أطلقت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حملة ضد التنمر، مطالبةً النائب العام المستشار حمادة الصاوي، باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والحاسمة، لمواجهة جرائم التنمر والعمل على التقليل من انتشار تلك الظاهرة البغيضة، التي تهدد القيم والمبادئ التي يقوم المجتمع على ركائزها، ولاعتبارها عائقًا يحول دون الحق في عيش حياة آمنة وكريمة خالية من أي مظاهر للعنف والكراهية. وقالت المنظمة، فى بيان لها، إن التنمر شكل من أشكال الإساءة والإيذاء، موجّه من قِبَل فرد أو مجموعة نحو فرد آخر أو مجموعة تكون أضعف (جسديًا في الغالب)، ويعد التنمر من الأفعال المتكررة على مر الزمان والتي تنطوي على خلل (قد يكون حقيقيًا أو متصورًا) في ميزان القوى بالنسبة للطفل ذي القوة الأكبر أو بالنسبة لمجموعة تهاجم مجموعة أخرى أقل منها في القوة، والتنمر عادةً يكون بأشكال مختلفة؛ فقد يكون لفظيًا أو جسديًا أو حتى بالإيماءات، كما يمكن أن يكون التنمر عن طريق التحرش الفعلي والاعتداء البدني، أو غيرها من أساليب الإكراه. وأطلِقت المنظمة الحملة تزامنًا مع ارتكاب العديد من جرائم التنمر والتي تحدث بصورة مستمرة وسريعة؛ حيث رصدت المنظمة (15) حالة تنمر في الفترة الاخيرة، وأحدثها ما قامت به سيدة من استغلال طفلين لم يتجاوز عمرهما الخمس سنوات؛ وذلك لخدمتها قسرًا مستغلة ضعفهما، بقصد وضعهما موضع السخرية والتنمر عليهما، وتعريضها صحتهما وحياتهما للخطر، وتعديها بذلك علي المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري، وانتهاكها حرمة حياتهما الخاصة، واستخدامها حسابًا خاصًّا بأحد مواقع التواصل الاجتماعي لارتكاب تلك الجرائم. وذكر بيان النيابة العامة أن وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام، رصدت تداول مقاطع مصورة لطفلين يُسمع خلالها صوت امرأة تأمر أحدهما بغسل قدميها، وغسل وجهه بالمياه التي تضع قدميها فيها، وتأمر الآخر بتدخين سيجارة، ساخرةً منهما خلال التصوير، وبعرض الأمر على النائب العام أمر باتخاذ إجراءات التحقيق في الواقعة. وأحال النائب العام فيما يقارب ال (18) حالة تنمر للتحقيق في الآونة الأخيرة؛ وذلك للتصدي لتلك الجريمة المخلة بحق الكرامة الإنسانية. وترى المنظمة أن التنمر يعد مخالفًا لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تدعو إلى دحض كافة أشكال التمييز ومكافحة العنف وتحقيق العدالة والسلام الاجتماعي في المجتمع، والتي من أهمها ما جاء بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة الأولى منه أن: "يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء"، هذا إلى جانب ما جاء بأحكام الدستور المصري في المادة (52) منه أن: "الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها". كما أن مجلس النواب، برئاسة الدكتور علي عبد العال -إرادةً منه لمواجهة جرائم التنمر- قد وافق على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات في مجموعه. وقد جاء مشروع القانون متسقًا مع أحكام الدستور خاصة المواد (8، 53، 80، 81) منه، كما أنه يأتي متسقًا مع الاتفاقيات الدولية، التي انضمت إليها مصر بشأن تحقيق المساواة وخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ونصت المادة الأولى من مشروع القانون على أن: "تضمنت المادة إضافة مادة جديدة لقانون العقوبات برقم (309 مكررًا ب)، أوردت تعريفًا للتنمر حاصلة استعراض الجاني قوته أو سيطرته، أو استغلاله ضعف المجني عليه أو حالة يعتقد الجاني أنها تسئ للمجني عليه كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي؛ بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه عن محيطه، والغرض من القصد الأخير هو مواجهة أحوال تهميش المجني عليهم أو عدم ترقيهم في أعمالهم". وقررت المادة المضافة العقوبة التي توقع حال اقتراف جريمة التنمر، مع تشديدها إذا توافر أحد ظرفين؛ أحدهما وقوع الجريمة من شخصين أو أكثر، والآخر إذا كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان مسلمًا إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي أو كان خادمًا لدى الجاني، مع مضاعفة الحد الأدنى للعقوبة حال اجتماع الظرفين، وفي حالة العود تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى. أما المادة الثانية فنصت على نشر القانون في الجريدة الرسمية، والعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره. آليات الحملة:- سوف تتلقى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الشكاوى الخاصة بجرائم التنمر والعمل على تحليلها للتأكد من وقائعها، وستقوم المنظمة بتقديم تلك الشكاوى للنائب العام؛ وذلك للتحقيق فيها واتخاذ الإجراءات اللازمة للفصل فيها.
سوف تقدم المنظمة المساعدة القانونية والنفسية لمصابي جرائم التنمر، وتوفير الدعم اللازم للعمل على اجتيازها.
ومن جهته أكد الدكتور حافظ أبو سعدة -رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان- إلى أن التنمر يعد انتهاكًا جسيمًا لحق من حقوق الإنسان، ويجب إعداد بيئة قانونية وتشريعية لضرورة التحقيق في جرائم التنمر، ومعاقبة مرتكبي تلك الجرائم؛ وذلك للحد من انتشارها باعتبارها آفة تصيب المجتمع ككل.