تنحى مبارك فى 11 فبراير 2011 وترك لنا خلفه ألغازاً لا يقوى على فك شفراتها سوى رجال النظام السابق المخلصين، من مهدوا الطريق للاستيلاء على ثروات الوطن.. وتوريث السلطة، ويأمنون الآن عمليات خروج هذه الثروات ومن يرثونها، واحد من تلك الألغاز يخص البنك العربى الافريقى ورئيسه حسن عبد الله.. صديق جمال مبارك وزميل دراسته فى الجامعة الأمريكية ورئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطنى.. وعضو فاعل فى لجنة السياسات.. المدهش أن عبدالله وجمال اللذين تزاملا فى الدراسة الجامعية.. تزاملا أيضا فى عضوية مجلس إدارة البنك العربى الافريقى، واصبح الأول رئيسا للبنك والثانى عضوا بمجلس الإدارة ممثلا للبنك المركزى.. فى المقابل كان الجهاز المركزى للمحاسبات ممنوعاً من مراقبة اعمال البنك لأن حصة المال العام فيه 49% من رأسماله، ورغم ابتعاد مبارك وعائلته عن السلطة لايزال البنك العربى الافريقى ورئيسه محل تقدير الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء الذى قرر المد له كرئيس للبنك لمدة عام آخر دون الالتفات لعلامات الاستفهام التى تلاحقه منذ سقوط نظام مبارك حول دوره فى تهريب ثروات الرئيس المخلوع وعائلته، ولم يوقفها قراره بشطب عضوية جمال مبارك من مجلس إدارة البنك بعد شهور من سقوط نظام مبارك وبعدما فجرت الصحف استمرار جمال مبارك فى مجلس إدارة البنك العربى الافريقى. وتأتى المستندات الدامغة هذه المرة لتكشف كيف خرجت اموال نظام مبارك من مصر أو على الاقل تكشف جزءاً من أجزاء عديدة لا تزال مفقودة فيما يخص اسلوب تهريب اموال النظام.. خاصة أن المستندات لا تبعد عن يوم تنحى مبارك عن الحكم سوى 36 ساعة فقط لاغير، ففى يوم 14 فبراير 2011 وقع البنك العربى الافريقى ومثله رئيس البنك حسن عبد الله عقد وكالة مفاجئ وعاجل مع شركة ويسترن يونيون العالمية لتحويل الاموال وبموجب هذا العقد الذى تم بعد 36 ساعة من تنحى مبارك رغم أن البنوك والجهات الحكومية الرسمية بالدولة كانت مغلقة باجازة رسمية منذ ثورة 25 يناير فإن حسن عبد الله نجح فى إبرام الصفقة وتم توقيع عقد الوكالة فى قرابة 25 صفحة ووقع عليه بصفته رئيسا للبنك ومن ويسترن يونيون وقع «تيم كين» المدير العام لويسترن يونيون، وذلك على الرغم من وجود وكيل مصرى لويسترن يونيون منذ سنوات بمصر وتحديدا منذ عام 1995 وهو شركة «آى.باج» التى لم ينته عقد وكالتها حتى الآن، ورغم أن موافقة البنك المركزى على تغيير الوكيل القديم واختيار وكيل جديد لويسترن يونيون من الشروط الاساسية لتوقيع عقد الوكالة إلا أن ويسترن يونيون وقعت على عجل وبدون الرجوع للبنك المركزى سواء هى أو البنك العربى الإفريقى ورئيسه حسن عبد الله. المفاجأة أن عقد الوكالة بين ويسترن يونيون وحسن عبد الله رئيس البنك العربى الافريقى منح بنك حسن عبد الله حرية إدخال وإخراج الاموال من وإلى مصر بدون حد اقصى فى حين كان عقد الوكالة مع الوكيل المصرى الاسبق «آى.باج» يمنحه فقط تحويل الاموال من خارج مصر إلى داخلها دون العكس.. أى من داخل مصر إلى خارجها، الامر الذى لم يعلم به الوكيل السابق لويسترن يونيون ولم يعرف أنه تم استبعاده من الوكالة فجأة، ولان الانفلات الامنى وقتها كان يعم كل مصر والفوضى ضاربة فى كل مكان فلم يكن امام «آى.باج» سوى تحرير محضر فى قسم شرطة قصر النيل فى اليوم التالى مباشرة لعلمه بتوقيع ويسترن يونيون لوكيل جديد ولم يكن المحضر فقط لمجرد إثبات حالة ولكن لإخلاء مسئولية الوكيل القديم عن أى اشياء سوف تقوم بها ويسترن يونيون فى مصر بعد علمه بتوقيع عقد وكالة بينها وبين البنك العربى الافريقى، وكأن قلب الوكيل السابق يعلم بأن هناك أمراً ما يدبر فى الخفاء، إلا أن المحضر لم يظهر له حس ولاخبر حتى كتابة هذه السطور، ولم يظهر للبنك المركزى أى دور فى الامر فقد وقف صامتا فلا هو وافق على الوكيل الجديد لويسترن يونيون ولا هو رفضه ولا هو فتح تحقيق فى استبدال ويسترن يونيون لوكيلها بمصر بالبنك العربى الافريقى ومنذ توقيع عقد الوكالة ولا احد فى بر مصر المحروسة يعرف حتى كم خرج وكم دخل من اموال من وإلى مصر عبر هذه الوكالة سوى شخص واحد فقط هو حسن عبدالله الذى كافأه رئيس الوزراء قبل ساعات بالمد له كرئيس للبنك العربى الافريقى لمدة عام.