كانت لدى وزير الإعلام السوداني رسالة واحدة واضحة بعد أن اعتقل ضباط أمن رئيس مخابراتهم السابق هي أنه تم كشف مؤامرة وألقي القبض على المتهمين وأن الأوضاع في البلاد الآن "مستقرة تماما". وبدت الأوضاع هادئة في الخرطوم أمس الجمعة بعد يوم من الاعتقالات، لكن الاعتقالات زادت الجدل في شوارع المدينة المتربة بشأن مستقبل زعيم البلاد وطرحت أسئلة جديدة بخصوص من قد يطيح به يوما ما. ويحكم الرئيس عمر حسن البشير قبضته على السلطة منذ ما يقرب من ربع قرن متمتعا بدعم الجيش والأجهزة الأمنية وقطاعات كبيرة من المتدينين. وتشير خطبه عادة إلى تهديدات من الخارج أي من الغرب وإسرائيل ومن المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت لائحة اتهام ضده فيما يتصل بفظائع ارتكبت في اقليم دارفور. لكن الرجل الذي اعتقل يوم الخميس لاتهامه بالتآمر "لإحداث الفوضى" هو صلاح قوش رئيس المخابرات السابق والذي كان يوما ما أحد أقوى الشخصيات نفوذا في دائرة المحيطين بالبشير واعتقل أيضا عدد من كبار الشخصيات من الجيش وأجهزة الأمن. وقال مجدي الجزولي الباحث في معهد الوادي المتصدع إن البشير يشعر دائما بالقلق من مشاركة جماعات المعارضة لكن التهديد الآن يأتي من الداخل معتبرا أن هناك فرقا كبيرا. وأضاف الجزولي أنه كانت هناك علامات على الشعور بخيبة الأمل داخل الجيش حيث كان الكثيرون ممن خاضوا حروب البشير في دارفور وفي الجنوب ينتظرون أن يتحرك الحرس القديم. وأضاف أن هناك في داخل النظام والجيش كثيرين يريدون المناصب حيث لم يعودوا صغارا وقال إن الأمر لا يتعلق بالإصلاح وإنما بالسلطة. ويتزايد أيضا الغضب العام بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم بعد انفصال جنوب السودان العام الماضي بموجب اتفاق السلام آخذا معه معظم الاحتياطيات النفطية للدولة قبل التقسيم. وقال دبلوماسيون ومحللون في السودان لرويترز إن لديهم شكوكا في أن تلك التوترات تراكمت لتصبح محاولة نشطة للقيام بانقلاب عسكري. وأضافوا أن الاعتقالات كانت تحذيرا آخر للذين قد يفكرون حتى داخل الجيش والأمن والأجهزة والحزب الحاكم أيضا في البحث عن بديل للبشير. وقال فيصل محمد صالح وهو صحفي بارز إن هذا صراع على السلطة داخل النظام وإن الاعتقالات كانت إجراء استباقيا. ومضى يقول إنه لا يعتقد أن المعتقلين كانوا قد دبروا أي شيء بعد وإنهم ربما أجروا بعض المكالمات الهاتفية أو عقدوا اجتماعات فحسب. وتدور بالفعل تساؤلات بخصوص مستقبل البشير بعد أن قال مسئول في حزب المؤتمر الوطني الحاكم العام الماضي في أعقاب احتجاجات الربيع العربي إنه لن يسعى لخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2015 . وزادت التكهنات بعد أن اضطر مسؤولون للإعلان عن خضوع البشير لجراحة في الحنجرة في قطر في أغسطس الماضي عندما بدأ الناس في الشارع يتساءلون عن سبب توقفه عن الظهور في المؤتمرات العامة. ويصر المسئولون على أنه بصحة جيدة بعد أن أجريت له جراحة أخرى في السعودية. لكن تراجع ظهوره في المناسبات العامة دفع الناس للاستمرار في التساؤل عن حالته.