قدم الإخوان 20 مشروع قانون ليس بينها قانون منع اختلاط الثروة بالسلطة ■ الشاطر أعلن صراحة أن نظام مبارك الاقتصادى مستمر فما الذى يمنع أن يتحول إلى إمبرطور البيزنس؟ ■ قوانين الإخوان لاتمنع الاحتكارات الاقتصادية.. المهم أن تكون حسب الشريعة الإسلامية ينسى التاجر ورجل الاعمال خيرت الشاطر قاعدة شرعية مهمة فى رشة حواراته ومؤتمراته قاعدة تقول «إن الله يصلح بالسلطان ما لم يصلح بالقرآن». فالاعتماد على النوايا الحسنة والاخلاق الحميدة وحدها لا يكفى لإقامة مشروع نهضة الاخوان أو إصلاح الاقتصاد. وحدها القوانين والسياسات الاقتصادية الجادة والرقابة الصارمة هى القادرة على خلق النهضة. لا يمكن أن تسير فى نفس طريق الفوضى ثم تتوقع أن تجنى الاستقرار، ومن المستحيل أن ترهن إرادتك الاقتصادية ثم تنتظر أن تحصد الاستقلال. لكن خيرت الشاطر يهاجم فساد نظام مبارك ثم يسير هو وحزبه بخطى ثابتة ومع سبق الإصرار والترصد فى الطريق، وفى أحد حواراته يهاجم اسرة باعت شركات أسمنت ب 9 مليارات يورو.وبالطبع يقصد خيرت أسرة ساويرس فى واقعة بيع شركات الاسمنت الخاصة بها لشركة لارفاج الفرنسية. وهى صفقة أو بالأحرى صفعة أصابت المجتمع المصرى بصدمة. وبعد الثورة يصدم الشاطر المجتمع مرة أخرى بالاستمرار فى نفس النظام الاقتصادى المنحل الذى أدى إلى صفعة لارفاج.. فى مؤتمره الصحفى تحدث بصراحة عن استمرار الاقتصاد الحر والاعتماد على الاستثمارات الاجنبية والعربية، لا يرى رجل الاعمال أى طريق ثالث أو بديل عن لنهضة الاقتصاد من عثرته. وفى حواراته لم يتحدث عنه ضوابط هذا الاقتصاد الحر. وكان أنياب الاقتصاد الحر والخصخصة وخطايا رجال الاعمال ستذوب من تلقاء نفسها من حرارة الإيمان، أو أن زواج الثروة بالسلطة سينتهى بأصابع الايدى المتوضئة. فى العالم كله هناك ثورة على نظام الرأسمالى أو الاقتصاد الحر، فحتى بدون فساد قانونى، فان لعبة الرأسمالية تحرم أغلبية الشعب من ثمار الثروة، والشاطر اختار أن يراهن على استثمارات أجنبية وعربية، وبهذا الرهان الخاطئ فإن الشاطر يستمر فى تنفيذ سياسات مبارك الاقتصادية. فلكى تجذب الاستثمارات يجب أن تقدم مزايا وتنافس دولا مثل الإمارات وتركيا والهند والصين فى منح المستثمرين مزايا وتسهيلات، أو بالأحرى مزاد التسهيلات والتدليل. ورهان الشاطر على الاستثمارات العربية سيؤدى فى نهاية المطاف إلى التصالح مع رجال الاعمال العرب فى قضايا الفساد المنظورة امام المحاكم أو فى النيابة، فلم يأت مستثمر خليجى بدون إنهاء هذه الملفات، وبالمثل فإن اعتماد الشاطر على الاستثمارات الأجنبية سيدفع مصر إلى حل أزمات التحكيم مع المستثمرين الأجانب، وستتكرر الشعارات القديمة. من نوع (طمأنة المستثمر الاجنبى، إرسال رسائل ايجابية عن الاقتصاد المصرى). الأخطر أن رهان الشاطر على المستثمر الاجنبى سيؤدى إلى الدخول فى نفس الحلقة الملعونة قبل الثورة. حلقة الاحتكارات الكبرى فالقاعدة الرأسمالية أن المستثمر الكبير أولى بالرعاية من المستثمر الصغير. والمسستثمر الكبير يريد بناء امبراطورية، وهذا يفتح الباب لمزيد من الاحتكارات. المستثمر الكبير سيطلب تخصيص مساحات كبيرة سواء فى السياحة والصناعة أو العقارات،.وبدل المصنع سيبنى ثلاثة أو أربعة مصانع . لان الكبير لا يلعب فى «فكة» البيزنس، وقد أدت هذه النظرية إلى تجميع عدة مصانع اسمنت لآل ساويرس، ولم يكن هناك قانون فى مصر يمنع أن يتم بيع هذه المصانع لشركة فرنسية أو حتى اسرائيلية وبالمثل لم يكن هناك قانون مصرى يحد من ساويرس أو غيره تملك حصصا كبيرة فى أى سوق. ويبدو تصميم الشاطر وحزبه على تكرار اللعبة فى تعديلات قانون المنافسة.. فتعديلات قانون المنافسة التى قدمها حزب الشاطر لم تمنح الحكومة حق الموافقة أو الرفض فى حالة تكوين احتكارات. ففى دول رأسمالية مثل فرنسا لا تستطيع شركة كبرى الاستحواذ على شركة أخرى دون موافقة الحكومة الفرنسية، وذلك عبر جهاز حماية المنافسة. وفى عهد مبارك انتشرت الاحتكارات الكبرى من السمنة للاسمدة للحديد عبر هذه البوابة. الاقتصاد الحر فى مصر سداح مداح، وبعد الثورة تقدم حزب الحرية والعدالة بتعديلات قانون المنافسة، وخلت التعديلات من شرط موافقة الحكومة على استحواذات الشركات. وتكوين الاحتكارات.. فلا يوجد ما يمنع من تكرار مائة محتكر أو مستحوذ كبير. وفى مشروع قانون الصكوك الاسلامية الذى قدمه الاخوان والسلفيون تكرر الأمر، فليس هناك مانع أن يشترى فرد ألفا أو حتى مليون صك فى أى مشروع، فقد تطرح مشروع بناء مصنع اسمنت، فيشترى آل ساويرس أو غيرهم نصف الصكوك، ولا يوجد ما يمنع اعادة بيعها مرة أخرى لمستثمر أجنبى هندى كان أو فرنسى أو سعوديا. فحزب الشاطر ليس ضد الاحتكار. ومساندة المحتكرين، والاختلاف الوحيد أن الامبراطوريات الجديدة تبنى على الشريعة الاسلامية، والمرشحون الآن للصعود الاقتصادى أو المبشرون بجنة الاحتكارات هم رجال أعمال إخوان. تكتلات الاخوان فى البيزنس بدأت بالفعل بمشروع جمعية «ابدأ» لمؤسسها حسن مالك. ومالك هو الشريك والصديق المقرب للشاطر، ولا أحد يعلم ما مصير هذه الشراكة الاقتصادية إذا فاز الشاطر بالرئاسة، لكن من الممكن أن نتوقع بالطبع نوع المعاملة الحكومية التى سيحصل عليها شريك الرئيس الاقتصادى لمبارك، فمعظم الموظفين الحكوميين سيترددون ألف مرة قبل اتخاذ أى إجراء قانونى ضد شركات شريك رئيس الجمهورية، ورجال الاعمال سيخطبون وده ويفكرون ألف مرة قبل الدخول فى منافسه مع شريك الرئيس. الشاطر نفسه قد يصبح نموذجا حادا لتزاوج السلطة بالثروة، فالرجل يملك مشروعات متعددة ومتنوعة من السياحة للمقاولات ولديه توكيلات تجارية ومشروعات وتوكيلات أثاث وقائمة طويلة من المشاركات التجارية، ولو فاز الشاطر برئاسة الجمهورية فنحن أمام حالة فريدة وشاذة من تعارض المصالح، فمشروعات الرئيس القادم يجب أن تخضع للرقابة من حكومة الرئيس، وستدخل مناقصات ومزايدات للاراضى تطرحها وزارة من وزارات الرئيس، وستتنافس مشروعات الرئيس مع مشروعات رجال الاعمال الاخرين، وهذه المهزلة هى اعادة إنتاج لأسوأ ما حدث فى عهد مبارك. ولذلك فإن اقرار قانون تعارض المصالح يصبح فرض عين فى عهد الرئيس التاجر أو بالادق رئيس من أهل البيزنس. وليس من قبيل المصادفة أن يكون الوزير السابق احمد المغربى على رأس الرافضين لإصدار قانون منع تعارض المصالح قبل الثورة، وأن يتضامن معه فى الرفض أحمد عز وبقية وزارء البيزنس. وقواعد تعارض المصالح ليست اتهاما لأحد، ففى العالم كله توضع قواعد تمنع أى شبهة لتزواج السلطة بالثروة، بعض البلدان تجبر المسئول على بيع أعماله أو شركاته بعد تولى المنصب. وتمنحه فرصه لاتزيد فى الغالب على ستة أشهر، وتضع قوانين هذه البلاد قيودا على البيع. وهذه القيود تضمن أن يتم البيع بالأسعار العادلة وبسعر السوق، دول أخرى تشترط على المسئولين تقديم إقرار يعرف بإشهار المصالح، وفى هذه الإقرار يقدم المسئول قائمة معلنة بكل اعماله وشركائه. ويهدف الاقرار إلى رقابة كل أفراد المجتمع على مشروعات وبيزنس المسئول. وهذا الاقرار يختلف كليا عن اقرار الذمة المالية الذى يقدمه مرشحو الرئاسة أو المسئولون، فإقرار الذمة المالية يظل سريا وبعيدا عن رقابة المجتمع، وبالمثل فإن اقرار الذمة المالية لا يتضمن شركاء البيزنس. وفى حالة مصر الثورة فإن بيع المسئول لبيزنسه هو الضمانة الوحيدة لمنع تعارض المصالح. وبالطبع نحن لا نتحدث عن بيع للاسرة، بل بيع حقيقى للأفراد من خارج الاسرة، وذلك لضمان قطع الصلة بين المسئول وأعماله التجارية أو مصالحه الاقتصادية. وبدون إصدار هذا القانون من ناحية، وبدون موافقة الدولة على الاستحواذ من ناحية أخرى سيستمر الخلل الاقتصادى. بدون هذه القوانين فليس هناك ما يمنع الرئيس رجل الاعمال خيرت الشاطر أن يستمر فى إدارة أعماله عبر اسرته. وأن تزدهر هذه الاعمال وأن يستحوذ رجل الاعمال الشاطر على شركات أخرى، والمفاجأة أن يتم بيع هذه المشروعات لشركات عربية أو أجنبية قطرية أو فرنسية، وكله بالقانون. وإذا حدث كل ذلك أو بالأحرى إذا تكرر سيناريو آل ساويرس والاسمنت، فلن نستطيع لوم الرئيس الشاطر فالرجل ساعتها لم يخالف القانون وتصرف وفق قواعد الرأسمالية، أو الاقتصاد الاسلامى فتسعة اعشار الربح فى التجارة. مرة أخرى أرجو أن يتذكر الشاطر وحزبه القاعدة «إن الله يصلح بالسلطان مالم يصلح بالقرآن» فلا يكفى الاعتماد على اخلاق الشاطر الاسلامية أو ميوله الوطنية، فالقضية لا تخص الرئيس المتحمل، دون أى تشكيك فى نوايا الرجل فنحن امام وضع خطر، فحتى لو تعامل الشاطر بمنتهى منتهى النزاهة، فإن المجتمع قد لا يتعامل مع بيزنسه بنفس الطريقة، اسألوا انفسكم كم موظف سيجرؤ على مراقبة مشروعات الرئيس، فضلا على تطبيق القانون عليها؟ كم رجل أعمال سيفكر فى منافسة بيزنس الرئيس؟ وكم رجل أ عمال مصرى أو أجنبى سيخطب ود مشروعاته؟ ولماذا نعرض سمعة منصب الرئاسة لعلامات الاستفهام؟ فى الحقيقة ليس هناك اجابات شافية وقاطعة لهذه الاسئلة سوى الاعتماد على قوانين تسرى على الجميع. قوانين تمنع تزاوج السلطة بالثروة، وتوقف سرطان الاحتكارات. فالحلال بين والحرام بين وليس هناك حرام على الحزب الوطنى المنحل يصبح حلالا فى عهد الاخوان أو رئاسة الشاطر.