استخدمت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع وأطلقت الرصاص في الهواء لتفريق مئات من المتظاهرين حاصروا مديريتي الشرطة والحرس في مركز ولاية قابس (جنوب) التي تشهد منذ 17 الحالي احتجاجات اجتماعية. وحاصر نحو 800 شخص من سكان حي محمد علي بمعتمدية قابسالمدينة، مديريتي الشرطة والحرس الوطني طوال ساعتين لمطالبة السلطات بفتح تحقيق في «تجاوزات» لرجال أمن قالوا إنهم «أفرطوا» في استخدام القوة وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع عند تعاملهم ليلة الأحد مع متظاهرين لم يلتزموا بحظر للتجول. وفرضت وزارة الداخلية منذ مساء الأحد حتى أجل غير مسمى، حظر تجول يبدأ التاسعة مساء وينتهي الرابعة صباحا في معتمديات قابسالمدينة، وقابسالجنوبية، وقابسالغربية، وغنوش التابعة لولاية قابس. وقالت الوزارة في بيان «يأتي هذا القرار على خلفية أحداث الشغب التي جرت بمدينة قابس مساء الجمعة والسبت». وطالب المحتجون وزير الداخلية علي العريض القيادي البارز في حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، بالاعتذار لسكان محمد علي وبفتح تحقيق في «تجاوزات» أعوانه، رافضين قبول اعتذارات من مدير إقليم شرطة قابس. وقررت المندوبية الجهوية للتربية التابعة لوزارة التربية التونسية إغلاق المدارس وسط مدينة قابس تحسبا لاستمرار أعمال العنف. وضربت عناصر من الحرس الوطني بالهراوات، مصور تلفزيون «الحوار» التونسي الخاص وحطمت الكاميرا التي كانت بحوزته وانتزعت منها شريط فيديو بعدما صور عناصر الحرس وهم بصدد إطلاق النار في الهواء وقنابل الغاز على المتظاهرين. وقال مصدر طبي في مستشفى قابس إن المصور أصيب بتمزق عضلي في ساقه اليسرى وبكدمات في جسمه جراء الضرب. وفي سياق متصل شهدت منطقة بوشمة التابعة لمعتمدية قابسالغربية إضرابا عاما أمس احتجاجا على نتائج مسابقة توظيف في فرع «المجمع الكيمياوي» التونسيبقابس التابع لوزارة الصناعة. ويطالب سكان بوشمة التي تقع في محاذاة المجمع الكيمياوي، بإعطاء أبناء المنطقة أعلى نسبة وظائف في المجمع باعتبارها «الأكثر تضررا من التلوث» الذي يتسبب به. واندلعت خلال اليوم نفسه أعمال عنف قادها عاطلون عن العمل لم يتم انتدابهم، احتجاجا على نتائج المسابقة. وغالبا ما يرافق إعلان مسابقات التوظيف في المجمع احتجاجات وأعمال عنف. على صعيد آخر تجمع أكثر من ألف شخص أمس في وسط العاصمة التونسية للتنديد بانحراف السلطة التي يهيمن عليها الإسلاميون إلى الاستبداد، وبالعنف السياسي بعد أيام من مقتل معارض. وجمعت الجبهة الشعبية (ائتلاف 12 حزبا قوميا ويساريا) أنصارها في شارع الحبيب بورقيبة الرئيس بالعاصمة. وهتف المتظاهرون «الشعب يريد إسقاط النظام» و «خبز حرية كرامة وطنية» وهي من الشعارات التي رفعت إبان الثورة التي أطاحت بزين العابدين بن علي في 14 يناير 2011. وجمعت ثلاثة أحزاب أخرى (نداء تونس والحزب الجمهوري وحزب المسار الديمقراطي) مئات من أنصارها في الشارع ذاته للتنديد بالعنف السياسي. وتأتي هذه التظاهرات بعد أيام من مقتل مسؤول محلي في حزب نداء تونس في أثناء مواجهات مع أنصار الإسلاميين الذين يقودون الحكومة. وأثرت التجاذبات السياسية علاوة على ظهور الإسلاميين المتطرفين، على الوضع الاجتماعي والأمني في تونس، حيث تتزايد الاحتجاجات وأعمال العنف المتقطعة. كما تأتي عشية الذكرى الأولى لأول انتخابات حرة في تاريخ تونس التي اختار فيها التونسيون أعضاء مجلس وطني تأسيسي لصياغة دستور جديد للبلاد يتعرض للانتقاد من المعارضة بسبب تأخره في صياغة الدستور. وقد تم نشر وحدات من الجيش أمام المراكز التجارية وتم تعزيز الأمن حول المباني الرسمية عشية الذكرى الأولى لانتخابات 23 أكتوبر 2011. وقال العقيد مختار بن نصر المتحدث باسم وزارة الدفاع «لضمان أمن التونسيين تم نشر وحدات من الجيش منذ الأحد لحراسة النقاط الحساسة».