يعمل المجلس القومي للمرأة جاهدا منذ سنة 2000 ، لتحسين أوضاع المرأة المصرية وتحقيق المساواة بين الجنسين ، وقد حصد المجلس بعض النجاحات وكثير من الإخفاقات. فقد نجح المجلس في تعديل بعض قوانين الأحوال الشخصية المجحفة بالمرأة وأعطى لها حق الخُلع ، كما نجح في تغير قانون الجنسية فأصبح من حق أبناء المصرية اكتساب الجنسية المصرية ، ونجح في جعل المرأة المصرية تجلس على منصة القضاء لأول مرة وأخيرا وليس آخراً نجح في تخصيص عددٍ من المقاعد للمرأة (الكوتا) في برلمان 2010. إلا أن المتابع لقضايا المرأة في مصر ، لا يسعه إلا أن يلحظ هشاشة الأرض التي تقف عليها المرأة المصرية ، فمع أول اختبار حقيقي كادت المرأة المصرية تفقد كل ما تحقق لها من مكتسبات. فمع مجيء حكم الإخوان تعالت الأصوات المطالبة بإلغاء كافة قوانين الأحوال الشخصية المُنصفة للمرأة ، والعجيب أن المرأة الإخوانية تصدرت الصفوف المطالبة بعودة المرأة لعصر الحريم ، وحرمانها حتى من الحقوق المُستمدة من السُّنة النبوية مثل حق الخُلع. كما تم إلغاء نسبة الكوتا المخصصة للمرأة مع عدم المساس بالكوتا الخاصة بالعمال والفلاحين ، بالرغم من كمّ المثالب المأخوذة عليها. كما تم الاكتفاء بما تم تعيينهُ من قاضيات وتحويل معظمهن لوظائف إدارية بعيدة عن المنصة ، إما عن طريق الإغراء أو التطفيش. ثم جاء دستور 2014 يحمل الكثير من الوعود البرّاقة للمرأة المصرية ، إلا أنه مع أول اختبار تبين للجميع أن قضية المرأة ليست على أجندة أولويات أي نظام سياسى ، فرفض مجلس الدولة تعيين النساء جاء مخيباً لكل الآمال التي كانت تطمح أن يتحول الدستور من مجرد نصوص إلى قوانين ، تضمن واقع منصف للمرأة المصرية. والحقيقة التي لابد أن نتوقف عندها هي هل نحن نحتاج لدساتير وقوانين فوقية منصفة للمرأة أم نحن نحتاج لمجتمع مُنصفٍ للمرأة مُقدرِ لدورها ؟ ألا تستطيع المرأة وهي نصف هذا المجتمع أن تفرضَ واقعاً جديداً إذا أرادت ذلك ؟ ألا تستطيع المرأة المصرية وهي نصف الكتلة التصويتية في هذا البلد أن تُعطى صوتها للمرأة فقط فيصبح البرلمان نصفه من النساء ؟ ألا تستطيع المرأة المصرية أن تُقاضى الجهات التي تمتنع عن إعطائها حقها في التعيين دون سبب واضح ؟ ألا تستطيع المرأة المصرية أن تنتفض وترفض القهر عندما تتعرض لعنفٍ أُسرى أو لقهرٍ أو تمييزٍ في مكان العمل؟ ألا تستطيع المرأة المصرية أن تنظم نفسها لتُدافع عن حقوقٍ ومكتسباتٍ تحققت لها بكثير من العرق؟ بكل أسف المراقب للمشهد العام في مصر ، يرصُد الأم المصرية وهي تميز بين أبنائها لصالح الذكور ، وترى في عنف الزوج بل والأبناء الذكور حقٌ شرعيٌ وديني. يرصد المرأة المصرية وهي تتصدر الصفوف لتعطى صوتها لمرشح ذكر ينتمي لتيار ، لا يرى للمرأة أي حق بما في ذلك الحق في التصويت. يرصد المرأة التي لا تثق في الطبيبة الأنثى ، وترى أن المرأة لا تصلح لتولى المناصب القيادية ولا أن تصبح قاضيةً. كما يرصد أيضاً أن المدافعين عن قضايا المرأة هي نفس الوجوه المكرّرة والتي لا تحظى بالضرورة بتأييدٍ شعبي ، كما أنها تفتقد لعنصر الشباب . كل ذلك يجعلنا نتساءل هل نحن اخطأنا الهدف هل كان الأجدر بنا أن نوجه اهتمامنا لتوعية المرأة بآدميتها وبحقوقها الإنسانية قبل حقوقها السياسية؟ هل كان يجب أن نوجه اهتمامنا بالمقبلين والمقبلات على الزواج لتوعيتهم بكيفية التعامل مع الأبناء وبين الأزواج؟ هل كان أجدر بنا أن نبدأ في المدارس الابتدائية لنغرس قيم المساواة وتقبل الآخر وفكرة تبادل الأدوار؟ هل أهملنا دور الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة والتلفزيون في تشكيل الشخصية المصرية؟ وأخيراً وليس آخراً هل نتعلم من أخطاء الماضي فلا نكررها ونتوقع نتائج مختلفة؟