يحيي المصريون غدا الجمعة ذكرى مرور 41 عاما على انتصار العاشر من رمضان سنة 1393ه السادس من أكتوبر 1973، وسط انقسام حاد، زادت حدته بعد أن استغل كل من معارضي ومؤيدي عزل الجيش للرئيس محمد مرسي ذكرى انتصار العاشر من رمضان ليحشد أنصاره انطلاقا من هذه الذكرى للاحتشاد في مليونيات تعبيرا عن تمسك كل طرف بمطالبه، وأضحت الذكرى التي كان تجمعهم مناسبة يستغلها كل منهم في صراع الميادين لتكريس الانقسام.. ويحتشد المؤيدون لمرسي في كل من رابعة العدوية وميدان نهضة مصر وفي أماكن أخرى، وفي المقابل يتجمع معارضوه في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية وفي مناطق أخرى.
وما بين ذكرى حرب التحرير وصراع الميادين الذي تشهده البلاد منذ أكثر من اسبوعين، غابت مظاهر كثيرة كانت تميز شهر رمضان في مصر، أبرزها الزينات زاهية الألوان التي كانت تزين الشوراع والأحياء، وموائد الرحمن التي كانت تقام طوال شهر رمضان لغير القادرين ولعابري السبيل.
مليونية "النصر"
ودعا التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب (المطالب بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي)، جموع الشعب المصري إلى النزول، غدا الجمعة، في مليونية "النصر" في جميع ميادين مصر لاستعادة ثورة 25 يناير التي سرقها من وصفوهم ب "الانقلابيين وأذنابهم من السياسيين الفاشيين".
ودعا التحالف الشعب إلى الإصرار على تحقيق أهداف الثورة وعلى رأسها احترام إرادة الشعب في اختيار رئيسه ودستوره وبرلمانه، وتحقيق الحريات العامة والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات نزيهة، ورفض التدخل الأجنبي في شئون مصر، والانطلاق للبناء والتقدم لتحسين الأوضاع الاقتصادية وتطهير الشرطة والقضاء والإعلام للحفاظ على الأمن والعدل والصدق، وعدم إقصاء أي فريق من الشعب.
واعتبرت جماعة الإخوان المسلمين وائتلاف دعم الشرعية المكون من أكثر من 40 حركة وحزبًا إسلاميًا أن مليونية اليوم التي أطلقوا عليها أيضا اسم "العبور" ستكون بمثابة يوم العبور الثاني في عهد مصر الحديثة دعمًا للشرعية ورفضًا للانقلاب العسكري.
مظاهرات مضادة
وفي مقابل المليونيات التي يدعو إليها التحالف الوطني لدعم الشرعية، دعت أطراف داعمة لتدخل الجيش وعزل مرسي، بينها جبهة 30 يونيو وحركة تمرد، إلى الاحتشاد غدا الجمعة في ميادين مصر تحت شعار"جمعة النصر أو العبور" للحفاظ على "مكتسبات" تحققت برحيل الرئيس محمد مرسي، فيما دعت حركة تمرد (الجهة الرئيسية الداعية لتظاهرات 30يونيو الماضي) إلى التظاهر الجمعة أيضا بمدينة الإسكندرية، للتأكيد على "مطالب الثورة ومكتسباتها".
وفي بيان صادر عن الجبهة قالت فيه، إنها "تجدد دعوتها للمصريين للاحتشاد يوم الجمعة الذي يصادف (ذكرى الانتصار الوطني في العاشر من رمضان) لأداء صلاة الجمعة واستمرار الاحتشاد للافطار الجماعى بمساهمة جماعية من كل الحضور بما تيسر من وجبات ومأكولات ومشروبات وذلك بميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية (الرئاسي)، وثم أداء صلاتي العشاء والتراويح".
وشددت الجبهة في بيانها على تمسكها بخريطة الطريق التي أعلنها الجيش، وانجاز تعديلات الدستور وطرحه للاستفتاء الشعبى لوضع أسس النظام السياسى والديمقراطى فى مصر قبل إجراء أى انتخابات مقبلة، مع تمسكها فى الوقت ذاته بالمدى الزمنى المقترح فى خريطة الطريق لانجاز الدستور على ألا يزيد ذلك الإطار للمرحلة الانتقالية.
وأضافت أنه "يجب مراجعة وضع جماعة الاخوان المسلمين، وأى جماعات لا تتمتع بوضع قانونى، وتقنين وضعها فورا، وشفافية الإعلان عن نشاطها وعضويتها وهيكلها التنظيمى وتمويلها وانفاقها، ووقف خلط العمل السياسى بالدعاية الدينية".
وختمت الجبهة بيانها بتجديد موقفها إزاء أهمية المواجهة بالقانون لكل محرض على العنف والقتل والارهاب أياً كان انتمائه ولكل من يروع المصريين وأمنهم، مع تشديدها على أهمية احترام حق أى متظاهر أو معتصم سلمى فى التعبير عن رأيه طالما استخدم الوسائل السلمية للتعبير عن هذا الرأى".
اختفاء موائد الرحمن
وما بين ذكرى حرب التحرير التي جرت على الحدود وصراع الميادين التي تشهده البلاد منذ أكثر من اسبوعين، غابت مظاهر كثيرة كانت تميز شهر رمضان في مصر، أبرزها الزينات زاهية الألوان التي كانت تزين الشوراع والأحياء، وموائد الرحمن التي كانت تقام طوال شهر رمضان لغير القادرين ولعابري السبيل.
وفي تقرير أصدره العام الماضي، قدَّر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري عدد "موائد الرحمن" التي أقيمت في المناطق الحضرية في مصر بحوالي 13 ألفًا و555 مائدة، وذلك استنادًا إلى التصاريح التي أقيمت بموجبها هذه الموائد، غير أن تقديرات الخبراء الاقتصاديين تشير إلى انخفاض العدد بنسبة 80 % هذا العام، وذلك في ضوء ضعف الاقبال على شراء مستلزمات إقامة هذه الموائد، من قبيل الفراشة (الخيمة التي تقام داخلها هذه الموائد).
وقال محمد فوزى رئيس شعبة الفراشة بغرفة القاهرة التجارية إن حجم الإقبال على إنشاء الخيم الخاصة بموائد الرحمن، تراجع بنسبة 80 ٪ خلال العام الحالى.
غياب موائد الرحمن اللافت عن كثير من شوارع ومساجد مصر، قابله حضور قوي لها في الميادين المؤيدة والمعارضة لمرسي.
ويشهد ميدان التحرير، بوسط القاهرة، حيث يعتصم مؤيدون لقرار عزل مرسي، إقامة موائد رحمن بشكل شبه يومي.
في المقابل، يشهد ميدانا "رابعة العدوية"، شرقي القاهرة، و"النهضة"، غرب العاصمة — حيث تعتصم حشود رافضة لقرار الإطاحة بمرسي — موائد رحمن يومية أكثر ضخامة من موائد "التحرير".
ومائدة الرحمن هي عادة فاطمية، وكان الخليفة المعز لدين الله الفاطمي أول من وضع تقليدًا لها في عهد الدولة الفاطمية، ليفطر عليها أهل جامع عمرو بن العاص، وكان يخرج من قصره 1100 قدر من جميع ألوان الطعام لتوزع على الفقراء.