التشكيل النهائى لهيئات مكاتب اللجان النوعية بمجلس الشيوخ    ضمن "مبادرة بداية".. جامعة بنها تنظم قوافل توعوية وتثقيفية بمركز شباب كفر عابد    فروع "خريجي الأزهر" بالمحافظات تشارك بمبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    استمرار فتح منافذ شركات الجملة غدا لصرف السلع المدعمة ضمن مقررات شهر أكتوبر    رئيس وزراء ولاية بافاريا الألمانية: مصر شريك أساسى لنا ودعامة الاستقرار بالمنطقة    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات سكن لكل المصريين بعدد من المحافظات والمدن الجديدة    "وفا": 42 ألف شهيد وانهيار لمنظومات الصحة والتعليم والبنية التحتية    فلسطين تدين الاستهداف الإسرائيلى الممنهج للأمين العام للأمم المتحدة    اتفاق بين منتخب فرنسا والريال يُبعد مبابي عن معسكر الديوك في أكتوبر    الرئيس السيسي يتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    الحرب الروسية الأوكرانية| تصعيد جديد أم بداية الحسم؟.. فيديو    الزمالك يهزم تاوباتى البرازيلى 30-24 فى ختام تحديد مراكز كأس العالم لأندية اليد    استدعاء ثنائي بيراميدز الشيبي وماييلي لمعسكر منتخب بلادهما المغرب والكونغو    يوسف أوباما يرزق بابنه "ياسين"    اجتماع بين الأهلي وفيفا لبحث ترتيبات مباراة العين ب كأس الأنتركونتننتال    يوفنتوس يحقق رقما تاريخيا فى دورى أبطال أوروبا    جوميز يخطر الزمالك برحيل رباعي الفريق    حبس سائقين لاتهامهما بسرقة مبالغ مالية من شركة فى المعادى 4 أيام    أمطار ورعد وبرق.. منخفض جوى يؤثر على حالة الطقس والأرصاد تكشف التفاصيل.. فيديو    تأجيل محاكمة مجدى شطة بتهمة حيازة مخدر الآيس للدور الأخير من شهر أكتوبر    افتتاح مسابقة أفلام شباب مصر بمهرجان الإسكندرية    رئيس جامعة القناة يشيد بمشاركة معهد كونفوشيوس بمهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية    تتويجا لرحلته الفنية.. مهرجان الإسكندرية السينمائي يحتفي بتاريخ الفنان لطفي لبيب    بدلاً من العزلة.. 3 أبراج تعالج قلوبها المحطمة بمساعدة الآخرين    افتتاح وحدة جديدة للعناية المركزة بمستشفى رأس التين بالإسكندرية    رئيس جامعة عين شمس: نضع على رأس أولوياتنا تنفيذ توجهات الدولة لتطوير القطاع الطبي    لطفي لبيب يكشف عن سبب رفضه إجراء جلسات علاج طبيعي    السيسي يؤكد دعم مصر لرئاسة موريتانيا الحالية للاتحاد الأفريقي    تفاصيل عروض برنامج «فلسطين في القلب» بمهرجان الإسكندرية السينمائي    الحكومة تدرس نقل تبعية صندوق مصر السيادي من التخطيط إلى مجلس الوزراء    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    قرار عاجل من مدير تعليم الجيزة بشأن المعلمين    سر مثير عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر    حلاوة رئيسًا للجنة الصناعة والتجارة بمجلس الشيوخ    «مش بس أكل وشرب».. جهود مكثفة من التحالف الوطني لتقديم الرعاية الصحية للأكثر احتياجا    لحسم الشكاوى.. وزير العدل يشهد مراسم إتفاقية تسوية منازعة استثمار    التموين تكشف حقيقة حذف فئات جديدة من البطاقات    محافظ كفر الشيخ يتابع سير العمل بالمركز التكنولوجي ومنظومة التصالح بالرياض    فى احتفالية كبرى، الأوبرا تحتفل بمرور 36 عامًا على افتتاحها بمشاركة 500 فنان    بعد إعلان اعتزالها.. محطات في حياة بطلة «الحفيد» منى جبر    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    «التضامن» تشارك في ملتقى 57357 للسياحة والمسئولية المجتمعية    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    ب367 عبوة ل21 صنف.. ضبط أدوية بيطرية منتهية الصلاحية في حملات تفتيشية بالشرقية    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    جيش الاحتلال يزعم الهجوم على 200 هدف لحزب الله    مدبولي يُهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الباز يكتب : لماذا يكره المصريون محمد مرسى وأهله وعشيرته وجماعته؟
نشر في الفجر يوم 24 - 06 - 2013

■ هل طلب محمد مرسى من مكتب الإرشاد تنحيه عن الرئاسة.. فقالوا له: لو فعلتها سنضربك بالنار؟

فى اللغة العربية الفصحى التى يدعى محمد مرسى وجماعته معرفتها جيدا، تعنى كلمة «غوووور» اذهب بعيدا عنا، وأعتقد أن لسان حال المصريين جميعا يقول لمحمد مرسى وأهله وعشيرته وجماعته: اذهبوا بعيدا عنا، يقول ذلك من انتخب محمد مرسى قبل الذين لم ينتخبوه ويمنحوه أصواتهم.. ذلك لأن الرجل وخلال عام كامل من توليه الرئاسة أثبت أنه فاشل فى كل الملفات التى تصدى لها.

كان المصريون يحلمون برئيس دولة، فإذا بهم يجدون أنفسهم وجها لوجه أمام رئيس جماعة سرية، وحليف لجماعات احترفت الإرهاب والعنف وقتلت وشردت وسرقت، والآن تريد هذه الجماعات تحت ظلال الرئيس المؤمن – أو الذى يدعى بأنه كذلك- أن تعود مرة أخرى إلى سابق عهدها، لكن بسلطة ونفوذ ورغبة فى الانتقام من الجميع.

لقد احتار المصريون فى محمد مرسى فالرجل لا يريد أن يعترف بفشل، بل يستقوى بجماعته التى يعتقد أنها تحميه، أو أنها فى الوقت المناسب يمكن أن تحول بينه وبين من يريدون الإطاحة به وهم كثيرون، ولذلك يستعلى على الناس، ويصدر لهم غروره وكبرياءه وغطرسته التى ستكون مقتله لا محالة.

قبل أيام قليلة تسربت أخبار عن اجتماع ضم محمد مرسى وعددًا من رجال مكتب الإرشاد، تحدث معهم عن المشكلات التى يقابلها، والأزمات التى يعانى منها، والضغوط التى تمارس عليه.. وأنه يريد أن يعلن تنحيه أمام الشعب المصرى، ويمكن أن يدعو إلى انتخابات مبكرة، حتى يستريح الجميع.

التسريبات أكدت أن كلام محمد مرسى لاقى معاضة شديدة جدا، وهناك من صرخ فى وجهه من مكتب الإرشاد وقال له: لو فعلته فسوف نضربك بالنار، وأعادوا عليه حديث ال 600 مليون دولار التى أنفقتها الجماعة من أجل الوصول به إلى منصب الرئيس، وأن هناك استحقاقات كثيرة لابد أن تنالها الجماعة من هذا المنصب.

لكن كان هناك ما هو أهم، فمعارضة جماعة الإخوان لمحمد مرسى الذى يريد أن يقفز من المركب، جاءت لأن قيادات الجماعة تشعر أن أى تنازل من جانب رئيسهم معناه نهايتهم تماما، وأن الأمر لن ينتهى عند تنحيه وخروجه من قصر الاتحادية، الشعب الثائر والغاضب على كل ما هو إخوانى لن يكتفى بتراجع مرسى، ولكنه سيطالب بمحاكمة جميع قيادات الجماعة، ولن يكون بعيدا أن يكون مصيرهم جميعا السجن، وساعتها سيكون الشعب - الذى تعلم من المحاكمات الهزلية لرموز نظام مبارك – جاهزا تماما لأن ينتقم من الإخوان شر انتقام.

مخاوف الجماعة امتدت إلى مصير الجماعة وحزب الحرية والعدالة، فيمكن أن يكون هناك إصرار من القوى الغاضبة على حل حزب الحرية والعدالة ومصادرة مقراته وهى كثيرة، وكذلك حل جمعية الإخوان المسلمون الوهمية ومحو أى وكل أثر لجماعة الإخوان المسلمين، وبذلك تكون الجماعة التى صمدت أمام السلطة عبر عصور مختلفة، غير قادرة على مواجهة الشعب لمدة عام واحد.

محمد مرسى – طبقا للتسريبات أيضا – بنى طلبه من الجماعة بالتنحى على معلوماته بأن هناك احتمالاً لأن تتخلى الجماعة عنه، أن تغسل يديها من كل ما فعله، وتعتذر للشعب المصرى عما فعله وعما أخفق فيه، ولن يكون لدى الجماعة مانع إطلاقا من أن يحاكم محمد مرسى بنفس الاتهامات التى تمت محاكمة مبارك على أساسها، وبذلك تكون الجماعة منحت نفسها قبلة الحياة من جديد، فهى بهذا الاعتذار يمكن أن تطرح مرشحا آخر فى الانتخابات الرئاسية المبكرة، وتعود مرة أخرى إلى الحكم.

لم تكن مخاوف محمد مرسى مبنية على أوهام، فهذا الحل كان مطروحا فى الدوائر الأمريكية على اعتبار أنه طوق النجاة للجميع، فالأمريكان لا يريدون أن يتراجعوا عن مساندتهم لنظام الإخوان، ولن تكون هناك أى أزمة على الإطلاق إذا تم خلع مرسى مع الاحتفاظ بوجود الإخوان كجماعة فى الحكم.

لماذا أقول إن هذه مجرد تسريبات، فالموقع الإلكترونى الذى نشرها مجهول الهوية، وعندما سألنا المسئولين عنه، أشاروا إلى أن الاجتماع صحيح، وأن مصدرهم فى المعلومات عن الاجتماع رشاد البيومى عضو مكتب الإرشاد وأحد الرجال الأقوياء فى الجماعة.

لكن هذه تظل تسريبات، أعتقد أنها تمت من أجل منح الجماعة فرصة أمام الرأى العام، فهناك فى كواليسها حوار حول رحيل مرسى، صحيح أنه رحيل مشروط ببقائها لكنه فى النهاية رحيل للرجل الذى يهتف المصريون ضده منذ الأسبوع الأول له فى قصر الاتحادية.

لا يمكن أن تفكر جماعة الإخوان بهذه الطريقة، فهى متعنتة ومتطرفة ومتجمدة، ويبدو أنها قررت أن تدخل مع الشعب المصرى حرب حياة أو موت، ولذلك فإن أى احتمالات للتنازل أو التراجع من الجماعة غير مطروحة بالمرة، وهو ما يعنى أن المواجهة بين الشعب والإخوان ستسير حتى نهايتها، وبحكم التاريخ والجغرافيا فإن النصر سيكون للشعب.. الذى قرر ولن يكون بعد قراره قرار.

يمكن أن تعدد أسبابا كثيرة لضرورة رحيل مرسى.. وإذا سألت الملايين التى تؤكد أنها ستنزل يوم 30 يونيو القادم فستجد لدى كل واحد منهم سببا خاصا به، لكن السبب الذى أعتقد أن المصريين يجب أن يجمعوا عليه، هو تفريط محمد مرسى فى حق الشهداء.

الرئيس الإخوانى ومن أول يوم وحتى خطابه الفضيحة فى استاد القاهرة تعهد أمام الجميع أنه سيعمل على استعادة حقوق الشهداء، هؤلاء الذين سقطوا قبل أن يصل إلى الحكم سواء أيام الثورة أو أيام إدارة المجلس العسكرى لشئون البلاد، لكنه وبدلا من أن يستعيد حقوق الشهداء، قتل هو شهداء آخرين أضيفوا إلى قائمة شهداء الشرف والوطن، وأصبح هناك من يطالبه هو أن يدفع ثمن دم الشهداء.

أهالى الشهداء ومن ورائهم المصريون جميعا يتهمون مرسى بأنه من قتل الشباب أمام الاتحادية على بعد أمتار قليلة من بوابة قصره، وأنه مسئول عن اختفاء النشطاء ثم ظهورهم فى المشرحة، وعليه فالرئيس بالنسبة لهم ليس إلا سفاحا مثله مثل مبارك تماما، وإذا كان مبارك دخل السجن بتهمة قتل الثوار، فمرسى أيضا يجب أن يحاكم بنفس التهمة.

الجديد هنا أن مرسى هذه المرة ليس وحده، كل قيادات الجماعة وكل قيادات الجماعات الإرهابية التى خرجت لتحرض لابد أن تحاكم، وتقف فى المحكمة ليعرف المصريون أن حق الشهداء أبدا لن يضيع.

لو لم يكن هناك أى سبب من الأسباب تقنع مرسى ورفاقه أنهم يجب أن يرحلوا، فقتل الشباب سبب كاف جدا لأن يبتعد عنا.. لأن يخفى وجهه عن وجوهنا.. فنحن فعلا لا نريد أن نراه.. لا نريد أن نسمع إلى صوته، لا نريد أن يزعجنا بحلفائه القتلة الذين يتاجرون بدين الله، ويريدون أن يخدعوا الناس بأنهم من أهله والأولى به.

لقد نجح محمد مرسى – وقد يكون هذا هو الشىء الوحيد الذى نجح فيه – فى تحويل معارضة المصريين لهم إلى كراهية كاملة، لم أجد شعبا يكره رئيسه إلى هذه الدرجة، رئيس يواجه غاضبين من شعبه أمام المسجد الذى يصلى فيه، ويسمعهم بأذنيه وهم يهتفون ضده.. ارحل.. ارحل.. ولا يفعل شيئًا إلا أن يحييهم دون أن يكون على وجهه أى رد فعل، وكأنه لا يراهم ولا يحس بهم.. كان صوت الغاضبين يقول له إنهم يكرهونه.. لكنه لا يحس ولا يشعر وكأنه يعيش فى عالم آخر تماما.

هامش (1) :

قبل أن يمضى على حكم محمد مرسى خمسة شهور تقريبا كنت قد التقيت مع ياسر على متحدثه الرسمى الذى خرج من القصر بعد ذلك، سألنى عن مستقبل الجماعة فى الحكم من وجهة نظرى، فقلت له إننى أرى مصارعكم.. وقبل أن يواصل اندهاشه، قلت له: حتى لو استمرت الجماعة عشرات السنين فى الحكم، وأعتقد أن هذا لن يحدث، فسيسجل كتاب التاريخ فقرة قد تكون مطولة، أن الشعب المصرى خرج على حكم الإخوان المسلمين وطارد رجالهم فى الشارع، وقتلهم وسحلهم وقادهم مرة أخرى إلى السجون.

قال ياسر: يا ساتر.. قلت له بحكم التاريخ سيحدث ذلك حتما، الفارق أن الجماعة هى التى ستحدد متى سيحدث هذا بعد عشر سنوات أم بعد مائة سنة، ولم أتوقع أن يحدث بعض مما قلته بعد أقل من عام واحد على حكم الجماعة.

هامش (2) :

فى نفس الجلسة قلت لياسر على، سأقترح عليك ما تقدمه للرئيس محمد مرسى ليقرأه – هذا إذا كان لديه وقت للقراءة – هو رواية للروائى المغربى الكبير سالم بن حميش اسمها «مجنون الحكم» عن سيرة الحاكم بأمر الله، قلت له : اجعله يقرأ فقط فصلين الأول يتحدث عما فعله الحاكم بأمر الله بالمصريين، والثانى يتحدث عما فعله المصريون بعد ذلك بالحاكم.

لقد قهر الحاكم بأمر الله المصريين، أهانهم.. ٌقتلهم.. تحكم فى حياتهم بجنونه وغروره، فقابله المصريون بالتنكيت عليه وفى النهاية بقتله.. لا أتمنى هذا المصير للرئيس محمد مرسى بالطبع، لكننى أحذره منه، فلا يوجد شىء بعيد ولا كبير عن غضب المصريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.