تحت هذا العنوان يكتب اليكس فيشمان في "يديعوت احرونوت" ان فرص ثبات وقف اطلاق النار الذي تم اعلانه في القاهرة، امس، ليست عالية، الجميع يريدون الهدوء، بما في ذلك حماس، ولكنهم جميعا لا يزالون في أعلى الأرجوحة، ويخشون التزلق نحو الأرض خشية تحطمهم، وطالما بقي الوضع هكذا فان النيران ستتواصل.
ويعتبر فيشمان ما حدث في القاهرة "سيرك في ثلاث دوائر. فيوم امس قفزت الى مقدمة الحلبة الجامعة العربية التي اقترحت على حماس سلما للهبوط عن الحبل الرفيع الذي تتأرجح عليه. وحدث ذلك بعد اعلان حماس صباح امس، بانها ستنسحب من المحادثات اذا لم تتجاوب إسرائيل مع مطالبها، ولكن من تنكلو بحماس في القاهرة وترفض التجاوب مع مطالبها هي مصر، ولكن حماس لا تجرؤ على اهانة قائد السيرك – السيسي، ولذلك فإنها تطلق النار باتجاه اسرائيل كي تضغط على المصريين ليتعاملوا معها بشكل لطيف.
وفي الوقت الذي تركض فيه مصر واسرائيل وحماس وراء الذنب بدون فائدة، دخلت الى الدائرة الثانية للسيرك الجامعة العربية كي تتيح لحماس التراجع الى الوراء: فحماس توافق ظاهريا على طلب الجامعة العربية اعلان وقف اطلاق النار لمدة 72 ساعة كي تتمكن إسرائيل من تقديم اقتراحات افضل من السابق. وكل ذلك يحدث كما لو ان حماس تصنع خيرا للدول العربية ولا تسعى حقا الى وقف اطلاق النار. حماس تريد جدا البقاء في القاهرة ومواصلة المحادثات لأن اكثر ما يقتلها هو الاهانة.
ولا يمكن استبعاد احتمال توفر عدة افكار خلاقة لدى اسرائيل، فمثلا يمكن لها ان تفحص امكانية تلقي المستخدمين العموميين في غزة لرواتبهم من خزينة قطر، وفي هذه المسألة لن يتم الفصل بين الموظفين المدنيين وبين رجال الذراع العسكرية لحماس. كما ان إسرائيل مستعدة لإظهار السخاء وتوسيع منطقة الصيد امام شاطئ غزة، بل هناك حديث عن منح تصاريح عمل في اسرائيل لقرابة خمسة آلاف عامل من غزة، وفتح معبر آخر، كما يبدو ايرز، لزيادة كمية البضائع الداخلة الى القطاع.
ولدى إسرائيل عدة صيغ جديدة بشأن تواجدها العسكري في الحزام الامني في الجانب الفلسطيني من الحدود. واسرائيل مستعدة لإظهار سخاء المنتصرين في مجالات تتعلق برفاهية السكان في غزة، لكن مصر مشغولة الآن في ترويض النمر الحماسي. فرئيس المخابرات المصرية الجنرال تهامي لا يتحدث مع حماس وانما مع عزام الاحمد ممثل السلطة الفلسطينية، حتى في موضوع فتح معبر رفح.
اما الدائرة الثالثة في السيرك فهو الاتحاد الاوروبي الذي احتل الى حد ما، مكان الولاياتالمتحدة المحبطة والتي قررت الجلوس على المدرج. فأوروبا تقترح خطة طويلة المدى تشمل فتح ميناء غزة (بإشراف اوروبي). وعرض ثلاثة سفراء من الاتحاد الاوروبي على نتنياهو خطة تحتوي على حلويات للجانبين: فهي تعد حماس بآليات تضمن انفتاحها على العالم، كإقامة مجمع في قبرص تصل عبره البضائع الى غزة، وتقترح على إسرائيل إخضاع كل المعابر المؤدية الى غزة، برا وبحرا، للرقابة الشديدة.
وفي الوقت الذي تحوم الدوائر الثلاث حول نفسها، استغل الجيش الإسرائيلي اليوم الاخير لاختبار الاختراع الإسرائيلي المسمى "ستائر النار" الذي يتيح تشخيص الخلايا المتجهة لإطلاق الصواريخ او تنفيذ عملية، وتصفيتها. وتم يوم امس تصفية 11 خلية كهذه! وهكذا تبدو الحرب في شفقها، فعندما يحاول القائد العام للجيش اقناع سكان محيط غزة بمنح الاستراتيجية مزيدا من الوقت قبل العودة الى التكتيك العسكري، الذي لا يؤمن احد بأنه الحل البديل، يتم اطلاق النار بعض الشيء، وتنفيذ بعض عمليات الاغتيال، والتحصن في المواقع، ويجري تدريجيا حياكة ديناميكية معينة من المفاوضات التي قد تقود الى ترتيب بين وقف اطلاق وآخر. وفي ظل هذه الوتيرة، نحتاج الى قيادة تتمتع بأعصاب قوية. والاختبار الحقيقي يكمن الآن في ترجمة نتائج العملية العسكرية الى فوائد سياسية على الجبهة الواسعة: ليس فقط مقابل حماس، وانما مقابل الاوروبيين والعالم العربي، وكذلك الولاياتالمتحدة.