اتفقت آراء معظم القوى السياسية والشخصيات العامة حول رفض العصيان المدنى الذى دعا إليه بعض القوى السياسية فى 11 فبراير من أجل الضغط على المجلس العسكرى لتسليم السلطة. وأكد الرافضون لهذه الدعوة أنه لا يمكن المشاركة فى توقف الإنتاج فى هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد، ووصفها البعض بأنها دعوة للفوضى، وأن هناك من يريد أن يزايد ويجعل شرعية الميدان فوق شرعية البرلمان. حيث استنكر المتحدث الرسمي لحزب النور، نادر بكار، دعوات العصيان المدني في هذا التوقيت العصيب التي تمر به البلاد، لافتاً إلى أنه كان من الأولى الدعوة إلى تضافر جميع الجهود للخروج من الأزمة التي نحياها بدلاً من استمرار مسلسل الفوضى الذي نعيشه إلى ما لا نهاية. وحذّر بكّار من الضرر الذي سيقع على الفقراء والمعدومين على أثر هذه الدعوة، في الوقت الذي لن تؤدّي فيه إلى تحقيق النتيجة المنشودة بتسليم السلطة. فى المقابل أعلنت حركة 6 أبريل والعديد من الحركات السياسية مشاركتها في الدعوات الصادرة في الفترة الأخيرة بالدخول في عصيان مدني، داعين جموع الشعب المصري من طلبة وعمال وفلاحين للعصيان المدني السلمي الشامل بداية من يوم السبت 11 فبراير المقبل، وحتى تسليم السلطة لجهة مدنية منتخبة، وفتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية، وإقالة حكومة الجنزوري والنائب العام، ومحاسبتهم على كل ما ارتكبوه من تواطؤ وتباطؤ في تحقيق مطالب الثورة، والاشتراك والتستر على مجزرة بورسعيد، مما أدى إلى وفاة أكثر من 150 شهيدًا بينهم أطفال. وأكدت الحركة أن العصيان المدني يعتبر آلية سلمية من ضمن آليات الثورة المصرية التي من حق الشعب المصري استخدامها لتحقيق مطالبه المشروعة. ومن جانبها، رفضت جماعة الإخوان المسلمين العصيان المدنى، واصفة إياه بأنه دعوة للفوضى، مشيرة إلى أن هناك من يريد أن يزايد ويجعل شرعية الميدان فوق شرعية البرلمان، فى حين أن البرلمان والميدان متكاملان، كلاهما يمتلك آليات ليست لدى الآخر والأفضل تكاملهما لمصلحة الوطن. فيما أعلن حزب الوفد عن رفضه لفكرة العصيان المدنى الآن، وقال: إن أى عصيان مدنى هو أحد وسائل الضغط الشعبى لتحقيق مطالب تكون محل إجماع الأمة، ونحن نرى أن كل ما رفع من مطالب حتى الآن فى سبيلها للتحقيق عدا المطلب الذى يطالب به البعض وهو التسليم الفورى للسلطة قبل ثلاثين يوما من الآن وهو ما نراه يدفع بالوطن لسيناريو الفوضى والانقسام". وطالب محمد سليم العوا، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، بألا نشجع على العصيان المدني لأننا نعيش الآن في مرحلة دقيقة من تاريخ مصر ومرحلة عدم استقرار نلمسها جميعًا، ويجب علينا أن نواجه هذه الدعوة التي ستهدم السياحة، وستدفع المستثمرين لعدم العمل في مصر وستهدم الفرصة الديمقراطية، قائلا: "إن هذا العصيان ليس في صالح مصر ويصب في مصلحة أعداء الوطن". فى نفس السياق، أكد الأزهر والكنيسة رفضهما هذه الدعوات وقال البابا شنودة إن العصيان المدني أمر لا يقبله الدين ولا تقبله الدولة، موضحا أن الكتاب المقدس مليء بالآيات التي تحثنا على طاعة الحاكم، وقال: "لا أعتقد نجاح العصيان المدني، ومن الممكن أن يعبر من يدعون للعصيان المدني عن آرائهم لعدة أيام وينتهي الأمر". وناشد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، المصريين جميعا ألا يعطلوا العمل ساعة واحدة، وأن يتمسكوا بأداء واجبهم نحو أنفسهم وأهليهم، ونحو وطنهم ومواطنيهم، خاصة في هذه الأيام التي يتعرض فيها الاقتصاد المصري بسبب مواقفهم الثورية. وأكد بهى الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أن حق العصيان المدنى مكفول لكل مواطن فى أى مجتمع ديمقراطى طالما التزم بسلمية ممارساته باعتباره أحد أشكال الاحتجاج، وأن مهمة المنظمات الحقوقية الدفاع عن هذا الحق ومراقبة ممارسته، مشيرا إلى أن هذا الدفاع لا يعنى بالضرورة تأييد المنظمات للاحتجاج أو العصيان المدنى. وفى حالة خروج التظاهرات أو العصيان المدنى عن الشكل السلمى، قال مدير مركز القاهرة: "إنه من حق قوات الأمن مواجهة العنف، ولكن القانون ينظم شكل المواجهة سواء بالتحذير أو بالتنبيه".