نشبت اشتباكات اليوم الجمعة 10-6-2011 في ساحة التحرير بالعاصمة العراقية بغداد بين المتظاهرين من منظمات المجتمع المدني، وشيوخ العشائر الموالين للحكومة، والذين التفوا حولهم عليهم وحاصروهم من كل جانب. وشبه المتظاهرون ما جرى اليوم بمعركة "أُحُد". ولم يقتصر التظاهر على العاصمة بغداد بل امتد إلى باقي المحافظات الأخرى. وقد انسحبت منظمات المجتمع المدني من ساحة "التحرير" على إثر الاشتباكات، وبعدها بقليل غادرت العشائر. وقال متظاهرون إن الحكومة دفعت العشائر لإفشال المظاهرات التي تقام كل جمعة احتجاجا على تراجع أداء الوزارات. وذكروا أن "عناصر من البلطجية والعصابات التي ترتدي ملابس مدنية وتحمل معها العصي والسكاكين، قامت باعتقال عدد من الناشطين". وأكدت الناشطة هدى أن "عددا من مؤيدي الحكومة اخترقوا التظاهرات وأخذوا يهتفون بحياة رئيس الوزراء المالكي ومنهم من طالب باعدام المتسببين بحادثة (زفة العرس) التي عرضتها القناة الحكومية فبل يومين وأثارت الشارع وروعته". وأفاد عدد من الناشطين أن معالم ساحة التحرير قد تغيرت اليوم بقيام أنصار من حزب الدعوة الذين نصبوا سرادقا ورفعوا شعارات مغايرة لشعارات قيادة الحراك الشعبي المطالبة سلميا بالاصلاح السياسي والخدمي واطلاق سراح السجناء والموقفين من سجناء الراي.
وتظاهر الشارع العراقي اليوم من أجل المطالبة بالإصلاح، بعد أيام قليلة من انتهاء مهلة المئة يوم التي منحت إلى الوزارات لتحسين أدائها، نقلاً عن تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. ووجّه ناشطون عراقيون على موقع "فيسبوك" دعوات للتظاهر بقوة في عموم محافظات العراق خصوصاً في ساحة التحرير وسط بغداد في ما أطلقوا عليه "جمعة القرار والرحيل".
ونشرت على صفحة تحمل عنوان "الثورة العراقية الكبرى" في موقع "فيسبوك" صورة كبيرة لرئيس الوزراء نوري المالكي ملطخة باللون الاحمر وكتب تحتها "انتهت المهلة، استعدوا للرحيل نحن قادمون". ودعا المشرفون على الصفحة الى "ثورة" يوم الجمعة، معتبرين أن يوم الثلاثاء الماضي الذي كان آخر أيام مهلة المئة يوم، اعتبر بمثابة "بداية النهاية" بالنسبة الى المالكي والحكومة. وحصلت الصفحة على تأييد أكثر من 36 ألف شخص. واعتبرت صفحة أخرى حملت اسم "ائتلاف ثورة شباط" أن الجمعة يجب أن يكون "يوم وقفة وفاء للوطن، وحتى لا يعتقد الطغاة أننا نتهاون مع من يسلب حقوقنا". ونشر المشرفون على الصفحة التي حصلت على تأييد أكثر من 700 شخص صورة للمالكي كتب فوقها "ارحل". وفرضت السلطات الأمنية في محافظة صلاح الدين حظرا للتجوال في مركز مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد) التي شهدت خلال الايام الماضية اعمال عنف دامية، من الساعة الخامسة فجراً وحتى الساعة الخامسة عصراً بالتوقيت المحلي. وذكر مصدر عسكري في المحافظة لوكالة فرانس برس ان "حظر التجول فرض تحسباً لخروج تظاهرات اليوم". وكان العراق شهد في بداية العام الحالي أكبر تظاهرات منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، استلهم فيها آلاف العراقيين الحركات الاحتجاجية في العالم العربي، منددين بعدم كفاءة الطبقة السياسية، بحسب قولهم. ودفعت التظاهرات المالكي الى الاعلان في 27 فبراير/شباط انه سيقيم وسيعلن بعد 100 يوم من هذا التاريخ "إخفاقات ونجاحات كل وزير"، ملمحاً حينها الى إمكان طرد وزراء او مسؤولين في وزاراتهم. ولم تتمكن الحكومة في هذه الفترة من إيجاد حلول لمشاكل أساسية يعاني منها العراقيون في حياتهم اليومية، بينها النقص الحاد في الكهرباء والمياه النقية، وكذلك الوضع الأمني الذي يبقي البلاد في حالة من التأهب الدائم. وبدأت مساء الثلاثاء جلسات علنية يومية تنقل على الهواء مباشرة يعرض فيها الوزراء تقارير عن عملهم خلال هذه الفترة، على أن يليها تقرير مفصل للمالكي يعرضه على الشعب. وتشهد ساحة التحرير تظاهرات في يوم الجمعة من كل أسبوع لأهداف مختلفة بينها الاحتجاج على تردي الاوضاع الامنية والمطالبة بالإصلاح السياسي وحرية التعبير وإنهاء وجود القوات الامريكية في البلاد.