حينما قرر قادة العالم عام 2000 العمل سويا من أجل مجتمع دولي أكثر عدالة ورخاء وسلام، فكان الاتفاق على الأهداف الإنمائية للألفية التي أدت بالفعل إلى لفت الأنظار إلى قضايا طال إهمالها، وحديث الرؤساء أصبح حول الفقر والتعليم والصحة وغيرها. ترتبط أهداف التنمية بكل من إعلان القاهرة عام 94 بشأن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، وكذلك مقررات بيجين لعام 95، وجميع هذه الوثائق تعمل على تحسين الوضع الإنساني ورفع مستوى معيشة الشعوب. وقد نجحت أهداف التنمية في خفض معدلات الفقر في بعض المناطق من العالم، وكذلك تحسين التعليم والصحة وخفض معدلات وفيات الموالد والأمهات، وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في بعض الدول. إلا أن الطريق لا يزال طويلاً، والفوارق مازالت كبيرة بين الدول والشعوب والمناطق المختلفة داخل الدولة الواحدة. ومازال العالم يعاني من تحديات عديدة تؤثر على تحقيق أهداف التنمية، حيث تواجهنا ازدواجية معايير بعض الدول المتقدمة والتي تستخدم الشعارات البراقة كالديمقراطية وحقوق الإنسان ومقاومة الإرهاب، ذريعة للتدخل في شئون الدول النامية، بل تعمل أيضا على انتقاص حق الشعوب في حرية اختيار النظم التي تعبر عن طموحاتها. وتأتي التحديات الاقتصادية التي تزيد من تفاقمها سوء السياسات المالية التي تتبعها الدول المتقدمة، لتؤثر سلبا على اقتصاديات الدول النامية، وكذلك استخدام المؤسسات المالية الكبرى للتأثير على سياسات الدول النامية مثل شروط صندوق النقد الدولي في أوقات الأزمات. أما استغلال الإعلام فهى قضية أخرى وسلاح سريع التأثير، يأتي ليشوه حقيقة ما يدور ويحدث في الدول ليظهر صور منافية للواقع الذي يعكس رغبات الشعوب الساعية إلى الحرية والعدالة والكرامة وتغيير نظمها. وأخيرا الحروب والنزاعات المسلحة والتي بلا شك لا يمكن أن تؤدي إلى تحقيق أهداف التنمية أو تحسين أوضاع المرأة، بل تزيد من الأعباء والتحديات التي تواجهها لتشارك بدورها في الاستفادة من هذه التنمية أو في تحقيقها. وقد استطاعت مصر خلال فترة الألفية منذ عام 2000 في تحقيق بعض من هذه الأهداف، بل أظهرت تفوقا واضحا في خفض معدلات وفيات الأطفال والأمهات، وارتفاع نسب التحاق الفتيات بمراحل التعليم المختلفة. إلا أن الطريق ما زال طويلاً، خاصة في ظل العادات والأفكار البالية والممارسات الضارة التي تنتقص من حقوق المرأة، وبالتالي تؤثر سلبا على جميع القطاعات المرتبطة بتحقيق أهداف التنمية. وقد يكون الحل الأمثل للوصول إلى التنمية المستدامة والتي تستفيد من الثروة البشرية متمثلة في الرجل والمرأة معا، هو أن تستمر الدولة بجميع مؤسساتها، وكذلك المجتمع المدني في تبنى سياسات رامية إلى تحقيق التنمية المستدامة. أما قضية تمكين المرأة وتحقيق مبدأ المساواة بين الجنسين فهى الأساس الذي يجب أن تبنى عليه هذه السياسات، لأنها محور التنمية ليس كمستفيدة من عوائدها بل مؤثرة في تحقيقها.