ثلاثة مشاهد أخاذة للألباب في تاريخ الثورة المصرية، عبثية على واقعيتها، كابوسية في تجاهلها من أجهزة الدولة، الأول: المكالمة التي أجراها الدكتور محمد مرسي مع قناة الجزيرة إبان الثورة، الثاني: المكالمات التي نشرتها المصري اليوم بين حماس والإخوان، الثالث: وقائع قضية الهروب التي تنظرها محكمة الإسماعيلية. دعك من قطع الاتصالات في هذه الفترة وما يرتبط بذلك من وجود تليفون الثريا الممنوع في مصر داخل السجن ومن سربه، ومن كيفية الاتصال بقناة الجزيرة.. كل ذلك مفهوم.. وإنما غير المفهوم هو قيام الدكتور مرسي بعد خروجه على نحو ما صرح بشرح تفصيلي للمكان، هذا غير مفهوم وغير مبرر من سجين أصبح مطلق السراح، والأولى به أن يبحث عن وسيلة للفرار من المكان بدلا من الدخول في هذه التفصيلات، إلا إذا كان الهدف من المكالمة إبلاغ رسالة معينة لجهة ما. فعندما تنطوي المكالمة على تحديد مكان السجن، وموضع البوابة الرئيسية من الطريق الصحراوي، وأنه في السجن رقم كذا، عنبر رقم كذا، وأنه هو فلان الفلاني، ومعه فلان وفلان من مكتب إرشاد جماعة الإخوان، وأن عددهم يبلغ كذا، وعندما سأله المذيع عما سيفعلون بعد هروبهم؟ قال له : سنجتمع ونقرر، ولو اتصلت بعد ساعة من الآن لقلت لك اجتماع لمدة ساعة في سجن تم الهروب منه يعد أمرا غير منطقي لأنه يتعارض مع طبائع الأشياء.. أليس كذلك؟ ! المشهد الثاني: هو ما نشرته جريدة المصري اليوم في صدر صفحتها الأولى من قيام جهاز الأمن الوطني بتسليم خيرت الشاطر تفريغ محادثات قيادات بالجماعة مع حركة حماس خلال أحداث يناير، وما أعقبه من بيان لوزارة الداخلية تهدد فيه باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، فإذا بالمصري اليوم تنشر نص خمس مكالمات وصفتها بالسرية بين حماس والإخوان، منها مكالمتان أثناء فترة قطع الاتصالات، أخطرهما التي جاء فيها: إنتم فين.. مش شايف حد منكم، فرد الطرف الآخر: "إحنا موجودين.. وعلى اتفاقنا.. لا داعي للقلق"، وسأله الطرف الأول: أرجوك قولي إنتم فين؟ فرد الطرف الثاني: احنا ورا المتحف وبنجهز المقلاع، وقال الطرف الأول: تمام بس بسرعة، ورد الطرف الثاني: تمام.. رجاء الهدوء والأمور تحت السيطرة.. تاريخ هذه المكالمة 2 أبريل، وتاريخ موقعة الجمل هو 2 أبريل، فماذا نفهم من هذه المكالمات إن صحت؟! المشهد الثالث: هو مشهد نظر قضية الهروب من سجن وادي النطرون، والتي شهد فيها مأمور السجن، وقد أدلى في أقواله بما يفيد قيام جهات خارجية باقتحام السجن، ثم امتناع وكيل النائب العام عن تنفيذ قرار المحكمة باستدعاء ضباط من الداخلية للإدلاء بشهاداتهم. بتجميع هذه المشاهد الثلاث يتضح أن المكالمات المشار إليها هى أخطر مكالمات جرت في تاريخ مصر إبان ثورة يناير، ولعلها ترسم ملامح الطرف الثالث الذي كان يظهر فجأة ثم يتبخر فجأة أثناء فعاليات الثورة، ويتوج هذه المشاهد مشهد الاغتيال المعنوي الذي تمارسه الجماعة ضد القاضي المحجوب شأنه في ذلك شأن كل من يختلف مع الجماعة سواء من خارجها أو داخلها.