انفتحت تجربته الفنية في السنوات الأخيرة على العمل التلفزيوني مع المحافظة على نفس الملامح التي نجدها في الرواية، إذ كشف النقاب عن عالم آخر يعيش بيننا من المعمار والناس.. إنه الكاتب الكبير الراحل «جمال الغيطاني»، الذي جمع بين الأصالة العميقة والحداثة الواعية، وتحل اليوم ذكرى ميلاده. استلهم جمال الغيطاني، الذي ولد 9 مايو 1945 التراث المصري ليخلق عالمًا روائيًا عجيبًا يعد اليوم من أكثر التجارب الروائية نضجًا، ولعب تأثره بصديقه وأستاذه الكاتب نجيب محفوظ دورا أساسيًا لبلوغه هذه المرحلة مع إطلاعه الموسوعي على الأدب القديم وساهم في إحياء الكثير من النصوص العربية المنسية وإعادة اكتشاف الأدب العربي القديم بنظرة معاصرة جادة. عاش «الغيطاني»، نحو ثلاثين عامًا في منطقة الجمالية برفقة أسرته، وتلقّى تعليمه الابتدائي في مدرسة «عبدالرحمن كتخدا» الابتدائية، ومدرسة الجمّالية الابتدائية، وتعليمه الإعدادي في مدرسة محمد علي الإعدادية، التحق بمدرسة العباسية الثانوية الفنية التي درس بها لمدة 3 سنوات فن تصميم وتصنيع السجاد الشرقي وصباغة الألوان، وقد تخرَّج فيها عام 1962، ليعمل بعد ذلك في المؤسسة العامة للتعاون الإنتاجي رسامًا للسجاد الشرقي، ومفتشًا على مصانع السجاد الصغيرة في قرى مصر، كما عمل مديرًا للجمعيّة التعاونية لخان الخليلي، وأُتيحت له بذلك فرصة معايشة العمال والحرفيين الذين يعملون في الفنون التطبيقية الدقيقة. أصبح محررًا أدبيًا لجريدة الأخبار منذ عام 1985، ثم أصبح كاتبًا بها، قبل أن يغدو رئيسًا لتحرير «كتاب اليوم»، السلسلة الشهرية الشعبية، ثم رئيسًا لتحرير أخبار الأدب بعد أن أسسها في عام 1993. ونشر الغيطاني أول قصة له في يوليو 1963 بمجلة الأديب اللبنانية، وحملت اسم «زيارة»، وفي الشهر نفسه نشر مقالا في مجلة «الأدب» التي كان يحرِّرها الشيخ أمين الخولي، وكان موضوعه حول كتاب مترجم عن القصّة السيكولوجية. صدرت للغيطاني عشرات الكتب بين الرواية والقصة القصيرة وأدب الرحلات، أشهرها «الزيني بركات»، التي تحوَّلت بعد صدورها إلى مسلسل تلفزيوني، و«أوراق شاب عمره ألف عام»، التي ذكَّر اسمها بأبيات الشاعر صلاح جاهين، و«هاتف المغيب»، و«كتاب التجليات»، و«وقائع حارة الزعفراني»، وقد عرف بقربه وصداقته بالأديب العالمي نجيب محفوظ، حيث كان مواظبًا على حضور جلسات محفوظ لأعوام طويلة. توفي الغيطاني في 18 أكتوبر 2015، مخلِّفًا الكثير من الأعمال التي أثرت المكتبة المصرية والعربية.