اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس، أن هناك حججاً قد تتيح ملاحقة الرئيس السوي بشار الاسد بتهمة ارتكاب جرائم حرب، الا أن هذا الخيار قد يعقد التوصل الى حل في سورية، فيما قالت الاممالمتحدة إن عدد القتلى المدنيين في سورية أعلى بكثير من .7500 ميدانياً قصفت القوات السورية أمس، بلدة حلفايا في محافظة حماة، ما أسفر عن سقوط 20 قتيلاً، كما ضربت مناطق بحمص مرتكبة «مذبحة» حسب جماعة «الاخوان» المسلمين، بالتزامن مع مقتل خمسة من الجنود النظاميين في محافظة درعا، في حين نقل الصحافي البريطاني بول كونروي المصاب الى لبنان، عبر معبر حدودي غير شرعي، وكذلك الصحافية الفرنسية إديت بوفييه. وتزامنت التطورات الداخلية مع انسحاب الوفد السوري في مجلس حقوق الانسان من اجتماع جنيف الذي ناقش قراراً يدعو الحكومة السورية الى وضع حد فوري لانتهاكات حقوق الانسان، والسماح بمرور الاممالمتحدة والوكالات الانسانية بحرية ومن دون عرقلة. وتفصيلاً، قالت وزيرة الخارجية الأميركية، امس، إنه يمكن القول إن الرئيس السوري مجرم حرب. وأضافت كلينتون في كلمة القتها امام مجلس الشيوخ «استناداً الى خبرتي الواسعة اعتقد ان هذا الأمر قد يعقد التوصل الى حل لوضع معقد اصلاً، لأنه سيحد من امكانات اقناع قادة بالتخلي عن السلطة». وكانت كلينتون ترد على سؤال لأحد الأعضاء بشأن إمكان وصف الأسد بأنه مجرم حرب، لكنها قالت إن استخدام مثل تلك التوصيفات «يحد من الخيارات المتاحة لإقناع زعماء بالتنحي عن السلطة». وتزامنت تصريحات كلينتون مع اعلان مسؤول كبير في الاممالمتحدة امس، ان ضحايا القمع في سورية بات بالتأكيد اكثر من 7500 قتيل بكثير، الا ان مساعدة الامين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية لين باسكو، اوضحت في كلمة القتها امام مجلس الامن ان الاممالمتحدة غير قادرة على تقديم ارقام محددة بشأن ضحايا القمع في سورية. ميدانياً، قال نشطاء سوريون إن القوات السورية قصفت بلدة حلفايا معقل المعارضة في محافظة حماة، ما أسفر عن سقوط 20 قتيلاً من سكان القرى من السنّة، انتقاما من هجمات يشنها الجيش السوري الحر على قوات الأمن. كما ضربت القوات السورية مناطق في حمص. وأضاف النشطاء ان الرئيس بشار الأسد أرسل وحدات من فرقة مدرعات خاصة يقودها شقيقه ماهر الأسد إلى حمص، حيث اقتربت دبابات كتب عليها «وحوش الفرقة الرابعة» من حي بابا عمرو المحاصر. وقال نشطاء إن القوات السورية شنت، أمس، أعنف قصف على بابا عمرو في هجومها المستمر منذ ثلاثة أسابيع. من جهتها، اتهمت جماعة الإخوان المسلمين في سورية، امس، في بيان، النظام السوري بارتكاب مجزرة بحق اسر نزحت من حي بابا عمرو في حمص التي تتعرض لقصف عنيف منذ الرابع من فبراير، واصفة اياها بجريمة حرب. وأكدت الجماعة في بيان ان «المذبحة الجريمة التي نفذت على شباب بابا عمرو هي - في اطاريها القانوني والإنساني - جريمة حرب، من جرائم التطهير على الهوية، ومن الجرائم ضد الإنسانية». وأوضح البيان ان «العصابات الهمجية أقدمت على إيقاف مجموعة من الأسر النازحة من حي بابا عمرو في مدينة حمص طلبا للنجاة من القصف الوحشي على مدار 23 يوما، ثم حشرت الأسر النازحة في حافلات خاصة بحجة نقلهم إلى أماكن آمنة». وتابع «ثم قامت هذه القوات بإنزال الشباب والشيوخ من الحافلات، وأقدمت على ذبح 65 شاباً بالسكاكين وبدم بارد.. كما تذبح الخراف». كما قتل خمسة جنود من الجيش النظامي، فجر امس، في اشتباكات مع مجموعة منشقة في محافظة درعا (جنوب)، حسبما افاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. في الأثناء، قالت مصادر بالمعارضة السورية ودبلوماسي مطلع امس، إنه تم تهريب المصور الصحافي البريطاني بول كونروي الذي يعمل في صنداي تايمز اللندندية، والصحافية الفرنسية إديت بوفييه التي تتعاون مع صحيفة لوفيجارو الفرنسية، واللذان اصيبا خلال قصف قوات الجيش السوري لمدينة حمص المحاصرة، من سورية وانهما وصلا بأمان الى لبنان. وقال الدبلوماسي المتابع للقضية ل«رويترز» «كونروي الآن سليم ومعافى في لبنان». وقالت مصادر معارضة سورية ان بوفييه في أمان أيضاً في لبنان. وقتلت المراسلة العسكرية المخضرمة لصنداي تايمز، ماري كولفين، والمصور الفرنسي ريمي اوشليك في العملية نفسها حين تعرض حي من أحياء حمص تسيطر عليه المعارضة السورية للقصف. وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر إن منظمة الهلال الأحمر العربي السوري تمكنت بالفعل من إجلاء ثلاثة أشخاص من بابا عمرو، لكن لم يحدث الأمر ذاته مع الصحافيين الأجانب. من جهته، أكد قائد الجيش السوري الحر، العقيد رياض الاسعد، استعداد جيشه للتعاون مع الهلال الأحمر من أجل إدخال المساعدات وإجلاء الجرحى من حمص. وفي جنيف، ناقش مجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان، امس، الأزمة الانسانية في سورية، من خلال دراسة مشروع قرار تقدمت به قطر وتركيا والسعودية والكويت، ويدعو النظام السوري الى السماح بمرور الاممالمتحدة والوكالات الانسانية بحرية، خصوصا في حمص. وقد ندد الوفد السوري لدى الاممالمتحدة بانعقاد النقاش العاجل في مجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان حول الوضع في سورية، وغادر القاعة بعد اعلانه «الانسحاب من هذا الجدل العقيم». وصرح ممثل سورية لدى المجلس، فايز خباز حموي، «بما ان الهدف الحقيقي من هذه الجلسة هو تأجيج الارهاب.. فإن وفدنا يعلن انسحابه من هذا الجدل العقيم». وأكد ان وفد بلده «لا يعترف بشرعية الجلسة، ولا بأي قرار سيئ النية يصدر عنها». وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، بأنه من المهم ان تتعاون الحكومة السورية مع اللجنة الدولية للصليب الاحمر التي طلبت هدنة يومية مدتها ساعتان، وترغب في اجلاء الجرحى. وقال غاتيلوف امام مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، «من المهم ان تتعاون الحكومة السورية مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر». وأضاف «ندعو الحكومة السورية والمجموعات المسلحة إلى اتخاذ اجراءات من دون تأخير، لمنع اي تدهور اضافي في الوضع الانساني». وكانت مفوضة الاممالمتحدة العليا نافي بيلاي، قد طالبت، امس، امام مجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان، بوقف انساني فوري لإطلاق النار في سورية، من اجل وضع حد لأعمال العنف، والسماح للامم المتحدة بمساعدة السكان. وصرحت بيلاي في كلمة خلال نقاش عاجل حول سورية امام اعضاء مجلس حقوق الانسان ال47 «لا بد من وقف انساني فوري لإطلاق النار لوضع حد للمعارك والقصف». ومن المنتظر ان يدين المجلس سورية بسبب استخدامها الوحشي للأسلحة الثقيلة ضد المناطق السكنية، واضطهاد المعارضين، في رابع انتقاد للرئيس بشار الاسد منذ بدء الانتفاضة العام الماضي. وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، إن حكومة الأسد خرقت كل حدود الوحشية. وتابع جوبيه «ما دمنا لم نوقف المذابح، فإننا عاجزون، لكن لسنا صامتين». وقال لمجلس الاممالمتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، إن الوقت حان لإحالة سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية. وحذر الأسد من أنه سيقدم للعدالة. وصرح جوبيه بأن فرنسا تأمل أن توافق روسيا والصين على قرار لمجلس الامن الدولي حول سورية، لغايات محض انسانية. وقال الوزير الفرنسي «ان مجلس الامن يدرس حاليا قراراً لوقف اطلاق النار بدوافع انسانية ووصول مساعدة انسانية الى المواقع الاكثر تهديداً. نأمل ألا تستخدم روسيا والصين (الفيتو) ضد هذا القرار».