابات المؤتمر الوطني كتلة واحدة وبرنامجاً واحداً في إطارحملةُ انتخابات مشتركة بما لا يتعارض مع القانون، إضافة إلى التوافق على مرشحين للمشاركة في الحكومة المؤقتة، ودستور مؤسس على وثيقة التحالف. كما توافقوا على موقف موحد من الاستفتاء على الدستور وقانون الأحزاب عند صدوره، مؤكدين وقوفهم في وجه كل محاولات الاستحواذ أو الإقصاء أو التّهميش من أيّ جهة أو تحت أيّ ذريعة جهويّة أو قبليّة أو فكريّة أو عقائديّة أو دينيّة أو إثنية أو نوعية.