بين أسلوب عمل السبكي ( افلامه ) من ناحية و أسلوب عمل باسم يوسف ( البرنامج ) من ناحية أخرى وجوه شبه كثيرة جداً .. أهمها أن كلاهما لا يعير انتباهاً لأي قيمة فوق مفهومه عن المهنة .. وكلاهما هدفه الأول الربح من خلال جذب أكبر عدد ممكن من الزبائن ( الجمهور ) . وكلاهما ( باسم يوسف والسبكي ) لهما دفاع مشترك في حال الهجوم عليهما وهو ببساطة من يضايقه عملي فلا يشاهده ( السبكي : انا مش باضرب الناس على ايديها عشان تنزل السينما تتفرج على افلامي ) ( باسم : الريموت في ايدك لو مضايقك غير القناة ) . وكلاهما له تابوهات لا يمسها أبداً ( السبكي لا يمس نظام الدولة القائم رغم ان به ما يفيد درامياً ويرفع من الجماهيرية .. وباسم لا يمس المجتمع المدني ولا النشطاء ولا البرادعي رغم أن ثأثأته مدعاة للسخرية خاصة مع من لا يقيم وزناً للتجريح مقابل الأفيه ) وكلاهما مخلص للبنية الثقافية التي خرج منها ( السبكي للنمط الشعبي المصري وتقاليده بحلوها ومرها وباسم يوسف للنموذج الأمريكي معياره الوحيد للجودة ) ... وكلاهما وهذا هو موضوعنا يستخدم الايحاءات الجنسية بافراط بالغ ... لأنه (كلاهما ) يعرف تماماً انها تجذب بعض الجماهير بصرف النظر لأي اعتبارات أخرى من أخلاق أو دين أو ... خلافه. لكن الغريب ( وهنا يظهر الاختلاف بين ظروف كل منهما ) أن طبقة كاملة من أصحاب الصوت العالي والتواجد الاعلامي يدشنون الحملات المدافعة عن الاخلاق التي يهدمها السبكي ( ويجدون جمهورا كبيرا يرفع معهم سي العفة على رقبة السبكي ) و يهاجمون الفن المبتذل والانحطاط الذي تقدمه أفلامه ( هكذا يقولون ) وآخرها حملة مقاطعة حلاوة روح لهيفاء وهبي .. بينما ذات أفراد هذا الجمهور ( العفيف ) تتسامح أخلاقياً مع ايحاءات باسم يوسف وتلميحاته وتصريحاته الجنسية الخادشة والتي تصل لحد السفالة بوضوح بالغ .. لا أقول تتسامح فقط بل تدافع عنها وتعتبرها افيهات لطيفة .!!!! المفارقة أن الخروج عن الآداب صار أكثر كثيراً عند باسم يوسف منه عند السبكي .. ويمكن مراجعة آخر حلقة للبرنامج في مارس وأول حلقات ابريل و مقارنتها بأكثر افيهات أفلام السبكي وقاحة وأسوأها خلقاً وأشدها خدشاً للحياء سنجد أن باسم يوسف تجاوز السبكي بمرحلة معتبرة جداً . ما السبب في دفاعهم عن باسم ومهاجمة السبكي ؟ لماذا يتجاوزون عن افيه بالبرنامج ويتأففون من ذات الافيه من لسان عبده موته ؟ لماذا يسمحون بايحاءات أبله فاهيتا ويرفضونها من الراقصة دينا ؟ وكيف يصدقون باسم يوسف عندما يدافع عن نفسه ولم يصدقوا السبكي عندما دافع عن نفسه ذات الدفاع وبذات المنطق ومنذ سنوات ؟ أرى أن هناك سببين واضحين : الأول هو الطبقية الراسخة تحت جلودنا .. فباسم يوسف أكثر أناقة من سعد الصغير .. انه يطلق الافيه ( السافل ) بالطريقة الخاصة بأولاد الذوات . أما في أفلام السبكي فيتم اطلاق الافيه السافل كما يردده رواد مقاهي الدقي وشبرا .. باسم يشبه الأمريكان في أدائه وهم النمط الأرقى والذي يحلم به الحالمون أما محمد رمضان ( أهم أبطال السبكي ) فلا يشبه الا البائع المتجول وسائق التوك توك وهم من لا يتمنى أحد أن يكونه. السبب الثاني أن باسم حين يدافع يجيد خلطة الكلام الفارغ بينما لا يمتلكها السبكي .. بمعنى أن السبكي وأبطاله يقولون دائماً أن عملنا ليس أكثر من أكل عيش لا ندعي أي شئ آخر سوى تقديم الترفيه مقابل تذكرة السينما بل يتجاوز الصادق ( سعد الصغير ) في كثير من حواراته ويؤكد بصراحة (أننا نعمل الحرام ونكسب الفلوس ونغضب الله طبعا و نربح الشهرة وربنا يتوب علينا ) .. ويمكن مراجعة أحاديث كثيرة قال فيها هذا المعنى و بهذه الألفاظ الكاشفة .. أما باسم والنشطاء المدافعون عنه فيتقنون قصة حرية الاعلام ويصرخون بالفاظ متورمة مثل كسر التابوهات الثقافية و مصارحة المجتمع بحقيقته بترديد ما يقوله الشارع أمامه على الشاشة بغرض تعريته وهكذا من الترهات الفارغة ولا غرض منها الا الدفاع عن الافيهات الجنسية لا أكثر ... لا أتحدث طبعاً عن الذوق الشخصي الذي يمكن ان تضحكه كلمة من باسم يوسف ولا تضحكه نفس الكلمة من فيلم السبكي أو العكس .. ولكن أتحدث عن تقييم باسم والسبكي أخلاقياً بشكل مختلف والقول ان السبكي يهدد الاخلاق العامة مقابل التسامح مع باسم الاعلامي الحر .... رغم أنهما لهما ذات الخطاب ( المنافي للآداب و الخادش للحياء ) و ذات الغرض ( المكسب وجلب المشاهدين ) ..أظن الفكرة واضحة .. والغريب قبل الختام أن هناك وجه للشبه بينهما في المنشأ .. رغم أن السبكي جزار في الأصل و باسم يوسف طبيب جراح .. الا أن المفارقة أن الوعي الشعبي المصري كثيراً جدا ما يطلق لفظ جزار على الطبيب المتخصص في الجراحة تحديداً ان كان لا يراعي الا مصلحته و يبالغ في مكاسبه على حساب المريض ! لذا ليس من العدل أن تظنوا حين تسعدكم افيهات باسم يوسف الخادشة أنكم تختلفون أخلاقيا او ثقافياً بأي درجة عمن يعجبه فيلم عش البلبل ! لا أحد يصادر على حرية أحد فاضحكوا على من شئتم وتأففوا ممن شئتم ... لكن لا تحكموا على الأخلاق بمعايير مذدوجة تحددها الأوهام الطبقية أو كلام أدعياء الثقافة الفارغ .