الفرق بين «فاطمة» والأخريات كالفرق بين الأرض والسماء، فالأرض من الممكن أن يسكنها الأنس والشياطين، ولكن السماء لا يسكنها سوى الملائكة فقط. فاطمة واحدة من اللاتي يؤكدن هذه الفكرة بأداء وحضور -للأسف- يغيب عن نجمات كثيرات صدرتهن لنا الدراما والسينما المصرية، ولكن مع بداية انتشار الدراما التركية، وسيطرتها على البيوت المصرية، بدأنا نكتشف أننا لا نمتلك النجمة فتاة الأحلام، فرغم احترامى لكل النجمات الموجودات حالياً ،على الساحة الفنية، فهن لا يمثلن شيئاً ،أمام حضور وموهبة «فاطمة» التى تصورها الصحافة التركية على أنها مجرد ممثلة عادية، غير أن ما نشاهده على الشاشة يخبرنا عكس ذلك. فالفتاة التى أسرت قلوب المصريين، بعملين هما «العشق الممنوع» فى دور سمر والآخر هو «ماذا جنت فاطمة» تمتلك من القدرات والموهبة ما يجعلنا نعترف بأننا لا نمتلك ممثلة بهذه المواصفات، فهى نموذج لا يلعب على الغرائز بقدر ما يوقظ المشاعر بداخلك، يجعلك تعيش حالة من العشق والرومانسية التى افتقدها الفن المصرى خلال السنوات الأخيرة بفضل سيطرة نماذج من الممثلات والممثلين، لا يصلحون لتقديم مثل هذه النوعية من الأعمال الرومانسية، ففاطمة مزيج مختلف من الأحاسيس والمشاعر، تشعر أنك شاهدته من قبل فى أداء الراحلة هالة فؤاد أو فى حضور المعتزلة «نسرين»، ولكن لا توجد الآن بالسينما او الدراما من تستطيع الوقوف فى مواجهة «فاطمة» التى عوضتنا عن متابعة رتابة البرامج السياسية ووجوه ضيوف هذه البرامج الذين يطاردوننا كجرعة ثقيلة من أقماع اللبوس ! فوجدنا ضالتنا فى مسلسل، تمت كتابة نصه بحرفية شديدة، وتم اختيار الممثلين فيه بتأنٍ شديد، لدرجة تجعلك على يقين بأن كل واحد من فريق العمل يؤدى دوره الحقيقى فى الحياة، ليبقى أداء فاطمة وكريم بالعمل ،الأكثر جاذبية للمشاهدين، فالاثنان يمتلكان عينين لا تكذبان، ويبدو أن صناع العمل أدركوا حاجة الدراما العربية لمثل هذه النوعية من الأعمال، فقرروا تصدير أعمالهم لنا بمواصفات الذوق العربي. ومن خلال قصص قادرة على جذبنا كمشاهدين رغم اختلاف الثقافة واللغة، فهذه النوعية من الدراما يتم عرضها فى تركيا خلال فترة الظهيرة، كنوع من الدراما التيك أواى ، ولكنها فجأة تحولت لدينا لوجبة أساسية، نتناولها عن طيب خاطر، بعد أن أصابتنا الدراما المصرية بكل أمراض عصر المشاهدة، ولكن ما أخشى عليه هو تعودنا على مثل هذه النوعية من الدراما المستوردة، التى تكشف ضعف درامتنا المحلية، التى تكتظ بنجوم ونجمات فقدوا صلاحيتهم للظهور على الشاشة، وأصبحنا فى حالة ملحة لتغيير وجوههم، والبحث عن أخرى أكثر نضارة وصدقًا وإحساسًا، لأننا فعلاً سئمنا ما يقدم لنا من دراما فاسدة، وفى النهاية تبقى صورة فاطمة سواء كانت ارستقراطية أو حتى فتاة ريفية، لتخبرنا بأن ممثلات مصر مطبوع على أدائهن علامة «صنع فى الصين» لأنهن بصراحة شديدة نجمات بلاستيك! السنة الخامسة - العدد 347 - الخميس - 22/ 03 /2012