حالة من الارتباك، والتخبط، فى توقيت شديد الحساسية، تسببت فيها استقالة القيادى الإخوانى البارز المعروف بأنه من تيار المحافظين فى التنظيم الإخوانى، وأمين عام نقابة المحامين بالإسكندرية السابق أحمد الحمراوى، من جماعة الإخوان المسلمين، وحزب الحرية والعدالة الذى يعتبر أحد مؤسسيه، والمسببة برفض خطاب الرئيس محمد مرسى للرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز على خلفية اعتماد سفير مصر الجديد فى إسرائيل. فى تصريحات خاصة للفجر، أكد الحمراوى أنه أعلن استقالته على شبكات التواصل الاجتماعى فيس بوك، فى بيان مطول، كما طالب فيه محمد مرسى بالاستقالة الفورية من منصبه كرئيس للجمهورية بسبب هذا الخطاب، كما طالب الجماعة بالتبرؤ من خطاب مرسى، وموقفه المعلن من الكيان الصهيونى، لأنه فى حالة رفض الجماعة ذلك متضامنة مع موقف مرسى، فإن ذلك لا يعنى وقتها إلا شيئا واحدا واضحا للعيان، وهو أن جميع مواقف الإخوان المسلمين وشعاراتهم المتعلقة بالجهاد والصهاينة والدفاع عن العقيدة والأرض والعرض والمقدسات وحق الشعبى الفلسطينى، لم تكن إلا تصريحات للدجل السياسى فقط، بغرض الوصول للسلطة واعتلاء كرسى الحكم فى مصر، وإن ما تقوم به الجماعة ورئيسها الآن هو خيانة وطنية وعربية وإسلامية، وإهدار لدماء الشهداء من عام 1948وحتى الآن، وإنها تدلل فى نظره بشكل مباشر على أن «جماعة الإخوان المسلمين لها علاقات سرية مع الصهاينة والإخوان منذ زمن « على حد وصفه.
الحمراوى اعتبر أن صدور عبارات من مرسى موجهة إلى رئيس الكيان الصهيونى على شاكلة «عزيزى»، و«صديقى العظيم»، معرفا نفسه بأنه «الصديق الوفى» والمخلص، وهو رئيس للجمهورية ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين.. يعتبرها كإخوانى، ترقى إلى مستوى الكفر بالله، مضيفا «إذا كنا نعتبر مبارك وعصابته، كانوا عملاء لأمريكا وإسرائيل، فمن الواضح أن دائرة العمالة الآن قد أصبحت أعم وأشمل».
مستنكرا التبريرات الإخوانية بأن خطاب مرسى إلى الرئيس الإسرائيلى هو خطاب بروتوكولى بصياغة بروتوكولية متعارف عليها، بأن ذلك غير صحيح وفقا لمعلوماته، وأن ذلك تبرير غير مقبول حتى مع افتراض صحته لأنه من المفترض أن مرسى هو رئيس مستقل عن التبعية للهيمنة الأمريكية الإسرائيلية والأمريكية، وأنه معبراً عن ثورة مصرية من المفترض أنها قامت بالأساس على كل ما كان يلتزم به مبارك وبروتوكوله وسياساته الخارجية.
الحمراوى شن أيضا هجومه على قيادات الجماعة الذين ردوا على بيان استقالته، بنفى أنه من الإخوان المسلمين من الأساس، بأنهم «مجموعة من المرتزقة يأكلون من أموال الأرامل واليتامى فى الجماعة، وأن هؤلاء شخصيا من كان يقف إلى جانبهم، ويدافع عنهم فى قضايا الإخوان المسلمين طيلة العقود الماضية، وكانوا يمرون عليه فجرا فى منزله للخروج للدفاع عن أعضاء الجماعة، وأنه حتى اليوم فقط كان المحامى الموكل إليه مهمة الدفاع عن مهندس إخوانى من المعتصمين فى شركة الحاويات فى الإسكندرية».
وذلك علما بأن الحمراوى هو عضو فى لجنة المهنيين بالجماعة، وأنه ممثل للإخوان فى محاكمة مبارك وفى جميع المحاكمات العسكرية والمدنية للإخوان خلال العقود الثلاثة الماضية، ومؤسس لجنة الشريعة بنقابة المحامين بالاسكندرية، منذ 25 عامًا، وعضوا أيضا فى اتحاد كلية الحقوق عام 79 ممثلاً عن الإخوان عندما كانت تسمى نفسها الجماعة الإسلامية، وأنه إخوانى وله أسرته الإخوانية وعضو فى قسم المهنيين فى الجماعة.
الحمراوى الذى أكد للفجر كذلك أنه أحد الأعضاء المؤسسين فى حزب الحرية والعدالة الذى تقدم بالاستقالة منه أيضا، استأنف هجومه على الإخوان.. مؤكدا أنه يحمل خلافا عميقا مع الجماعة بسبب آلية الشورى التى يصفها بالمنعدمة داخل الجماعة، مؤكدا «أن جماعة الإخوان المسلمين لا تؤمن بمبدأ الشورى من الأساس، وأن بداخلها مجموعة من القيادات تحكم بالحديد والنار، ولا يريدون إلا مجموعة من الرعاع يسوقونهم وراءهم بلا أى مناقشة أو معارضة».
يذكر أن الحمراوى كان أحد المعارضين بشكل علنى، للآلية التى اتخذت بها الجماعة قرارها بدفع مرشح إخوانى فى انتخابات رئاسة الجمهورية، كما طالب أيضا باللجوء إلى الشورى المتمثلة فى الجمعية العامة لمحامى الإخوان المسلمين، لاختيار المرشح الذى تدعمه الجماعة فى انتخابات النقابة، حيث كان الحمراوى بطلا للأزمة بين قيادات الجماعة ومحامى الإخوان العام الماضى فى الإسكندرية، بعدما أعلنت الجماعة بشكل رسمى دعمها لمحمد كامل، مرشح الوفد، على منصب نقيب المحامين الأخيرة، ضد سامح عاشور، وذلك نكاية فى مختار نوح، الذى كان يرى فيه الحمراوى الأحق بدعم الجماعة، وهو أحد أبنائها بالأساس، فما كان منه إلا أن أعلن دعمه علانية لنوح ضد قرار الجماعة، وحصل بالفعل على أعلى نسبة له من الأصوات فى نقابة محامى الإسكندرية بفارق ضخم بينه وبين محمد كامل، بحسب روايته.