رأت مجلة "كومنتاري" الأمريكية أن غضب القادة الأوروبيين من مزاعم تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية عليهم لا محل له من الإعراب وأنه للاستهلاك الجماهيري.
واستهلت المجلة -تعليقا أوردته على موقعها الإلكتروني الجمعة بعنوان “لماذا نتجسس؟”- بأن وجهت نصيحة للحلفاء الغاضبين من المزاعم القائلة بتجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية على قادتهم، مطالبة إياهم بإظهار شيء من النضج قائلة ” اكبروا” وحددت من تقصد بالإشارة إلى ألمانياوفرنسا والبرازيل والمكسيك أيضا وكذلك الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
ومضت المجلة تقول: “هل تتجس وكالة الأمن القومي على قادة الحلفاء؟ ربما.. وهل تتجسس هذه الدول على قادة دول حليفة مثل الولاياتالمتحدة؟ ربما.. أنتم فقط تفتقرون إلى المصادر أو الإمكانيات التي تؤهلكم للتجسس بالكفاءة نفسها التي تتجسس بها وكالة الأمن القومي.. ولكنكم لو امتلكتم هذه الإمكانيات لما توانيتم عن إتيان ما تؤاخذوننا عليه في أمريكا.”
وأضافت “لا تكلفوا أنفسكم مشقة الإنكار.. ثمة مبدأ أقره رجل الدولة الإنجليزي لورد بالمرستون الذي شغل منصبي وزير خارجية ورئيس وزراء بريطانيا في القرن التاسع عشر قال فيه “ليس لدينا حلفاء للأبد ولا أعداء للأبد..إنما هي مصالحنا دائما وواجبنا أن نقتفي أثرها”.
وتابعت “في مطاردة مصالحها، تحتاج كل الدول إلى ما يسعها من المعلومات عما تفعله وما تعتزم فعله الدول الأخرى ولاسيما الدول الحليفة.. وليس ثمة دولة يمكن التعويل كثيرا على ولائها، وليس أدل على ذلك من حلفائنا الفرنسيين الذين رفضوا دعمنا في الحرب على العراق ولكنهم أخذوا زمام المبادرة في الحرب على مالي.. أو الألمان؛ الذين اختاروا التخلف عن المشاركة في حرب العراق ولكنهم شاركوا في الحرب على أفغانستان.. هذا على صعيد السياسات الأمنية وهو لا يختلف كثيرا عن السياسات على الصعيد الاقتصادي.. إن الدول الكبرى تنفق الأموال الطائلة على أجهزتها الاستخباراتية للوقوف على دوافع إقدام نظائرها على فعل أمور دون أخرى”.
وقالت كومنتاري “بالتأكيد تذهب معظم ميزانيات الأجهزة الاستخباراتية على تحليل أفعال ونوايا الدول الأعداء، ولكن حتى عند التركيز على دول سيئة مثل إيران أو تنظيم القاعدة، يتعين إلى جانب ذلك الحصول على معلومات دقيقة عن أفعال الدول الحليفة: هل سيدعم الألمان تشديد العقوبات؟ وهل سيتعاون الإيطاليون في ترحيل المطلوبين؟ وهكذا.. مثل هذه الأسئلة هي الدافع وراء تجسس الدول على بعضها البعض في السر ، حتى لو كانت تعهدت بصداقة دائمة في العلن.
وأضافت المجلة "هذا هو سبب تخوف المجتمع الاستخباراتي الأمريكي من الاختراق عبر جهاز الاستخبارت الإسرائيلي الموساد (إسرائيل دولة حليفة لأمريكا) بالقدر نفسه الذي يتخوف به من الاختراق من قبل دول أعلنت عداوتها مثل إيران وكوبا".
واستدركت المجلة الأمريكية قائلة ” ولكن ثمة استثناء جزئي لتلك القاعدة التجسسية يتمثل في تحالف “العيون الخمس” الذي يضم كلا من أمريكاوبريطانيا وكندا واستراليا ونيوزيلاندا.. إن هذه الدول التي تبادلت إشارات استخباراتية حساسة منذ الحرب العالمية الثانية قد لا تكون تتجسس على قادة بعضها البعض – ولكنها بالطبع تتجسس على مواطني بعضها البعض.. في الواقع إن هذا التبادل الاستخباراتي سمح لهم بالتحايل على المحظورات على صعيد المراقبة المحلية: إذ يمكن للبريطانيين التجسس على المواطنين الأمريكيين والعكس صحيح ثم يتبادلون النتائج”.
وخلصت كومنتاري "أما ما عدا ذلك من الدول الأخرى خارج تحالف “العيون الخمس” فهي حل للتجسس الأمريكي، والعكس صحيح بمعنى أن أمريكا حل لتجسسهم عليها. وبالطبع فإن قادة كل من فرنساوألمانيا والبرازيل وغيرها يعلمون ذلك جيدا.. لكن مواطنيهم لا يعلمون. وعليه فإن غضب هؤلاء القادة لا محل له من الإعراب وهو غضب للاستهلاك العام".