وكالات وسط معارضة ورفض قوى عراقية لزيارة أحمدي نجاد الحالية الى العراق متهمة اياه بالمسؤولية عن المشاركة في سفك الدم العراقي فقد بحث الرئيس الايراني المنتهية ولايته مع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي ونائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي دور البلدين في تحقيق امن واستقرار المنطقة.
بحث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مع الرئيس الإيراني المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد خلال اجتماعهما في بغداد الليلة العلاقات الثنائية والاوضاع في المنطقة وخاصة ما يتعلق منها بالازمة السورية وقال "ان العراق يسعى الى تطوير علاقاته مع جميع دول العالم وبالأخص دول الجوار ، واننا نواصل تجاوز التركة الثقيلة التي خلفها النظام السابق على المستويين الاقليمي والدولي". واضاف "ان العراق يدعم الحلول السلمية لجميع مشاكل المنطقة ويتبنى سياسة الباب المفتوح في علاقاته مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل و المصالح المشتركة" مشيرا الى ان الحدود الجغرافية الطويلة مع الجارة ايران تستدعي المزيد من التعاون في جميع المجالات كما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الاعلامي. وأكد ان الشركات الايرانية مدعوة للمساهمة في عملية الإعمار والبناء الجارية في العراق ، موجها الشكر لهذه الشركات لتعاونها في مجالات الطاقة وتزويد العراق بالكهرباء والغاز لإنتاج الطاقة الكهربائية . ومن جهته، أعرب الرئيس الايراني عن استعداد بلاده لتطوير العلاقات مع العراق والتعاون في مجالات البناء والطاقة والسكن والسياحة الدينية ، مؤكدا عمق العلاقات التاريخية التي تربط البلدين والشعبين العراقي والايراني .
وعلى الصعيد نفسه، وخلال مؤتمر صحافي مع نجاد عقب مباحثات سياسية واقتصادية في بغداد الليلة اكد الخزاعي اهمية العلاقات بين العراق وايران وانعكاسها ايجابيا على المنطقة بأكملها . وقال ان العلاقة الطيبة بين العراق وايران تشكل دستورا للمحبة . واكد استعداد العراق لان يكون جسراً لتوطيد العلاقات بين ايران والدول العربية .. وقال "سنكون جسور مودة ومحبة بين ايران والعالم العربي ولن ندخر وسعا لتطوير هذه العلاقات". من جانبه اشار نجاد الى ان دور البلدين في اشاعة الثقافة في المنطقة هو رائد كما هو استثنائي في تحقيق امن واستقرار المنطقة . وقال "على عاتقنا رسالة مشتركة هي للتقدم والامن والاستقرار وكذلك للسلام والامن العام ". وشدد على انه لاحدود بالنسبة إلى تطبيع العلاقات الثنائية والاستفادة من جميع الفرص لتعزيز اواصر الاخوة والتعاون بين البلدين. وقال ان عزة وتقدم وقدرة العراق هي في الوقت نفسه عزة وامن وتقدم لايران . وأضاف "اننا نعتقد ان الشعبين الايراني والعراقي لو وضعت امكانياتهما في مسار واحد سيؤدي ذلك الى حل جميع المشاكل " على حد قوله.
وفي وقت سابق قال عباس عراقجي الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الايرانية ان الرئيس العراقي جلال طالباني وجّه العام الماضي دعوة رسمية للرئيس نجاد لزيارة بغداد الا ان ظروفه الصحية حالت دون اجراء الزيارة. واوضح ان المسؤولين العراقيين ابدوا رغبة في زيارة نجاد بغداد قبل انتهاء ولايته الرئاسية لذا تقرر اجراء الزيارة الرسمية هذه والتي بدأت الخميس وتستمر يومين حيث سيقوم خلالها بزيارة العتبات الشيعية المقدسة في بغداد وكربلاء والنجف. واضاف إلى ان مباحثات نجاد مع كبار المسؤولين العراقيين ستتناول تطوير العلاقات السياسية بين بغداد وطهران فإن لقاءات نجاد ستركز ايضا على العلاقات الاقتصادية خاصة مع ارتفاع حجم التبادل التجاري المشترك. فقد وصلت قيمة هذا التبادل الان الى 13 مليار دولار كما ستقوم ايران قريبا بتصدير 25 مليار متر مكعب من الغاز الى العراق اضافة الى 1300 ميغاواط تقوم بتصديرها حاليا الى العراق سنويا فيما تمارس الكثير من الشركات الايرانية انشطتها وتنفذ استثمارات ضخمة في العراق.
وكانت السفارة الايرانية في العراق اعلنت نهاية العام الماضي عن تأجيل زيارة مرتقبة لنجاد الى بغداد كان من المفترض ان يقوم بها في كانون الاول (ديسمبر) الماضي بسبب مرض طالباني ونقله الى المانيا للعلاج حيث مازال هناك راقدا في احد مستشفياتها. يذكر أن نجاد يستعد لمغادرة مهام منصبه وتسليم السلطة للرئيس حسن روحاني، المحسوب على التيار الإصلاحي، الذي فاز في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة. وكان نجاد قام في الثاني من اذار (مارس) عام 2008 بزيارة تاريخية الى العراق هي الاولى لرئيس ايراني لهذا البلد.
قوى عراقية ترفض زيارة نجاد وقد عبرت قوى عراقية عن رفضها زيارة نجاد العراق وشددت على انها غير مرحب بها محملة ايران مسؤولية المشاركة في استباحة الدم العراقي. فقد هاجم معتصمو محافظة الانبار العراقية الغربية زيارة نجاد للعراق ووصفوها بالاستفزازية وغير المقبولة من الشعب العراقي وتطلعاته . وقال محمد فياض عضو اللجنة المنظمة لاعتصامات الانبار ان زيارة احمدي نجاد الى بغداد وصمة عار بحق الحكومة العراقية لما تحملها من استفزازات واضحة للشعب العراقي الرافض للوجود الايراني في العراق . وطالب الفياض في تصريح نقلته الوكالة الوطنية العراقية للانباء من سماهم الشرفاء من المسؤولين العراقيين ومنظمات المجتمع المدني بإدانة تلك الزيارة غير المبررة داعيا الحكومة العراقية في الوقت نفسه الى إعادة النظر في علاقتها مع ايران وطرد السفير الايراني من بغداد حسب تعبيره.
ومن جهته شدد عضو الامانة العامة للتجمع الجمهوري العراقي محمود الفهداوي على ان زيارة نجاد للعراق غير مرحب بها . وقال الفهداوي في بيان صحافي ان احمدي نجاد لم تكن له مواقف ايجابية داعمة للعملية السياسية والامنية في العراق بل كانت مواقفه سلبية ومعروفة للقاصي والداني لذا نحن لا نرحب بزيارته. وطالب الحكومة الايرانية الجديدة العمل وفق مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق ودول المنطقة وان تكون العلاقات مبنية على أساس دعم الاستقرار الامني والسياسي بدلاً من اثارة المشاكل والازمات . واشار الى ان الشعب العراقي يطمح الى ان تكون علاقاته مع الجميع ودول العالم مبنية على هذه الاسس بما يسهم في استقرار العراق والمنطقة .
اما هيئة علماء المسلمين السنية فقد اكدت ان زيارة نجاد إلى بغداد غير مرحب بها وقالت في بيان اليوم ان هذه الزيارة مثيرة للقلق ومؤججة للغضب في نفوس العراقيين مشيرة الى ان "إيران في حكم أحمدي نجاد ساهمت بشكل فعّال في استباحة الدم العراقي في ظل الاحتلال الأميركي للعراق ومازالت وتدخلت في الشأن العراقي في كل ميادينه السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها كما إنها ساندت النظام في سوريا الذي يقصف شعبه بالطائرات والدبابات والمدافع وسخرت نفوذها في العراق وتبعية حكومته لها في سبيل تقديم المزيد من الدعم والإسناد لهذا النظام". واضافت ان هذه الزيارة "تأتي بعد زيارات متكررة لقادة إيرانيين عسكريين ومدنيين إلى العراق وقيامهم بنشاطات على أرضه مخالفة لكل الأعراف الدولية والسياقات الدبلوماسية، وبعد تصريحات القائد السابق للاحتلال الأميركي في العراق (جورج كيسي) التي كشف فيها عن تورط النظام الإيراني بارتكاب جرائم ضد العراقيين، وإشعال نار الفتنة الطائفية في العراق، واصفة ذلك بأنه تتويج لمسيرة الظلم التي تتبعها النظام الإيراني بحق أبناء الشعب العراقي". وطالبت الهيئة الحكومة الإيرانية "بان تفكر في مراعاة المصالح الدائمة للشعب الإيراني في المنطقة وعلى المدى البعيد، وألا يأخذها الغرور المبني على ظرف استثنائي تمر به المنطقة لن يطول به الأمد في كل الأحوال".
وتأتي زيارة نجاد لبغداد في وقت ما زالت المشاكل المتوارثة من حرب السنوات الثماني بين البلدين التي دارت رحاها بين عامي 1980 و1988 وراح ضحيتها مليون شخص من الطرفين عالقة خصوصا قضايا الحدود والممرات المائية، على الرغم من تحسنها في المجالات السياسية والاقتصادية عقب سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين في عام 2003 . وخلال التسعينات استمر العداء بين البلدين في ظل احتضان إيران لبعض قوى المعارضة العراقية وأهمها منظمة بدر التي كانت تمثل الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق فيما كان النظام العراقي السابق يقدم الدعم والتسهيلات لمنظمة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الإيراني المتواجدة في العراق. ويتهم سياسيون عراقيون إيران بالوقوف وراء العديد من أعمال العنف التي تنفذ داخل العراق من خلال دعمها لبعض الجماعات المسلحة وتجهيزها بالأسلحة والمتفجرات.