قال الشيخ صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف، إننا نعيش اليوم في عصر قد كثرت فيه وجوه التعاملات التي يترتب عليها الدين، ونظرًا لحاجة الإنسان إلى الاستدانة والاقتراض وضعت عدة ضوابط للمعاملات التي تشتمل على الدَّين، والتي شملتها «آية الدَّين أو آية المداينة» أطول آية في القرآن الكريم من حيث عدد الحروف والكلمات من كتابة للدَّين وتحديد أجله والاشهاد عليه، ضمانًا للحقوق وحرصًا على مصلحة الفرد والمجتمع. وتابع: إنَّ من أسوء أنواع الظلم المماطلة والتسويف في تسديد الدين للقادر عليه لأكل أموال الآخرين، وهو ما شاع وانتشر في عصرنا الحاضر، والأكثر بشاعة منع النساء من حقهن في الميراث والمماطلة في توزيعه حتى لا ينتفع أولادهن وأزواجهن به؛ فكل ذلك من أكل أموال الناس بالباطل.
وأضاف «صفوت عمارة»، خلال خطبة الجمعة اليوم، أنَّ الإسلام علمنا المسارعة في أداء الحقوق إلى أهلها وعدم المماطلة والتسويف متى وجد الإنسان الفرصة وتمكن من أداء دَّينه؛ فلا ينبغي له التأخير في السداد لأنه لا يدري فقد لا يتمكن بعد ذلك فيكون مضيعًا لحق غيره، وإذا جاء وقت السداد وأخره لغير عذر فهو ظلم لصاحب المال يجب العدول عنه؛ فمن استدان وهو ينوي النية الصادقة الوفاء بالدَّين أعانه اللَّه عليه ويسر له ووسع في رزقه حتى يوفيه فإن مات يقضي اللَّه عنه دَّينه، ومن كانت نيته عند الأخذ عدم الوفاء فهو من إتلاف أموال الناس فاللَّه عزَّ وجلَّ يضيق عليه ويتلف ماله ويعسر عليه سداده ويعذبه على ذلك في آخرته؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى اللَّه عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه اللَّه» [رواه. البخاري]، أي: من أخذ أموال الناس على سبيل القرض أو غيره من أوجه المعاملات، وهو يقصد ويعزم على رد دَّينه؛ يسر اللَّه له ما يؤدِّى منه، وأرضى دائنه عنه في الآخرة إن لم يستطع الوفاء في الدنيا؛ أما من أخذ أموال الناس على سبيل القرض أو غيره من أوجه المعاملات، وهو يريد عدم ردها أتلفه اللَّه بذهاب ماله من يده، فلا ينتفع به في الدنيا لسوء نيته، وعاقبه على الدَّين في الآخرة.
وأشار «عمارة» إلى أن الشرع حذرنا من التهاون في أداء حقوق الناس، وخاصة قضاء الدَّين؛ حتى لا يأتي الأنسان أجله وفي ذمته دينٌ لأحدٍ فيعلق به؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «نفس المؤمن معلقةٌ بدَّينه حتى يقضى عنه» [صحيح الترمذي وابن ماجه]، أي: حتى يسدد عنه دَّينه، فينبغي على المدين أن يبرئ ذمته من الدَّين المستحق عليه، ولعظم أمر الدَّين وخطره، كان النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لا يصلِّي على أحدٍ مات عليه دينٌ، وليس في تركته ما يمكن سداده منه.