قال ديفيد كيرك باتريك، في مقاله بصحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، إن محمد البرادعي، الدبلوماسي الحائز على جائزة نوبل والذي ساهم في تأكيد الطلب على الديمقراطية، أسقط مسعاه الرئاسي احتجاجا على تمسك الجيش بالسلطة والذي استمر ما يقرب من عام بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. وقال البرادعي في بيانه "ان النظام السابق لم يسقط" ، بحجة أن المجلس العسكري الذي استولى على السلطة باسم الثورة أثبتت الأيام أنه امتداد لحكومة مبارك. وأعلن "ضميري لا يسمح لي أن أرشح نفسي للرئاسة أو أي منصب رسمي آخر إلا إذا كان ذلك ضمن نظام ديمقراطي حقيقي". ويرى باتريك أن إعلان البرادعي هذا في الوقت الذي يجري فيه الاستعداد للاحتفال بالذكرى السنوية لثورة 25 يناير التي أجبرت الرئيس مبارك على ترك السلطة، قد يساعد في حشد التأييد للاحتجاجات المقررة لهذا اليوم للمطالبة بخروج المجلس العسكري الحاكم الآن للبلاد. ويضيف أن محمد البرادعي ، الذي تم منحه جائزة نوبل للسلام لعمله كرئيس للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، هو شخصية تنال الاعجاب على نطاق واسع ومؤثر في مصر، لا سيما في صفوف الليبراليين، وانه ربما كان الوحيد الذي توقع الثورة المصرية في الأسابيع التي سبقت لها ، وربما خروجه من السباق الرئاسي أيضا يفتح الطريق لتأييد أحد منافسيه. وتشير تكهنات الناشطين إلى ان البرادعي قد يلقي بثقله وراء مرشح مثل أبو الفتوح عبد المنعم ، الذي يتمتع بشخصية جذابة وهو مسؤول كبير سابق بجماعة الإخوان المسلمين، وهو الذي يطلق على نفسه أنه يمثل الاسلامية الليبرالية. من الناحية العملية ، كان قرار البرادعي بالانسحاب من السباق رضوخا للخلافات الطويلة التي واجهها وأظهرت استطلاعات الرأي أن الكثير من المصريين لديهم شكوك حوله، حيث أثيرت تساؤلات حول انتمائه لمصر خلال السنوات التي قضاها في العواصمالغربية كدبلوماسي دولي ، واستمر في السفر على نطاق واسع حتى بعد عودته إلى مصر. ويرى باتريك أن هيمنة الاسلاميين على الانتخابات البرلمانية المقرر أن تنتهي في الأيام القادمة قد أثرت على القاعدة الصغيرة لدعم الليبراليين على النمط الغربي العلماني والتي يمثلها البرادعي. وكانت جماعة الاخوان المسلمين التي تمثل التيار الإسلامي السائد في مصر قالت في أحدث احصاء لها إنه يمكن أن يفوزوا بنسبة 46-48 % من مقاعد مجلس الشعب ، في حين يستحوذ الإسلاميون الآخرون على حوالي 20 % من المقاعد كذلك . وانتقد البرادعي التحول الذي يقوده المجلس العسكري منذ بدايته في شهر فبراير الماضي ، وذلك بسبب الجدول الزمني العسكري المضطرب لصياغة الدستور وانتخاب الرئيس. ففي إطار الخطة الحالية ، من المفترض أن يبدأ المرشحون حملتهم الانتخابية لمنصب الرئيس قبل صياغة الدستور الجديد الذي سوف يحدد واجبات وصلاحيات ومتطلبات منصب الرئيس. ومن المتوقع أن تتم صياغة الوثيقة على عجل ، وتقدم للاستفتاء عشية الانتخابات الرئاسية ، قبل نهاية شهر يونيو ، في حين أن المجلس العسكري لا يزال في السلطة. وقد سعى المجلس مرارا وتكرارا لاستخدام سيطرته على الحكومة المؤقتة للتأثير في صياغة الدستور من أجل الحفاظ على الصلاحيات والامتيازات الخاصة به حتى بعد انتخاب القادة المدنيين.