أكد مصدر دبلوماسي ل”العرب” أن الجولة الأوروبية التي بدأها سامح شكري وزير الخارجية المصري أمس الأحد، وتشمل كلا من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ترمي إلى التنسيق والتعاون بين القاهرة وهذه الدول في مجال مكافحة الإرهاب، والتباحث بشأن كيفية مواجهة الخطر الداهم لتنظيم “داعش”، وهي دليل على رد الاعتبار للرؤية المصرية، التي تعمدت بعض الدول الغربية تجاهلها طوال الفترة الماضية. وأوضح بدر عبدالعاطي المتحدث باسم الخارجية المصرية أمس، أن الجولة هدفها، بحث الأزمة الليبية وتطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية والملف السوري والأزمة العراقية، إضافة إلى الموضوعات المتعلقة بالإرهاب، وما يشكله من تهديد للأمن والاستقرار الدوليين، علاوة على بحث تطوير العلاقات الثنائية، وكيفية تعزيز أوجه التعاون القائم بين مصر وتلك البلدان في مختلف المجالات، وفي مقدمتها التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري وتنشيط السياحة الوافدة والتشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
كانت الدعوة التي وجهها جون كيري وزير الخارجية الأميركى، لتشكيل تحالف عالمي لمواجهة تهديدات “داعش”، قد وقعت كالصاعقة على رأس كل من الذين راهنوا على استمرار التقاعس الأميركي في مواجهة هذا التنظيم، حيث تمثل تحولا نوعيا في الموقف الأميركي، واعترافا من واشنطن بفشل سياساتها طوال الفترة الماضية.
جون كيري أكد في مقال نشره بصحيفة “نيويورك تايمز″ السبت الماضي، أن تنظيم “داعش” يشكل تهديدا موحدا لمجموعة واسعة من البلدان، بما فيها الولاياتالمتحدة، لذلك “هناك حاجة إلى تحالف عالمي، يستخدم الأدوات السياسية والإنسانية والاقتصادية، وإنفاذ القانون والاستخبارات لدعم قوة عسكرية”.
واللافت أن دعوة كيري جاءت عقب يوم واحد فقط من اعتراف الرئيس الأميركي باراك أوباما، أن بلاده لا تملك استراتيجية للتصدي لتنظيم “داعش”، الذي أصبح يسيطر على مساحات كبيرة من أراضي العراق وسوريا.
مراقبون في القاهرة، اعتبروا الدعوة الأميركية لتشكيل ائتلاف دولي، تؤكد عجز واشنطن بكل قدراتها وأجهزتها على مواجهة هذا التنظيم، وأنها تتوسل للعالم أن يساعدها، بعد أن غضت الطرف عنه، وربما دعمته لفترة طويلة.
وقد أشار كيري إلى أنه في أعقاب قمة حلف الناتو المقررة الأسبوع المقبل في ويلز، سيقوم ووزير الدفاع الأميركي تشاك هاجل، بزيارة إلى الشرق الأوسط لتوفير المزيد من الدعم لائتلاف دولي حاسم، موضحا أن الولاياتالمتحدة سوف تستغل فرصة رئاسة مجلس الأمن الدولي في سبتمبر الجاري، لمواصلة العمل على بناء تحالف واسع، وتسلط الضوء على الخطر الذي يشكله المقاتلون الأجانب في صفوف “داعش”.
متابعون توقعوا أن تجد الدعوة الأميركية صدى كبيرا، خاصة من قبل الحلفاء الأوروبيين، في ظل انضمام نحو ثلاثمئة شخص من دول أوروبية مختلفة لهذا التنظيم، وتصاعد المخاوف من عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، وتنفيذ عمليات إرهابية في القارة العجوز.
الدعوة الأميركية لعمل ائتلاف دولي تزامنت مع تحذير صارم وجهه الملك عبدالله بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين، إلى زعماء العالم، لمواجهة الإرهاب والتصدي له بكل قوة، بعد أن أصبح منتشرا ويهدد دولا كثيرة.
يسري العزباوي الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، أوضح ل”العرب” أن تزامن الدعوة الأميركية لتشكيل ائتلاف دولي لمواجهة “داعش” مع دعوة خادم الحرمين الشريفين يضاعف من احتمال نجاح المجتمع الدولي في مواجهة الإرهاب بصورة جماعية.
وأكد مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ل”العرب” أن هناك تخوفا دوليا من تمدد نفوذ “داعش”، مؤكدا أن تهديد هذا التنظيم للمصالح النفطية للولايات المتحدة في العراق ومحاولات السيطرة على كردستان، من العوامل التي وقفت وراء الدعوة الأميركية للتعجيل بمواجهة “داعش” دوليا.