قالت مصادر رسمية: إن المصريين الذين أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء وافقوا بأغلبية كاسحة على الدستور الجديد وذلك استنادا للنتائج الأولية للاستفتاء الذي يمكن أن يمهد الساحة للفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع لإعلان ترشحه للرئاسة. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية ومسئول بالحكومة إن نحو 90% وافقوا على الدستور. ولا تمثل هذه النتيجة مفاجأة: فقد حاز الدستور تأييدا واسعا بين المصريين الذين أيدوا الجيش في عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو ولا أثر يذكر لحملة "من أجل رفض الدستور" فيما تشن الدولة حملة على المعارضة. ومن المؤكد أن تشكك جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي في النتائج الرسمية لاسيما وأنها دعت إلى مقاطعة الاستفتاء الذي تعتبره جزءا من انقلاب على رئيس تم اختياره في انتخابات حرة قبل 18 شهرا. ودعت جماعة الإخوان إلى احتجاجات مناهضة للحكومة. وبعد أن قتل 9 أشخاص في اشتباكات بين الشرطة ومؤيدي مرسي يوم الثلاثاء استمرت الاحتجاجات يوم الاربعاء. ووقعت مناوشات بين المحتجين والشرطة قرب قصر الرئاسة. ولم ترد تقارير عن وقوع وفيات. وقالت وكالة أنباء الشرق الاوسط إن نسبة الموافقة حسب المؤشرات الأولية زادت على 90 % في كثير من مراكز الاقتراع التي انتهى فيها فرز الأصوات. وقال اللواء عبد الفتاح عثمان مدير العلاقات العامة بوزارة الداخلية لقناة الحياة الفضائية الخاصة إن نسبة الموافقة على الدستور ربما تزيد على 95%. والاستفتاء خطوة رئيسية نحو خطة الانتقال السياسي التي وصفتها الحكومة المؤقتة بأنها خارطة طريق الى الديمقراطية حتى وهي تشن حملة صارمة على جماعة الاخوان المسلمين التي كانت أكثر الاحزاب المصرية تنظيما حتى العام الماضي. وفي إطار حملة تتسع ضد المعارضة ألقت السلطات القبض على ناشطين لديهم فكر علماني في الشهور الأخيرة من بينهم شخصيات بارزة في انتفاضة 2011 التاريخية ضد الرئيس الاسبق حسني مبارك. وقال حزب إسلامي معتدل إن بعض مؤيديه ألقي القبض عليهم أثناء حملة للتصويت ب"لا" في الاستفتاء. واعتبر البعض الاستفتاء تصويتا من المواطنين على الثقة في السيسي (59 عاما) الذي ينظر إليه على نطاق واسع على أنه أقوى شخصية في مصر منذ عزل مرسي واكتسب شعبية كبيرة بين المصريين الذين نزلوا في احتجاجات حاشدة اعتراضا على حكمه في يونيو. ومؤيدو السيسي يرون فيه الرجل القوي الذي يحتاجون إليه لإعادة الاستقرار إلى بلد يعيش أزمة سياسية واقتصادية منذ نحو 3 سنوات. وصعدت البورصة إلى أعلى مستوياتها في 3 سنوات هذا الاسبوع. وسيعد الإقبال الشديد على المشاركة في الاستفتاء موافقة قوية على النظام الجديد المدعوم من الجيش. وقال ناثان براون أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن والخبير في الشئون المصرية "يمكنك ان ترى عودة ظهور الرئيس المهيمن". وفي كثير من مراكز الاقتراع في أنحاء مصر بدا الاستفتاء وكأنه تصويت على السيسي نفسه. كانت النساء تتغنى باسمه وتزغرد وهي تقف في طابور للإدلاء بأصواتهن بينما كانت نغمات أغنية مؤيدة للجيش اكتسبت شعبية بعد عزل مرسي تنطلق من السيارات. وحذف مشروع الدستور الجديد الصياغات الإسلامية التي كتب بها الدستور السابق الذي أقر قبل عام عندما كان مرسي رئيسا. كما انه يعزز هيئات الدولة التي وقفت في وجه مرسي وهي الجيش والشرطة والقضاء. ويقول محللون إن الحكومة حريصة على تحقيق نتيجة تفوق الأصوات التي حصل عليها الإخوان المسلمون في السنوات الثلاث الاخيرة؛ حيث صوت 10.7 مليون شخص لصالح الدستور السابق ذي الصبغة الاسلامية وفاز مرسي بالرئاسة بحصوله على 13.2 مليون صوت في عام 2012. ويزيد عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في مصر على 52 مليون شخص. لكن بعض المنظمات المحلية والدولية وجهت انتقادات شديدة الى المناخ السياسي قبل هذا الاستفتاء. وانتقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان وسائل الاعلام المصرية لإذكاء الكراهية تجاه جماعة الاخوان المسلمين والإسهام في إشاعة مناخ الترهيب. واكتفى مركز كارتر بالولاياتالمتحدة الذي راقب معظم الانتخابات التي جرت خلال السنوات الثلاث الماضية بإرسال بعثة مراقبة صغيرة بعد ان عبر عن القلق إزاء "الحيز السياسي الضيق" الذي يحيط بالاستفتاء. وأرسلت مؤسسة أخرى تمولها الولاياتالمتحدة هي "الديمقراطية الدولية" 83 مراقبا تم توزيعهم في أنحاء البلاد. وقال دان ميرفي مدير البرنامج لرويترز: إن المراقبين أبلغوا بأنه "من الناحية الفنية فإن العملية تسير كالمعتاد".